
طويل عَنية (١)، ومنه قول الشاعر (٢):
قَطَعْتَ الدَّهْرَ كَالسَّدِمِ المُعَنَّى | تُهَدِّرُ في دِمَشْقَ ومَا تَرِيمُ |
وقوله تعالى: ﴿وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا﴾ قال ابن عباس: (يريد حْسر من أشرك بالله -عز وجل-) (٤).
١١٢ - قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ﴾ يجوز أن تكون ﴿مِن﴾ هو للتبعيض فيكون المعنى: شيئًا من الصالحات، ويجوز أن تكون للجنس فيكون المعنى: ومن يعمل الصالحات ﴿وَهُوَ مُؤْمِنٌ﴾ جملة في موضع نصب على الحال.
(٢) البيت للوليد بن عقبة يخاطب فيه معاوية رضي الله عنهما.
السَّدِمُ: الذي يرغب عن فحلته فيحال بينه وبين الافه ويقيد إذا هاج، فيرعى حوالي الدار، وإن سأل جعل له حجام يمنعه عن فتح فمه. الهدير: تردد صوت البعير في حنجرته. الريم: البراح يقال: ما يريم يفع ذلك أي: ما يبرح، وريم المكان: أقام به.
انظر: "تهذيب اللغة" (عني) ٣/ ٢٥٨٠، "الصحاح" (عنا) ٦/ ٢٤٤١، "لسان العرب" (سدم) ٤/ ١٩٧٦.
(٣) "تفسير غريب القرآن" لابن قتيبة ٢٨٢.
(٤) "معالم التنزيل" ٥/ ٢٩٦، "زاد السير" ٥/ ٣٢٤، "روح المعاني" ١٦/ ٢٦٦.

وقوله تعالى: ﴿فَلَا يَخَافُ﴾ في موضع جواب الشرط، والمبتدأ محذوف مراد بعد الفاء، المعنى: فهو لا يخاف (١). وهذا كقوله: ﴿وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ﴾ [المائدة: ٩٥]، ﴿وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا﴾ [البقرة: ١٢٦]، ﴿فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ﴾ [الجن: ١٣].
وقرأ ابن كثير: فلا يخف على النهي (٢). وهو حسن؛ لأن المعنى: ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فيأمن؛ لأنه لم يفرط فيما وجب عليه، ونهيه عن الخوف أمر بالأمن، ولفظ الآية في قوله: فلا تخف على النهي، والمراد الخبر بأن المؤمن الصالح لا خوف عليه، وإذا كان كذلك كان معنى القراءتين واحد (٣).
وقوله تعالى: ﴿ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا﴾ قال الفراء: (تقول العرب: هضمت لك من حقي أي: تركته) (٤).
وقال المبرد، والزجاج: (الهضم النقص، يقال: فلان هضمني حقي، أي: نقصني، وكذلك هذا يهضم الطعام أي: ينقص ثقله) (٥). ومنه للدواء هَاضوم؛ لأنه يقع في الطعام الذي كظ فيهضمه، وقيل للخميص
(٢) قرأ نافع، وابن عامر، وأبو عمرو، وعاصم، وحمزة، والكسائي: (فلا يخاف) بالألف على الخبر. وقرأ ابن كثير المكي: (فلا يخف) على النهي.
انظر: "السبعة" ص ٤٢٤، "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٢٥١، "حجة القراءات" ص ٤٦٤، "المبسوط في القراءات" ص٢٥٠.
(٣) "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٢٥٢.
(٤) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ١٩٣.
(٥) "معاني القرآن" للزجاج ٢/ ٣٧٧.

البطن: هضم (١). وقال أبو عبيدة: (﴿وَلَا هَضْمًا﴾ نقيصة (٢)، وأنشد للبيد (٣):
ومُقَسِّمٌ يُعْطِي العَشِيْرَةَ حَقَّهَا | ومُغَذْمِرٌ لِحُقُوقِهَا هَضَّامُهَا |
وقال في رواية عطاء: (لا ينتقص من ثوابه، ولا يحط من حسناته) (٦). وأجاد الضحاك في قوله: (لا يخاف ظلما): (لا يؤخذ بذنب لم يعمله {وَلَا
(٢) "مجاز القرآن" لأبي عبيدة ٢/ ٣١.
(٣) البيت للبيد بن ربيعة العامري.
غَذْمَر: المغذمر الذي يركب الأمور فيأخذ من هذا ويعطي هذا ويدع لهذا من حقه، ويقال للرئيس الذي يسوس عشيرته بما شاء من عدل وظلم: مغذمر.
انظر: "ديوانه" ص ١٧٩، "مجاز القرآن" لأبي عبيدة ٢/ ٣١، "شرح القصائد العشر" للتبريزي ص ٢٠٥، "شرح المحلقات السبع" للزوزني ص ٢٥٠، "تهذيب اللغة" (غذمر) ٣/ ٢٦٤٢، "لسان العرب" (غذمر) ٦/ ٣٢٢٢.
(٤) "جامع البيان" ١٦/ ٢١٨، "الكشف والبيان" ٣/ ٢٥/ ب، "النكت والعيون" ٣/ ٤٢٨، "معالم التنزيل" ٥/ ٢٩٦، "زاد المسير" ٥/ ٣٢٤، " الدر المنثور" ٤/ ٥٥٢.
(٥) "جامع البيان" ١٦/ ٢١٧، "الكشف والبيان" ٣/ ٢٥ ب، "تفسير كتاب الله العزيز" ٣/ ٥٣، "النكت والعيون" ٣/ ٤٢٨.
(٦) ذكرت نحوه كتب التفسير بدون نسبة. انظر: "جامع البيان" ١٦/ ٢١٨، "المحرر الوجيز" ١٠/ ٩٧، "النكت والعيون" ٣/ ٤٢٨، "معالم التنزيل" ٥/ ٢٩٧، "زاد المسير" ٥/ ٣٢٤.