آيات من القرآن الكريم

إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَىٰ
ﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬ

عليه وسلم انه ذكر الصلاة يوما فقال من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة ومن لم يحافظ عليها لم تكن له نورا ولا نجاة وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وأبيّ ابن خلف وروى الترمذي عن عبد الله بن شقيق قال كان اصحاب رسول الله ﷺ لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة- وبناء على ظاهر هذه الأحاديث قال احمد بن حنبل من ترك الصلاة متعمدا فقد كفر- وايضا وجه كونها أفضل العبادات انها حسنة لذاتها بخلاف اكثر العبادات فان الصوم لاجل قهو النفس الامارة بالسوء- والزكوة لدفع حاجة الفقير- والحج لتعظيم البيت ونحو ذلك- وللدلالة على كونها حسنة لذاتها ذكر الله علة للام بإقامتها فقال لِذِكْرِي (١٤) قرأ نافع وابو عمرو بفتح الياء والباقون بإسكانها- اى لتذكرنى فيها فانّ الصلاة بجميع اجزائه ذكر له تعالى واشتعال به بالقلب واللسان والجوارح- وقيل معنى لذكراى لانى ذكرتها في الكتب وأمرت بها فيها- وقيل معناه لان أذكرك بالرحمة والثناء قال رسول الله ﷺ يقول الله تعالى انا عند ظن عبدى بي وانا معه إذا ذكرنى فان ذكرنى في نفسه ذكرته في نفسى وان ذكرنى في ملأ ذكرته في ملأ خير منه- متفق عليه من حديث ابى هريرة وقيل هذا تقييد وليس بتعليل للامر بالإقامة ومعناه أقم الصّلوة لذكرى خاصة لا ترائى بها ولا تشوبها بذكر غيرى- وقيل معناه لاوقات ذكرى والاية على هذا مجمل ورد بيانه في موضع اخر بما قال أقم الصّلوة لدلوك الشّمس الى غسق اللّيل وقرّاء ان الفجر ونحو ذلك- وبحديث امامة جبرئيل المشهور وقيل معناه أقم الصّلوة لذكر صلاتى- عن انس قال قال رسول الله ﷺ من نسى صلوة او نام عنها فكفارتها ان يصليها أفأذكرها- وفي رواية لا كفارة لها الا ذلك قال الله تعالى أقم الصّلوة لذكرى متفق عليه وعن ابى قتادة قال قال رسول الله ﷺ ليس في النوم تغريط انما التفريط في اليقظة فاذا نسى أحدكم صلوة او نام عنها فليصلها إذا ذكرها فان الله تعالى قال وأقم الصّلوة لذكرى- رواه مسلم.
إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ الجملة في مقام التعليل للامر بالعبادة او مستانفة لبيان فائدتها او معترضة للترتيب وقال البغوي قيل معناه وانّ السّاعة اتية اى بتقدير حرف العطف أَكادُ أُخْفِيها
قال الأخفش معناه أريد أخفيها اى أخفى وقتها وقال البغوي لفظة كاد زائدة والمعنى أخفى وقتها- وقيل معناه أكاد أخفيها فلا أقول انها اتية ولولا ما في الاخبار من اللطف بالعباد قطع الاعذار لما أخبرت بإتيانها- نظيرة قوله تعالى تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ يعنى لولا حلم الله لتفطرت

صفحة رقم 131

السموات على القائلين باتخاذ الولد- قلت لعل فيه اشارة الى ان الايمان بالله وعبادته في مرتبة من الفضل والحسن والشرف كان حقيقا بين بكونان «١» مقصودين للناس بذاتهما لا نعرض وغاية وإتيان الساعة المشتملة على الجنة والنار وان كان من لوازم إتيانهما وعدم إتيانهما وثمراتهما المترتبة عليهما- لكن الايمان في نفسه عز وشرف لا بد من إتيانه- والكفر في نفسه ذل وخسران لا بد من التحرز عله فلولا اخبر الله تعالى بإتيان الساعة لم يكن ايمان من أمن بالله طمعا في الجنة او خوفا من النار بل خالصا لوجه الله- ومن هاهنا قال رسول الله ﷺ نعم الرجل صهيب لو لم يخف الله لم يعصه رواه «٢» يعنى لم يعصه لو لم يخف عذاب الله ولم تكن النار وقالت الرابعة البصرية أريد ان احرق الجنة وأطفئ النار حتى الى؟؟؟ د الناس الله خالصا لوجهه من غير خوف وطمع لكن الله سبحانه اخبر بإتيانها لطفا بالعباد وقطعا لاعذار الكفار واكثر المفسرين قالوا معناه أكاد أخفيها من نفسى فكيف يعلمها اى يعلم وقتها غيرى- ويؤيد هذا التأويل ان في بعض القراءات فكيف أظهرها لكم- وهذا الكلام على عادة العرب انهم إذا بالغوا في كتمان الشيء قالوا كتمت سرك من نفسى اى اخفيه غاية الإخفاء- والحكمة في الإخفاء التهويل والتخويف لا لهم إذا لم لعلموا متى تقوم الساعة كانوا على حذر منها كل وقت- وقيل معناه أكاد أظهرها من أخفاه إذا سلب خفاه- قال البيضاوي يؤيد هذا المعنى القراءة بفتح الهمزة قال البغوي قرأ بفتح الالف ومعناه أظهرها يقال خفيت الشيء إذا اظهرته وأخفيته إذا سترته كذا في النهاية للجزرى- فان قيل إذا كان الخفاء المجرد بمعنى الإظهار وهمزة الإخفاء للسلب فكيف يكون معنى الإخفاء على القراءة المتواترة الإظهار وكيف يويدها قراءة الحسن- قلت المجرد قد يكون بمعنى الإظهار وقد يكون بمعنى الستر قال في القاموس خفى يخفى يعنى مثل ربى يرمى خفيا وخفيا أظهره واستخرجه كاختفاه وخفى يخفى كرضى يرضى خفاء فهو خاف وخفى لم يظهر- فعلى هذا إذا زيد همزة الافعال على المجر والمفتوح العين في الماضي ومكسوره في الغابر كان معناه الستر وسلب الإظهار كما هو المشهور وإذا زيد على مكسور العين في الماضي كان معناه الإظهار وسلب الستر لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى (١٥) متعلق بآتية او باخفيها على معنى أظهرها وكذا على معنى أكاد أخفى إتيانها فلا أقول اتية يعنى لا اخبر بإتيانها حتى تجزى كل نفس عملت حبّا لله من غير طمع في الجنة وخوف من النار بجزاء ما تسغى وذلك الجزاء هو لقاء الله ومراتب قربه

(١) هكذا في الأصل وهو كما ترى ١٢ الفقير الدهلوي
(٢) بياض في الأصل ١٢ ابو محمد عفى عنه
.

صفحة رقم 132
التفسير المظهري
عرض الكتاب
المؤلف
القاضي مولوي محمد ثناء الله الهندي الفاني فتي النقشبندى الحنفي العثماني المظهري
تحقيق
غلام نبي تونسي
الناشر
مكتبة الرشدية - الباكستان
سنة النشر
1412
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية