آيات من القرآن الكريم

إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَىٰ
ﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬ ﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷ ﭹﭺﭻﭼ ﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊ ﮌﮍﮎ ﮐﮑﮒﮓﮔ ﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝ ﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩ ﮫﮬﮭﮮ

الْحَفِيدُ أَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ الْبَجَلِيُّ [١] أَنَا عَفَّانُ أَنَا هَمَّامٌ أنا قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مِنْ نَسْيِ صَلَاةً فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا لَا كَفَّارَةَ لَهَا إِلَّا ذَلِكَ»، ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ بَعْدَ ذَلِكَ: وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي.
[سورة طه (٢٠) : الآيات ١٥ الى ٢٣]
إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى (١٥) فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْها مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِها وَاتَّبَعَ هَواهُ فَتَرْدى (١٦) وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسى (١٧) قالَ هِيَ عَصايَ أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي وَلِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى (١٨) قالَ أَلْقِها يَا مُوسى (١٩)
فَأَلْقاها فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعى (٢٠) قالَ خُذْها وَلا تَخَفْ سَنُعِيدُها سِيرَتَهَا الْأُولى (٢١) وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرى (٢٢) لِنُرِيَكَ مِنْ آياتِنَا الْكُبْرى (٢٣)
إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها، قِيلَ: مَعْنَاهُ إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أخفيها وأكاد صِلَةٌ وَأَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ قَالُوا:
مَعْنَاهُ أَكَادُ أُخْفِيهَا مِنْ نَفْسِي، وَكَذَلِكَ هو فِي مُصْحَفِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: «أَكَادُ أُخْفِيهَا مِنْ نَفْسِي فَكَيْفَ يَعْلَمُهَا مَخْلُوقٌ»، وَفِي بَعْضِ الْقِرَاءَاتِ [٢] «فَكَيْفَ أُظْهِرُهَا لَكُمْ» وَذَكَرَ ذَلِكَ عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ إِذَا بَالَغُوا فِي كِتْمَانِ الشَّيْءِ يَقُولُونَ كَتَمْتُ سِرَّكَ مِنْ نَفْسِي أَيْ أَخْفَيْتُهُ غَايَةَ الإخفاء والله تعالى لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ وَقَالَ [الْأَخْفَشُ] [٣] أَكَادُ أَيْ أُرِيدُ وَمَعْنَى الْآيَةِ أَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أُرِيدُ أُخْفِيهَا، وَالْمَعْنَى فِي إِخْفَائِهَا [٤] التَّهْوِيلُ وَالتَّخْوِيفُ لِأَنَّهُمْ إِذَا لَمْ يَعْلَمُوا مَتَى تَقُومُ السَّاعَةُ كَانُوا عَلَى حَذَرٍ مِنْهَا كُلَّ وَقْتٍ، وَقَرَأَ الحسن [أخفيها] [٥] بِفَتْحِ الْأَلِفِ أَيْ أُظْهِرُهَا، يُقَالُ: خَفِيتُ الشَّيْءَ إِذَا أَظْهَرْتَهُ وَأَخْفَيْتُهُ إِذَا سَتَرْتُهُ، قَوْلُهُ تَعَالَى: لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى، أَيْ بِمَا تَعْمَلُ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ.
فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْها، فَلَا يَصْرِفَنَّكَ عَنِ الْإِيمَانِ بِالسَّاعَةِ، مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِها وَاتَّبَعَ هَواهُ، مُرَادُهُ خَالَفَ أَمْرَ اللَّهِ فَتَرْدى، أَيْ فَتَهْلَكَ.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسى (١٧)، سُؤَالُ تَقْرِيرٍ وَالْحِكْمَةُ فِي هَذَا السُّؤَالِ تَنْبِيهُهُ وَتَوْقِيفُهُ عَلَى أَنَّهَا عَصًا حَتَّى إِذَا قَلَبَهَا حَيَّةً عَلِمَ أنها مُعْجِزَةٌ عَظِيمَةٌ، وَهَذَا عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ يَقُولُ الرَّجُلُ لِغَيْرِهِ: هَلْ تَعْرِفُ هَذَا وَهُوَ لَا يَشُكُّ أَنَّهُ يَعْرِفُهُ، وَيُرِيدُ أَنْ يَنْضَمَّ [٦] إِقْرَارُهُ بِلِسَانِهِ إِلَى مَعْرِفَتِهِ بِقَلْبِهِ.
قالَ هِيَ عَصايَ، قيل: وكان لَهَا شُعْبَتَانِ وَفِي أَسْفَلِهَا سِنَانٌ وَلَهَا مِحْجَنٌ، قَالَ مُقَاتِلٌ: اسْمُهَا نبعة، أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها، أَعْتَمِدُ عَلَيْهَا إِذَا مَشَيْتُ وإذا عييت وَعِنْدَ الْوَثْبَةِ، وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي، أضرب

وأحمد ٣/ ٢٦٩ والبيهقي ٢/ ٢١٨ و٤٥٦ من طرق عن همام به.
- وأخرجه مسلم ٦٨٤ والترمذي ١٧٨ والنسائي ١/ ٢٩٣ وابن ماجه ٦٩٦ وأحمد ٣/ ٢٤٣ وابن حبان ١٥٥٥ وأبو عوانة ٢/ ٢٥٢ والبيهقي ٢/ ٢١٨ من طرق عَنْ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ به.
- وأخرجه مسلم ٦٨٤ ح ٣١٥ وأحمد ٣/ ١٠٠ والدارمي ١/ ٢٨٠ وأبو عوانة ١/ ٣٨٥ و٢/ ٢٦٠ من طرق عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عن قتادة به.
وانظر الحديث المتقدم في سورة الكهف عند آية: ٢٤.
(١) تصحف في المطبوع «الجبلي».
(٢) في المطبوع «القراءة».
(٣) سقط من المطبوع.
(٤) في المخطوط «حقائها».
(٥) زيادة عن المخطوط.
(٦) في المخطوط «يتضمن».

صفحة رقم 258

بِهَا الشَّجَرَةَ الْيَابِسَةَ لِيَسْقُطَ وَرَقُهَا فَتَرْعَاهُ الْغَنَمُ، وَقَرَأَ عِكْرِمَةُ وَأَهُسُّ بِالسِّينِ غَيْرِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ أَزْجُرُ بها الغنم، والهس زَجْرُ الْغَنَمِ، وَلِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى، حَاجَاتٌ وَمَنَافِعُ أُخْرَى، جَمْعُ مَأْرَبَةٍ بِفَتْحِ الرَّاءِ [وَضَمِّهَا] [١] وَلَمْ يقل أخر لرؤوس الآي، وأراد بالمئارب مَا يُسْتَعْمَلُ فِيهِ الْعَصَا فِي السفر، فكان يَحْمِلُ بِهَا الزَّادَ وَيَشُدُّ بِهَا الْحَبْلَ فَيَسْتَقِي الْمَاءَ مِنَ الْبِئْرِ، وَيَقْتُلُ بِهَا الْحَيَّاتِ وَيُحَارِبُ بِهَا السِّبَاعَ، وَيَسْتَظِلُّ بِهَا إِذَا قَعَدَ وَغَيْرُ ذَلِكَ.
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ مُوسَى كَانَ يَحْمِلُ عَلَيْهَا زَادَهُ وَسِقَاءَهُ، فَجَعَلَتْ تُمَاشِيهِ وتحادثه وَكَانَ يَضْرِبُ بِهَا الْأَرْضَ فَيَخْرُجُ مَا يَأْكُلُ يَوْمَهُ، وَيَرْكُزُهَا فَيَخْرُجُ الْمَاءُ فَإِذَا رَفَعَهَا ذَهَبَ الْمَاءُ وإذا اشتهى ثمرة ركزها فتفصّنت [٢] غصنا كالشجرة وَأَوْرَقَتْ وَأَثْمَرَتْ، وَإِذَا أَرَادَ الِاسْتِقَاءَ مِنَ الْبِئْرِ أَدْلَاهَا فَطَالَتْ عَلَى طُولِ الْبِئْرِ وَصَارَتْ شُعْبَتَاهَا كَالدَّلْوِ حَتَّى يَسْتَقِيَ، وَكَانَتْ تُضِيءُ بِاللَّيْلِ بِمَنْزِلَةِ السِّرَاجِ، وَإِذَا ظَهَرَ لَهُ عَدُوٌّ كَانَتْ تُحَارِبُ وَتُنَاضِلُ عَنْهُ.
قالَ، اللَّهُ تَعَالَى، أَلْقِها يَا مُوسى، انْبِذْهَا، قَالَ وَهْبٌ: ظَنَّ مُوسَى أَنَّهُ يَقُولُ ارْفُضْهَا.
فَأَلْقاها، عَلَى وَجْهِ الرَّفْضِ [٣] ثُمَّ حَانَتْ مِنْهُ نَظْرَةٌ، فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ، صَفْرَاءُ مِنْ أَعْظَمِ مَا يَكُونُ مِنَ الْحَيَّاتِ، تَسْعى، تَمْشِي بِسُرْعَةٍ عَلَى بَطْنِهَا وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخر: كَأَنَّها جَانٌّ [القصص: ٣١] وَهِيَ الْحَيَّةُ الصَّغِيرَةُ الْخَفِيفَةُ [٤] الْجِسْمِ، وقال في موضع: [فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ [الأعراف: ١٠٧]، وهي أَكْبَرُ مَا يَكُونُ مِنَ الْحَيَّاتِ، فَأَمَّا الْحَيَّةُ فَإِنَّهَا تَجْمَعُ الصَّغِيرَ وَالْكَبِيرَ وَالذَّكَرَ وَالْأُنْثَى، وَقِيلَ: الْجَآنُّ عِبَارَةٌ عَنِ ابْتِدَاءِ حَالِهَا فَإِنَّهَا كَانَتْ حَيَّةً عَلَى قَدْرِ الْعَصَا ثُمَّ كَانَتْ تَتَوَرَّمُ وَتَنْتَفِخُ حَتَّى صارت ثعبان، وَالثُّعْبَانُ عِبَارَةٌ عَنِ انْتِهَاءِ حَالِهَا، وَقِيلَ: إِنَّهَا كَانَتْ فِي عِظَمِ الثعبان خفة [٥] الْجَانِّ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: نَظَرَ مُوسَى فَإِذَا الْعَصَا حَيَّةٌ مِنْ أَعْظَمِ مَا يَكُونُ مِنَ الْحَيَّاتِ صَارَتْ شُعْبَتَاهَا شِدْقَيْنِ لَهَا، والمحجن عنقا لها وَعُرْفًا تَهْتَزُّ كَالنَّيَازِكِ، وَعَيْنَاهَا تَتَّقِدَانِ كَالنَّارِ تَمُرُّ بِالصَّخْرَةِ الْعَظِيمَةِ مِثْلَ الحلقة من الإبل، فتلتقمها وَتَقْصِفُ الشَّجَرَةَ الْعَظِيمَةَ بِأَنْيَابِهَا، وَيُسْمَعُ لِأَسْنَانِهَا صَرِيفٌ عَظِيمٌ، فَلَمَّا عَايَنَ ذَلِكَ مُوسَى وَلَّى مُدْبِرًا وَهَرَبَ، ثُمَّ ذَكَرَ رَبَّهُ فَوَقَفَ اسْتِحْيَاءً مِنْهُ، ثُمَّ نُودِيَ أَنْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَارْجِعْ حَيْثُ كُنْتَ، فَرَجَعَ وَهُوَ شَدِيدُ الْخَوْفِ.
قالَ خُذْها، بِيَمِينِكَ، وَلا تَخَفْ سَنُعِيدُها سِيرَتَهَا الْأُولى، هَيْئَتَهَا الْأُولَى أَيْ نَرُدُّهَا عَصًا كَمَا كَانَتْ، وَكَانَ عَلَى مُوسَى مُدَرَّعَةٌ مِنْ صُوفٍ قد خللها بِعِيدَانٍ [٦] فَلَمَّا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: خُذْها وَلا تَخَفْ لَفَّ طَرَفَ الْمُدَرَّعَةِ عَلَى يَدِهِ، فَأَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَكْشِفَ يده فكشفها، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ: أَنَّهُ لَمَّا لَفَّ كُمَّ الْمُدَرَّعَةِ عَلَى يَدِهِ قَالَ لَهُ مَلَكٌ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَذِنَ اللَّهُ بِمَا تُحَاذِرُهُ أَكَانَتِ الْمُدَرَّعَةُ تُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا؟ قَالَ: لَا [٧] ولكن ضَعِيفٌ وَمِنْ ضَعْفٍ خُلِقْتُ، فَكَشَفَ عَنْ يَدِهِ ثُمَّ وَضَعَهَا [فِي فَمِ الْحَيَّةِ] [٨] فَإِذَا هِيَ عَصًا كَمَا كَانَتْ وَيَدُهُ فِي شُعْبَتِهَا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَ يَضَعُهَا إِذَا تَوَكَّأَ. قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُرِيَ مُوسَى مَا أَعْطَاهُ مِنَ الْآيَةِ الَّتِي لَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا مَخْلُوقٌ لِئَلَّا يَفْزَعَ مِنْهَا إِذَا أَلْقَاهَا عند فرعون. وقوله: سِيرَتَهَا نصب

(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) في المطبوع «فجعلت تماشيه».
(٣) في المطبوع وحده «الأرض». [.....]
(٤) في المخطوط «الخفية».
(٥) في المطبوع «سرعة».
(٦) زيد في المطبوع «من الخلال».
(٧) في المخطوط «بلى».
(٨) زيادة عن المخطوط.

صفحة رقم 259
معالم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
محيي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي
تحقيق
عبد الرزاق المهدي
الناشر
دار إحياء التراث العربي -بيروت
سنة النشر
1420
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
5
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية