آيات من القرآن الكريم

قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ
ﮩﮪﮫﮬ ﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞ ﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾ ﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌ

الأعراف «١» فاكتُفي بذلك، وقد شرحنا هناك معنى «يا ابن أم» واختلاف القراء فيها.
قوله تعالى: لا بِرَأْسِي
أي: بشعر رأسي. وهذا الغضب كان لله عزّ وجلّ لا لنفسه، لأنه وقع في نفسه، أن هارون عصى الله بترك اتِّباع موسى.
قوله تعالى: نِّي خَشِيتُ
أي: إن فارقتهم واتّبعتك نْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ
وفيه قولان: أحدهما: باتباعي إِياك ومن معي من المؤمنين. والثاني: بقتالي لبعضهم ببعض.
وفي قوله تعالى: لَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي
قولان: أحدهما: لم ترقب قولي لك: «اخلفني في قومي وأصلح». والثاني: لم تنتظر أمري فيهم.
[سورة طه (٢٠) : الآيات ٩٥ الى ٩٨]
قالَ فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُّ (٩٥) قالَ بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُها وَكَذلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي (٩٦) قالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أَنْ تَقُولَ لا مِساسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلى إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً (٩٧) إِنَّما إِلهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً (٩٨)
قوله تعالى: فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُّ أي: ما أمرك وشأنك الذي دعاك إِلى ما صنعت؟ قال ابن الأنباري: وبعض اللغويين يقول: الخطب مشتق من الخطاب. المعنى: ما أمرُك الذي تخاطب فيه؟! واختلفوا في اسم السامري على قولين «٢» : أحدهما: موسى أيضاً، قاله وهب بن منبه، وقال: كان ابن عم موسى بن عمران. والثاني: ميخا، قاله ابن السائب.
وهل كان من بني إِسرائيل، أم لا؟ فيه قولان: أحدهما: لم يكن منهم، قاله ابن عباس. والثاني:
كان من عظمائهم، وكان من قبيلة تسمى «سامرة»، قاله قتادة.
وفي بلده قولان: أحدهما: كرمان، قاله سعيد بن جبير. والثاني: باجرما، قاله وهب.

(١) سورة الأعراف: ١٥٠.
(٢) ليس في تسميته كبير فائدة، ولو تعلقت بذلك فائدة لذكره الله عز وجل.

صفحة رقم 173

قوله تعالى: بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ وقرأ حمزة والكسائي: «تَبصروا» بالتاء، فعلى قراءة الجمهور أشار إِلى بني إِسرائيل، وعلى هذه القراءة خاطب الجميع. قال أبو عبيدة: علمت ما لم يعلموا. قال: وقوم يقولون: بصرت، وأبصرت سواء، بمنزلة أسرعت، وسَرُعت. وقال الزجاج:
يقال: بصُر الرجل يبصُر: إِذا صار عليماً بالشيء، وأبصر يبصر: إِذا نظر. قال المفسرون: فقال له موسى: وما ذاك؟ قال: رأيت جبريل على فرس، فأُلقي في نفسي: أن اقبض من أثرها فَقَبَضْتُ قَبْضَةً، وقرأ أُبيُّ بن كعب، والحسن، ومعاذ القارئ: «قبصة» بالصاد. قال الفراء: والقبضة بالكفِّ كلِّها. والقبصة- بالصاد- بأطراف الأصابع. قال ابن قتيبه: ومثل هذا: الخضم بالفم كله، والقضم بأطراف الأسنان. والنضخ أكثر من النضح، والرجز: العذاب والرجس: النتن، والهُلاس في البدن، والسُّلاس في العقل، والغلط في الكلام، والغلت في الحساب، والخصر: الذي يجد البرد، والخرص: الذي يجد البرد والجوع، والنار الخامدة: التي قد سكن لَهَبها ولم يطفأ جمرها، والهامدة:
التي طفئت فذهبت البتَّة، والشُّكْد: العطاء ابتداءً، فإن كان جزاءً فهو شُكْم، والمائح: الذي يدخل البئر فيملأ الدلو، والماتح: الذي ينزعها.
قوله تعالى: فَنَبَذْتُها أي: فقذفتها في العجل. وقرأ أبو عمرو وحمزة، والكسائي، وخلف:
«فنبذتها» بالإِدغام وَكَذلِكَ أي: وكما حدثتك سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي أي: زيَّنتْ لي قالَ موسى فَاذْهَبْ أي: من بيننا فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أي: ما دمت حياً أَنْ تَقُولَ لا مِساسَ أي: لا أَمسُّ ولا أُمَسُّ، فصار السامريُّ يهيم في البرِّيَّة مع الوحش والسباع، لا يمسَّ أحداً، ولاَ يمَسُّه أحدٌ، عاقبه الله بذلك، وألهمه أن يقول: «لا مساس»، فكان إِذا لقيَ أحداً يقول: لا مساس، أي: لا تقربني، ولا تمسّني، وصار بذلك عقوبة لولده، حتى بقاياهم اليوم، فيما ذكر أهل التفسير، بأرض الشام يقولون ذلك. وحكي أنه إِن مس واحدٌ من غيرهم واحداً منهم، أخذتهما الحمَّى في الحال. قوله تعالى: وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً أي: لعذابك يوم القيامة لَنْ تُخْلَفَهُ أي: لن يتأخر عنك ومن كسر لام «تخلف» أراد: لن تغيب عنه.
قوله تعالى: وَانْظُرْ إِلى إِلهِكَ يعني: العجل الَّذِي ظَلْتَ قال ابن عباس: معناه: أقمت عليه، وقال الفراء: معنى «ظلت» : فعلته نهاراً. وقرأ أُبيُّ بن كعب، وأبو الجوزاء، وابن يعمر: «ظُلت» برفع الظاء. وقرأ ابن مسعود، وأبو رجاء، والأعمش، وابن أبي عبلة: «ظِلت» بكسر الظاء. وقال الزجاج: «ظَلت» و «ظلت» بفتح الظاء وكسرها، فمن فتح، فالأصل فيه: «ظللت» ولكن اللام حذفت لثقل التضعيف والكسر، وبقيت الظاء على فتحها، ومن قرأ: «ظِلت» بالكسر، حوَّل كسرة اللام على الظاء. ومعنى عاكِفاً مقيماً، لَنُحَرِّقَنَّهُ قرأ الجمهور لَنُحَرِّقَنَّهُ بضم النون وفتح الحاء وتشديد الراء، وقرأ علي بن أبي طالب، وأبو زرين، وابن يعمر: «لنَحْرقنه» بفتح النون وسكون الحاء ورفع الراء مخففة. وقرأ أبو هريرة، والحسن، وقتادة: «لنحرقنه» برفع النون وإِسكان الحاء وكسر الراء مخففة.
قال الزجاج: إِذا شدد فالمعنى: نحرقه مرة بعد مرة وتأويل «لنحرقنَّه» : لنبردنَّه، يقال: حرقت أحرُق وأحْرِق: إِذا بردت الشيء، والنسف: التذرية. وجاء في التفسير: أن موسى أخذ العجل فذبحه، فسال منه دم، لأنه كان قد صار لحماً ودماً، ثم أحرقه بالنار، ثم ذراه في البحر، ثم أخبرهم موسى عن إِلههم، فقال: إِنَّما إِلهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ أي: هو الذي يستحق العبادة، لا العجل،

صفحة رقم 174
زاد المسير في علم التفسير
عرض الكتاب
المؤلف
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي
تحقيق
عبد الرزاق المهدي
الناشر
دار الكتاب العربي - بيروت
سنة النشر
1422
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية