آيات من القرآن الكريم

قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى
ﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ ﮮﮯﮰﮱﯓﯔ ﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥ ﯧﯨﯩﯪﯫ ﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹ

أعدله. وفي الحديث عن النبي صلّى الله عليه وسلّم وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً [البقرة: ١٤٣] أي عدلا. قال زهير: [الوافر] ٢٩٠-

أرونا خطّة لا ضيم فيها يسوّى بيننا فيها السّواء «١»
[سورة طه (٢٠) : آية ٥٩]
قالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى (٥٩)
قالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ مبتدأ وخبره. قال أبو إسحاق: المعنى وقت موعدكم يوم الزينة. وقرأ الحسن مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ «٢» على الظرف. قال أبو إسحاق: أي يقع يوم الزينة وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى (أن) في موضع رفع، يعني على قراءة من قرأ «يوم الزينة» ظرف وأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ بمعنى المصدر، فلا يعطف أحدهما على صاحبه إلا على حذف بمعنى ويوم أن يحشر الناس، وأولى من هذا أن تكون «أن» في موضع خفض عطفا على الزينة، والضُّحى مؤنثة تصغّرها العرب بغير هاء لئلّا يشبه تصغيرها تصغير ضحوة.
[سورة طه (٢٠) : آية ٦١]
قالَ لَهُمْ مُوسى وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذابٍ وَقَدْ خابَ مَنِ افْتَرى (٦١)
قالَ لَهُمْ مُوسى وَيْلَكُمْ بمعنى المصدر. قال أبو إسحاق: أي الزمهم الله جلّ وعزّ ويلا، قال: ويجوز أن يكون نداء مضافا. فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذابٍ «٣» جواب النهي، وقرأ الكوفيون: فَيُسْحِتَكُمْ والأولى لغة أهل الحجاز، وهذه لغة بني تميم، قال الفرزدق: [الطويل] ٢٩١-
وعضّ زمان يا ابن مروان لم يدع من المال إلّا مسحتا أو مجلّف «٤»
ومعنى لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِباً لا تقولوا: إنّ الذي أجيء به من البراهين سحر وَقَدْ خابَ مَنِ افْتَرى أي خاب من الرحمة والثواب.
[سورة طه (٢٠) : الآيات ٦٢ الى ٦٣]
فَتَنازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوى (٦٢) قالُوا إِنْ هذانِ لَساحِرانِ يُرِيدانِ أَنْ يُخْرِجاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِما وَيَذْهَبا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى (٦٣)
قالُوا إِنْ هذانِ لَساحِرانِ فيه ست قراءات «٥» قرأ المدنيون والكوفيون إنّ هذان
(١) الشاهد لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ٨٤، ولسان العرب (سوا)، والمخصص ١٢/ ٦٠، وتهذيب اللغة ١٣/ ١٢٦، وتاج العروس (سوا).
(٢) انظر البحر المحيط ٦/ ٢٣٧.
(٣) انظر كتاب السبعة لابن مجاهد ٤١٩.
(٤) مرّ الشاهد رقم (٤٣٢).
(٥) انظر القراآت في كتاب السبعة لابن مجاهد ٤١٩، والبحر المحيط ٦/ ٢٣٨، ومعاني الفراء ٢/ ١٨٣.

صفحة رقم 30

لساحران وقرأ أبو عمرو إنّ هذين لساحران وهذه القراءة مروية عن الحسن وسعيد بن جبير وإبراهيم النخعي وعيسى بن عمر وعاصم الجحدري، وقرأ الزهري وإسماعيل بن قسطنطين والخليل بن أحمد وعاصم في إحدى الروايتين إِنْ هذانِ لَساحِرانِ بتخفيف إن.
فهذه ثلاث قراءات، قد رواها الجماعة عن الأئمة. وروي عن عبد الله بن مسعود إن هذان إلّا ساحران وقال الكسائي: في قراءة عبد الله إن هذان ساحران بغير لام، وقال الفراء «١» : في حرف أبيّ إن ذان إلّا ساحران فهذه ثلاث قراءات أخرى، تحمل على التفسير، إلا أنها جائز أن يقرأ بها لمخالفتها المصحف. قال أبو جعفر: القراءة الأولى للعلماء فيها ستة أقوال: منها أن يكون إنّ بمعنى نعم، كما حكى الكسائي عن عاصم قال العرب:
تأتي بإنّ بمعنى نعم، وحكى سيبويه: أنّ «إنّ» تأتي بمعنى أجل. وإلى هذا القول كان محمد بن يزيد وإسماعيل بن إسحاق يذهبان. قال أبو جعفر: ورأيت أبا إسحاق وأبا الحسن علي بن سليمان يذهبان إليه. وحدّثنا علي بن سليمان قال: حدّثنا عبد الله بن أحمد بن عبد السّلام النيسابوري، ثمّ لقيت عبد الله بن أحمد هذا فحدّثني قال: حدّثنا عمير بن المتوكل قال: حدّثنا محمد بن موسى النوفلي من ولد حارث بن عبد المطلب قال: حدّثنا عمرو بن جميع الكوفي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي وهو علي بن الحسين عن أبيه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه. قال: لا أحصي كم سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على منبره يقول: «إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ثم يقول: أنا أفصح قريش كلّها وأفصحها بعدي أبان بن سعيد بن العاص» «٢» قال أبو محمد: قال عمير: إعرابه عند أهل العربية في النحو إنّ الحمد لله بالنصب إلّا أن العرب تجعل «إنّ» في معنى نعم كأنه أراد: نعم الحمد لله، وذلك أن خطباء الجاهلية كانت تفتتح في خطبتها بنعم، وقال الشاعر في معنى نعم: [الكامل] ٢٩٢-
قالوا: غدرت فقلت إنّ وربّما... نال العلى وشفى الغليل الغادر «٣»
وقال ابن قيس الرقيات «٤» :[مجزوء الكامل] ٢٩٣-
بكر العواذل في الصّبوح... يلمنني وألومهنّه
ويقلن شيب قد علاك... وقد كبرت، فقلت: إنّه
فعلى هذا جائز أن يكون قول الله عزّ وجلّ: إِنْ هذانِ لَساحِرانِ بمعنى نعم.

(١) انظر معاني الفراء ٢/ ١٨٤، والبحر المحيط ٦/ ٢٣٨.
(٢) انظر تفسير الطبري ١١/ ٢١٨. [.....]
(٣) الشاهد بلا نسبة في تذكرة النحاة ٧٣٢، وجواهر الأدب ٣٤٨، وشرح المفصل ٣/ ١٣٠.
(٤) البيتان في ديوانه ص ٦٦، وخزانة الأدب ١١/ ٢١٣، وشرح أبيات سيبويه ٢/ ٣٧٥، وشرح شواهد المغني ١/ ١٢٦، ولسان العرب (أنن)، وبلا نسبة في الكتاب ٣/ ١٧٢، وأمالي ابن الحاجب ص ٣٥٤، وجمهرة اللغة ص ٦١، والجنى الداني ٣٩٩، وجواهر الأدب ٣٤٨، ورصف المباني ١١٩، وسرّ صناعة الإعراب ٢/ ٤٩٢ وشرح المفصل ٨/ ٦، ولسان العرب (بيد).

صفحة رقم 31

قال أبو جعفر: أنشدني داود بن الهيثم قال: أنشدني ثعلب: [الخفيف] ٢٩٤-

ليت شعري هل للمحبّ شفاء من جوى حبّهنّ إنّ اللّقاء «١»
أي: نعم، فهذا قول. وقال أبو زيد والكسائي والأخفش والفراء: هذا على لغة بني الحارث بن كعب. قال الفراء: يقولون: رأيت الزّيدان، ومررت بالزّيدان وأنشد: [الطويل] ٢٩٥-
فأطرق إطراق الشّجاع ولو يرى مساغا لناباه الشّجاع لصمّما «٢»
وحكى أبو الخطاب أنّ هذه لغة بني كنانة، وللفراء قول آخر قال: وجدت الألف دعامة ليست بلام الفعل فزدت عليها نونا ولم أغيرها، كما قلت: الذي، ثم زدت عليها نونا فقلت: جاءني الذين عندك، ورأيت الذين عندك. قال أبو جعفر: وقيل: شبّهت الألف في قولك: هذان بالألف في يفعلان، فلم تغير. قال أبو إسحاق: النحويون القدماء يقولون: الهاء هاهنا مضمرة، والمعنى: إنّه هذان لساحران. فهذه خمسة أقوال، قال أبو جعفر: وسألت أبا الحسن بن كيسان عن هذه الآية فقال: إن شئت أجبتك بجواب النحويين، وإن شئت أجبتك بقولي فقلت: بقولك، فقال: سألني إسماعيل بن إسحاق عنها فقلت: القول عندي أنه لما كان يقال: هذا في موضع الرفع والنصب والخفض على حال واحدة، وكانت التثنية يجب أن لا يغيّر لها الواحد أجريت التثنية مجرى الواحد، فقال: ما أحسن هذا لو تقدّمك بالقول به حتى يؤنس به، فقلت: فيقول القاضي «به» حتى يؤنس به فتبسّم. قال أبو جعفر: القول الأول أحسن إلّا أنّ فيه شيئا لأنه إنما قال: إنما يقال: نعم زيد خارج، ولا يكاد يقع اللام هاهنا، وإن كان النحويون قد تكلّموا في ذلك فقالوا: اللّام ينوى بها التقديم. وقال أبو إسحاق: المعنى إنّ هذان لهما ساحران، ثمّ حذف المبتدأ كما قال: [الرجز] ٢٩٦-
أمّ الحليس لعجوز شهربه «٣»
والقول الثاني من أحسن ما حملت عليه الآية إذ كانت هذه اللّغة معروفة، وقد
(١) لم أجده في المراجع اللغوية.
(٢) الشاهد للمتلمّس في ديوانه ٣٤، والحيوان ٤/ ٢٦٣، وخزانة الأدب ٧/ ٤٨٧، والمؤتلف والمختلف ص ٧١، وبلا نسبة في جمهرة اللغة ٧٥٧، وسرّ صناعة الإعراب ٢/ ٧٠٤، وشرح الأشموني ١/ ٣٤، وشرح المفصّل ٣/ ١٢٨.
(٣) الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص ١٧٠، وشرح التصريح ١/ ١٧٤، وشرح المفصّل ٣/ ١٣٠، وله أو لعنترة بن عروس في خزانة الأدب ١٠/ ٣٢٣، والدرر ٢/ ١٨٧، وشرح شواهد المغني ٢/ ٦٠٤، والمقاصد النحوية ١/ ٥٣٥، وبلا نسبة في لسان العرب (شهرب)، وجمهرة اللغة ص ١١٢١، وتاج العروس (شهرب) و (لوم)، وأوضح المسالك ١/ ٢١٠، وتخليص الشواهد ٣٥٨، والجنى الداني ص ١٢٨، ورصف المباني ٣٣٦، وسرّ صناعة الإعراب ١/ ٣٧٨، وشرح الأشموني ١/ ١٤١، وشرح ابن عقيل ص ١٨٥، وشرح المفصل ٧/ ٥٧، ومغني اللبيب ١/ ٢٣٠، وهمع الهوامع ١/ ١٤٠.

صفحة رقم 32
إعراب القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو جعفر أحمد بن محمد بن إسماعيل المصري النحوي
الناشر
منشورات محمد علي بيضون، دار الكتب العلمية، بيروت
سنة النشر
1421
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
إعراب القرآن
اللغة
العربية