آيات من القرآن الكريم

أُولَٰئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ ۖ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ
ﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟ ﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕ ﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤ

من اجترح سيئة أو اقترف خطيئة اقترافا اشترك فيه قلبه ولسانه وجوارحه حتى كأن الخطيئة سور حوله فأولئك البعيدون في الضلال أصحاب النار الملازمون لها هم فيها خالدون، ومنهم أنتم بل أنتم أولى من غيركم بالعذاب.
ومن آمن وعمل صالحا من كل جنس ولون فأولئك الذين مس الدين شغاف قلوبهم وهم أصحاب الجنة هم فيها خالدون، وهذا وعد للمؤمنين ووعيد للكافرين ليظهر الفرق جليا.
ميثاق بنى إسرائيل [سورة البقرة (٢) : الآيات ٨٣ الى ٨٦]
وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ (٨٣) وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ وَلا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (٨٤) ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِنْكُمْ مِنْ دِيارِهِمْ تَظاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسارى تُفادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْراجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يُرَدُّونَ إِلى أَشَدِّ الْعَذابِ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (٨٥) أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (٨٦)

صفحة رقم 51

المفردات:
مِيثاقَ الميثاق: العهد المؤكد الذي أخذ عليهم في التوراة. إِحْساناً:
تحسنون إلى الوالدين إحسانا. ذِي الْقُرْبى: صاحب القربى من جهة الرحم أو العصب. تَوَلَّيْتُمْ: أعرضتم. تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ: تقتلون الأنفس بغير حق. تَظاهَرُونَ: تتعاونون. بِالْإِثْمِ: الذنب. الْعُدْوانِ:
الاعتداء. أُسارى: أسرى خِزْيٌ: ذل وهوان. اشْتَرَوُا:
استبدلوا.
المعنى:
يبين الله- سبحانه- مدى مخالفة اليهود للتوراة وأنهم كاذبون كذبا صريحا في ادعائهم أنهم مؤمنون بها، إذ قد أخذ الله عليهم فيها العهود المؤكدة أنهم لا يعبدون إلا الله- سبحانه- وأنهم يحسنون إلى الوالدين إحسانا كاملا، وأمروا بالعطف على الأقارب واليتامى والمساكين كل بما يناسبه ويقدر عليه من غير تعب ولا مشقة، وأمروا بالقول الحسن الذي لا إثم فيه ولا شر، وأن يؤدوا صلاتهم مقومة تامة وزكاتهم كاملة، ولكنهم أعرضوا عن هذا كله مع أن هذه الأوامر تكفل سعادة المجتمع وحياته حياة هادئة هنيئة، ولكنهم اليهود جبلوا على لؤم الطبع وحب المادة، فلن نرى منهم إحسانا ولا عطفا ولا خيرا، اللهم إلا نفر قليل منهم كعبد الله بن سلام وأضرابه، وإذا كان هذا شأنهم مع كتابهم فلا تأس عليهم يا محمد ولا تحزن.
ميثاق آخر لهم بشأن حقوق الغير خاصة الأقارب والمواطنين، ومن هذا حالهم فهل يكون لهم إلا الخزي والعار؟ ولا أمل فيهم أصل!!

صفحة رقم 52

واذكر يا محمد لهم وقت أن أخذنا عليهم في التوراة العهود المؤكدة بألا يقتل بعضهم بعضا، ولا يسفك دمه بغير حق شرعي، ولا يخرج بعضهم بعضا من دياره ووطنه.
وفي تعبير القرآن الكريم بقوله: لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ (الآية) إشارة إلى أن دم كل فرد من أفراد الأمة كأنه دم الآخر بعينه، حتى إذا سفكه كان كأنه قتل نفسا أو انتحر بيده مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ (الآية:
٣٢ من سورة المائدة). ثم أقررتم أيها اليهود المعاصرون بالميثاق الذي أخذ على آبائكم واعترفتم به واعتقدتموه بقلوبكم ولم تنكروه بلسانكم فالحجة قائمة عليكم.
ثم بعد أن سجل الله عليهم اعترافهم بالميثاق واعتقادهم له استبعد منهم أن يأتوا بما يخالفه بأن يقتل بعضهم بعضا، ويخرج بعضهم بعضا من ديارهم مع أنهم إخوانهم في الدين واللغة والنسب متعاونين مع الغير بالذنب والعدوان ومعصية الرسول، وأن أخذوا أسرى حرب تنقذونهم بالمال، والإخراج والقتل محرم عليكم في التوراة فكيف تفعلونه؟ وبأى حق تؤمنون ببعض الكتاب وتمتثلون لآية مفاداة الأسرى وتكفرون بالآيات الناطقة بتحريم القتل والإخراج والتعاون بالإثم والاعتداء فتفعلون ذلك.
وإذا حصل منكم أنكم آمنتم ببعض التوراة وكفرتم بالبعض الآخر فليس لكم جزاء على هذا الفعل الشنيع إلا ذل وهوان في الدنيا وعذاب أليم دائم في الآخرة، وما الله بغافل عن أعمالكم أبدا، بل سيجازيكم عليها حتما.
أولئك اليهود الذين يفعلون هذا آثروا الحياة الدنيا كالرياسة الكاذبة والمال على الآخرة وما فيها من نعيم مقيم للمؤمنين، فهم باعوا آخرتهم بدنياهم وبئس ما باعوا وهم لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون في الدنيا والآخرة.
وهكذا كل أمة لها دين تؤدى بعض أحكامه كالصلاة والصوم والحج ولا تؤدى بعض أحكامه الأخرى كما إذا شاع فيها الربا والزنى والرشوة والسرقة ولم تتعاون على الخير ولم تؤد الزكاة، وبخل أغنياؤها على فقرائها... إلخ!! وأخوف ما أخاف أن يطبق علينا هذا الوعيد.
وقد كان يهود المدينة شعبين: بنو قريظة والنضير، فحالفت قريظة الأوس وحالفت النضير الخزرج فكان كل فريق يقاتل الآخر مع حلفائه، ويخرب ديارهم ويخرجهم منها، فإذا أسروا فدوهم، وإذا سئلوا في ذلك يقولون أمرنا بالفداء في التوراة (آمنوا

صفحة رقم 53
التفسير الواضح
عرض الكتاب
المؤلف
محمد محمود حجازي
الناشر
دار الجيل الجديد
سنة النشر
1413
الطبعة
العاشرة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية