آيات من القرآن الكريم

وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ۖ لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا ۖ نَحْنُ نَرْزُقُكَ ۗ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ
ﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟ ﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮ ﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂ ﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏ

وقوله: ﴿لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ﴾.
أي: / لنبتليهم فيه. وقيل: لنجعل لهم ذلك فتنة.
قوله تعالى: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بالصلاة﴾ إلى آخر السورة.
أي: وامر أهلك بالدوام على الصلاة، واصطبر على القيام عليها والإتيان بها بحدودها. ﴿لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً﴾ أي: أن ترزق نفسك ولا ترزق أحداً من العباد. وكان عمر رضي لله عنه إذا قام من الليل صلى، فإذا كان من السحر أيقظ أهله فقال: الصلاة الصلاة وتأول هذه الآية، وامر أهلك بالصلاة... الآية.
وكان رسول الله ﷺ إذا نزل بأهله ضيق أو شدة، أمرهم بالصلاة ثم قرأ ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بالصلاة﴾... الآية.
وكان رسول الله ﷺ إذا حزبه أمر يصلي.
وقال ﷺ في رواية عثمان بن عفان عنه: " من توضأ فأحسن الوضوء ثم صلى ركعتين غفر له ".

صفحة رقم 4720

قال محمد بن كعب: وكنت إذا سمعت الحديث طلبت تصديقه في كتاب الله تعالى، فطلبت تصديق هذا فوجدته في كتاب الله تعالى في قوله: لنبيه ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً * لِّيَغْفِرَ لَكَ الله مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ﴾ [الفتح: ١ - ٢] فجعل تمام النعمة أن غفر له ذنبه، وقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الذين آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصلاة فاغسلوا وُجُوهَكُمْ﴾ إلى قوله: ﴿وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ﴾ [المائدة: ٦] فعلمت حين جعل تمام النعمة على النبي ﷺ المغفرة أنها هنا، مثل ذلك حين قال: وليتم عليكم فهو المغفرة.
ثم قال: ﴿والعاقبة للتقوى﴾.
أي: والعاقبة الصالحة من عمل كل عامل لأهل التقوى.
ثم قال تعالى: ﴿وَقَالُواْ لَوْلاَ يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِّن رَّبِّهِ﴾.
أي: وقل المشركون هلاّ يتينا محمد بآية من ربه، كما أتى صالح قومه بالناقة من ربه، وعيسى بإحياء الموتى، وإبراء الأكمه والأبرص.
ثم قال تعالى جواباً لهم: ﴿أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصحف الأولى﴾.
أي: ما في الكتاب التي قبل هذا الكتاب من أخبار الأمم من قبلهم التي

صفحة رقم 4721

أهلكناهم لما سألوا الآيات. فكروا بها لما أتتهم كيف عجلنا لهم العذاب.
فالمعنى: فيما يؤمنهم إن أتتهم آية أن يكون حالهم كحال أولئك.
قال مجاهد: ﴿مَا فِي الصحف الأولى﴾: التوراة والإنجيل.
وقال قتادة: ﴿الصحف الأولى﴾ الكتب التي خلت من الأمم التي يمشون في مساكنهم.
ثم قال تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّآ أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِّن قَبْلِهِ﴾.
أي: ولو أنا أهلكنا هؤلاء المشركين الذين يكذبون بهذا القرآن بعذاب من قبل ننزله عليهم.
وقيل: من قبل أن نبعث داعيً يدعوهم إلى ما فرضنا عليهم. فالهاء تعود على القرآن، أو على النبي.
ثم قالت: ﴿لَقَالُواْ رَبَّنَا لولا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً﴾.
أي: لقالوا يوم القيامة إذا وردوا على الله تعالى، فأراد عقابهم: ربنا هلاّ أرسلت إليها رسولاً يدعونا إلى طاعتك فنتبع آياتك، أي: حججك وأدلتك وأمرك ونهيك من قبل أن تذل بتعذيبك لنا ونخزي بها.

صفحة رقم 4722

روى الخدري عن النبي ﷺ أنه قال: " يحتج على الله تعالى يوم القيامة ثلاثة: الهالك في الفترة، والمغلوب على عقله، والصبي الصغير. فيقول المغلوب على عقله: لم يجعل لي عقلاً أنتفع به، ويقول الهالك: لم يأتني رسول ولا نبي، ولو أتاني لك رسول أو نبي لكنت أطوع خلقك لك، وقرأ ﴿لولا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً﴾ ويقول الصغير: كنت صغيراً لا أعقل قال فترفع لهم النار فيقال لهم ردوها. قال: فيردها من كان في علم الله أنه سعيد، ويتلكأ عنها من كان في علم الله أنه شقي. فيقول: إياي عصيتم، فكيف برسلي لو أتتكم ".
ثم قال: ﴿قُلْ كُلٌّ مُّتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُواْ﴾.
أي قل يا محمد: كلكم أيها المشركون متربص، أي: منتظر دوائر الزمان، فتربصوا، أي: فترقبوا، وانتظروا ﴿فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصراط السوي﴾.
أي: من أهل الطريق المعتدل المستقيم، أنحن أم أنتم؟.
﴿وَمَنِ اهتدى﴾.
أي: وستعلمون حينئذ من المهتدي الذي هو على سنن الطريق القاصد، غير الجائر عن قصده منا ومنكم.
" وممن " استفهام في موضع رفع، / لا يعمل فيها ستعلمون.
وأجاز الفراء: أن تكون في موضع نصب قوله: ستعلمون. بمنزلة

صفحة رقم 4723

﴿والله يَعْلَمُ المفسد مِنَ المصلح﴾ [البقرة: ٢٢٠].
فإن جعلت " مَنْ " غير استفهام، جاز أن يعمل فيها ما قبلها.
وقرأ يحيى بن يعمر وعاصم الجحدري: " السَّوَّى " بتشديد الواو من غير همز على " فعلى " أراد السوأي. ثم سهل الهمزة على البدل والإدغام وأنثها لأن الصراط يؤنث، والتذكير فيه أكثر.

صفحة رقم 4724
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية