آيات من القرآن الكريم

يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ ۖ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَٰنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا
ﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰ

وقال السدي: (العوج: الطريق في الجبال، والأمت: الروابي) (١). فهذه أقوال أهل اللغة والمفسرين في الأَمْت أنه: المرتفع.
وروى أبو بكر الهذلي عن الحسن قال: (العوج: ما انخفض من الأرض، والأمت: ما نشز من الروابي) (٢).
١٠٨ - قوله تعالى: ﴿يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ﴾ قال الفراء: (صوت الداعي للحشر) (٣).
قال المفسرون: (يتبعون صوت داعي الله تعالى الذي يدعوهم إلى موقف القيامة) (٤).
﴿لَا عِوَجَ لَهُ﴾ قال الفراء: (لا عوج لهم عن الداعي، وجاز أن يقول: ﴿لَهُ﴾؛ لأن المذهب إلى الداعي وصَوته، فهو كما تقول في الكلام: دَعَوتني دَعْوةً لا عوج لك عنها، أي: إني لا أعوج لك ولا عنك) (٥).
وقال أبو إسحاق: (المعنى لا عِوَج لهم عن دعُائة، لا يقدرون أن لا

(١) ذكرت كتب التفسير نحوه بدون نسبة. انظر: "معالم التنزيل" ٥/ ٢٩٥، "زاد المسير" ٥/ ٣٢٣، "الجامع لأحكام القرآن" ١١/ ٢٤٦، "تفسير القرآن العظيم" ٣/ ١٨٣.
(٢) "معالم التنزيل" ٥/ ٢٩٥.
وقال الطبري -رحمه الله- في "جامع البيان" ١٦/ ٢١٣: (أصوب الأقوال في تأويله: ولا ارتفاع ولا انخفاض؛ لأن الانخفاض لم يكن إلا عن ارتفاع، فإذا كان ذلك كذلك فتأويل الكلام لا ترى فيها ميلا عن الاستواء ولا ارتفاعًا ولا انخفاضًا ولكنها مستوية ملساء كما قال جل ثناؤه: ﴿قَاعًا صَفْصَفًا﴾).
(٣) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ١٩٢.
(٤) "جامع البيان" ١٦/ ٢١٤، "الكشف والبيان" ٣/ ٢٤، "تفسير كتاب الله العزيز" ٣/ ٥٢، "معالم التنزيل" ٥/ ٢٩٥.
(٥) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ١٩٢.

صفحة رقم 526

يَتَّبِعوا) (١). وهذا معنى قول ابن عباس: (يريد: البعيد والقريب سواء كلهم يتبع الصوت ولا يتعوج عنه) (٢).
﴿وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ﴾ قال الوالبي عنه: (يريد: سكنت) (٣).
وقال عطاء: (يريد: خضعت وذلت) (٤). وهو قول السدي: (ذلت) (٥). وهو قوله: ﴿فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا﴾ همس الأقدام أخفى ما يكون من الصوت، وقال أبو عبيدة: (الهمس والرِّكْز واحد وهو: الصوت الخفي. ويقال: همس لي بكذا، أي: أخفاه إلي) (٦). وذكر عن ابن عباس أنه تمثل بقول الراجز (٧):
وَهُنَّ يَمْشِيْنَ بِنَا هَمِيْسَا
يعني: صوت أخفاف الإبل في سيرها. وقال أبو الهيثم: (إذا مَضَغَ

(١) "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٣٧٧.
(٢) ذكره الطبري في "جامع البيان" ١٦/ ٢١٤ بدون نسبة.
(٣) "جامع البيان" ١٦/ ٢١٤، "الجامع لأحكام القرآن" ١١/ ٢٤٧، "تفسير القرآن العظيم" ٣/ ١٨٤.
(٤) ذكره البغوي في "معالم التنزيل" ٥/ ٢٩٥ بدون نسبة.
(٥) ذكرته كتب التفسير بدون نسبة. انظر: "بحر العلوم" ٢/ ٣٥٥، "عالم التنزيل" ٥/ ٢٩٥، "الجامع لأحكام القرآن" ١١/ ٢٤٧.
(٦) "مجاز القرآن" لأبي عبيدة ٢/ ٣٠.
(٧) هذا صدر بيت من الرجز ذكرته كتب التفسير واللغة بلا نسبة. وعجزه:
إن يصدق الطير تبكي لميسا
انظر: "جامع البيان" ١٦/ ٢١٤، "الكشف والبيان" ٣/ ٢٥ أ، "النكت والعيون" ٣/ ٤٢٧، "الجامع لأحكام القرآن" ١١/ ٢٤٧، "مجمع البيان" ٧/ ٤٩، "روح المعاني" ١٦/ ١٦٤، "معاني القرآن" للفراء ٢/ ١٩٢، "تهذيب اللغة" (همس) ٤/ ٣٧٩٣، "لسان العرب" (همس) ٨/ ٤٧٠٠.

صفحة رقم 527

الرجل الكلام وفُوه مُنضَمُّ قيل: هَمَس يَهْمِس هَمْسا) (١). قال (٢):
يَأْكُلْنَ مَا في رَحْلِهِنَّ هَمْسَا
والهَمُوسُ من أسماء الأسد؛ لأنه يَهْمِس في الظلمة، أي: يطأ وطأً خفيا (٣). ومنه قول أبي زبيد (٤) (٥):

فَيَأتُوان يُدْلِجُون ويَأْتِ يَسرِي بَصِيرٌ بِالدُّجَي هَادٍ هَمُوسُ
يعني: الأسد.
قال ابن عباس في رواية الوالبي في قوله: ﴿إِلَّا هَمْسًا﴾ يقول: (الصوت الخفي) (٦).
وفسر ذلك الصوت في رواية سعيد بن جبير وعطاء فقال: (يريد
(١) "تهذيب اللغة" (همس) ٤/ ٣٧٩٣.
(٢) لم أهتد إلى قائله، وقد ذكرته كتب التفسي بلا نسبة. وقبله:
لقد رأيت عجبًا قد أمسا عجائزًا مثل السعالي خمسا
انظر: "خزانة الأدب" ٧/ ١٦٧، "شرح شذور الذهب" ١٢٨، "الكتاب" ٣/ ٢٨٤، "المقاصد النحوية" ٤/ ٣٥٧، "أوضح المسالك" ٤/ ١٣٢، "جمهرة الذهب" ص ٨٤١، "شرح المفصل" ٤/ ١٠٦، "تهذيب اللغة" (همس) ٤/ ٣٧٩٣، "تاج العروس" (همس) ٤/ ٢٧٥، "لسان العرب" (همس) ٨/ ٤٧٠٠.
(٣) "تهذيب اللغة" (همس) ٤/ ٣٧٩٣
(٤) تقدمت ترجمته في سورة البقرة.
(٥) البيت لأبي زبيد الطائي. الدلجة: سير السحر، يقال: أدلج القوم: ساروا من آخر الليل. الدجى: سواد الليل. انظر: "تهذيب اللغة" (همس) ٤/ ٣٧٩٣، "لسان العرب" (همس) ١/ ٤٧٠٠.
(٦) "جامع البيان" ٦/ ٢١٥، "النكت والعيون" ٣/ ٤٢٧، "الجامع لأحكام القرآن" ١١/ ٢٤٧، "تفسير القرآن العظيم" ٣/ ١٨٤، "الدر المنثور" ٤/ ٥٥١.

صفحة رقم 528
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية