آيات من القرآن الكريم

لَا تَرَىٰ فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا
ﮜﮝﮞﮟﮠﮡ

قوله: ﴿لاَّ ترى فِيهَا عِوَجاً﴾ : يجوز في هذه الجملةِ أن تكونَ مستأنفةً، وأن تكونَ حالاً من الجبال، ويجوزُ أن تكونَ صفةً للحال المتقدمةِ وهي «قاعاً» على أحدِ التأويلين، أو صفة للمفعولِ الثاني على التأويل الآخر.
والعِوَج: تقدم الكلامُ عليه. قال الزمخشري هنا: «فإنْ قلتَ: قد

صفحة رقم 105

فَرَّقوا بين العَوَج والعِوَج. قالوا: العِوَج بالكسر في المعاني، وبالفتح في الأَعْيان، والأرضُ عينٌ، فكيف صَحَّ فيها كَسْرُ العينِ؟ قلت: اختيارُ هذا اللفظِ له موقعٌ حَسَنٌ بديعٌ في وصفِ الأرضِ بالاستواءِ والمَلاسة ونفيِ الاعوجاج عنها، على أبلغِ ما يكونُ: وذلك أنك لو عَمَدْتَ إلى قطعةِ أرضٍ فَسَوَّيْتَها، وبالَغْتَ في التسوية على عينِك وعيونِ البُصَراء، واتَّفَقْتُمْ على أنَّه لم يَبْقَ فيها اعوجاجٌ قطٌ، وثم استَطْلَعْتَ رأي المهندس فيها وأمرته أن يَعْرِضَ استواءَها على المقاييسِ الهندسيةِ لَعَثَر فيها على عِوَجٍ في غير موضعٍ، لا يُدْرَكُ ذلك بحاسَّةِ البصرِ، ولكن بالقياسِ الهندسِيِّ، فنفى اللهُ تعالى ذلك العِوَجَ الذي دَقَّ ولَطُفَ عن الإِدراك، اللهم إلاَّ بالقياس الذي يَعْرِفُه صاحبُ التقديرِ الهندسيِّ. وذلك الاعوجاجُ كمَّا لم يُدْرَكْ إلاَّ بالقياسِ دون الإِحساسِ لَحِقَ بالمعاني فقيل فيه» عِوج «بالكسر».
والأمْتُ: النُّبُوُّ اليسيرُ. يقال: مَدَّ حبلَه حتى ما فيه أَمْتٌ. وقيل: الأمْتُ: التَلُّ، وهو قريبٌ من الأولِ. وقيل: الشُّقوقُ في الأرضِ. وقيل: الأكامُ.

صفحة رقم 106
الدر المصون في علوم الكتاب المكنون
عرض الكتاب
المؤلف
أبو العباس، شهاب الدين، أحمد بن يوسف بن عبد الدائم المعروف بالسمين الحلبي
تحقيق
أحمد بن محمد الخراط
الناشر
دار القلم
عدد الأجزاء
11
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية