آيات من القرآن الكريم

وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً ۚ قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ ۖ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ
ﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿ ﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙ ﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩ ﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖ

والأَمَانِيُّ: جمع أُمْنِيَّة، واختلف في معنى أَمانِيَّ، فقالت طائفة: هي هاهنا من:
تمنَّى الرجل، إذا ترجى، فمعناه أن منهم من لا يكْتُب ولا يقرأ، وإنما يقول بظنِّه شيئاً سمعه، فيتمنى أنه من الكتاب.
وقال آخرون: هي من تمنى إذا تلا، ومنه قول الشاعر: [الطويل]
تمنى كِتَابَ اللَّهِ أَوَّلَ لَيْلِهِ... وَآخِرَهُ لاقى حِمَامَ المَقْادِرِ «١»
فمعنى الآية: أنهم لا يَعْلَمُون الكتاب إِلاَّ سماع شيْءٍ يتلى، لا عِلْمَ لهم بصحَّته.
وقال الطبريُّ: هي من تَمَنَّى الرجُلِ، إذا حدَّث بحديث مختلَقٍ كذبٍ، أي: لا يعلمون الكتاب إِلا سماعَ أشياء مختلَقَةٍ من أحبارهم، يظنُّونها من الكتاب.
ص «٢» : وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ: «إن» : نافية بمعنى «ما». انتهى.
[سورة البقرة (٢) : الآيات ٧٩ الى ٨٢]
فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ (٧٩) وَقالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ (٨٠) بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٨١) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٨٢)
وقوله تعالى: فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ... الآية.
٢٦ أقال الخليلُ: «الوَيْلُ» : شِدَّةُ الشر، وهو مصدر، / لا فِعْلَ له، ويجمع على وَيْلاَتٍ، والأحسن فيه إِذا انفصل: الرفْعُ لأنه يقتضي الوقُوعَ، ويصحُّ النصب على معنى الدُّعَاء، أي: ألزمه اللَّه وَيْلاً، ووَيْلٌ ووَيْحٌ ووَيْسٌ تتقاربُ في المعنى، وقد فرق بينها قوم.
وروى سفيانُ، وعطاءُ بنُ يَسارٍ أن الوَيْلَ في هذه الآية وادٍ يجري بفناءِ جهنَّم من صديد أهل النار «٣».

(١) البيت من شواهد «المحرر الوجيز» (١/ ١٦٩) و «البحر المحيط» (١/ ٤٣٦)، و «الدر المصون» (١/ ٢٦٩). [.....]
(٢) «المجيد» ص ٣٠٨.
(٣) أخرجه الطبري (١/ ٤٢٣) برقم (١٣٩٩) بلفظ «واد في جهنم لو سيرت فيه الجبال لا نماعت من شدة حره»، وذكره السيوطي في «الدر» (١/ ١٥٩)، وعزاه لابن مبارك في «الزهد»، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والبيهقي في «البعث».

صفحة رقم 268

وروى أبو سعيد الخدريّ عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم «أنه وادٍ في جهنَّم بيْن جبَلَيْنِ يَهْوِي فيه الهاوِي أربعِينَ خَرِيفاً» «١».
وروى عثمانُ بن عفّان عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم «أنه جَبَلٌ مِنْ جِبَالِ النَّار» «٢»، والذين يكْتُبُونَ:
هم الأحبار والرؤساء.
وبِأَيْدِيهِمْ قال ابن السَّرَّاج «٣» : هي كناية عن أنه من تلقائهم دون أن ينزل عليهم، والذي بدّلوه هو صفة النبيّ صلّى الله عليه وسلم ليستديمُوا رياستهم ومكاسبهم، وذكر السُّدِّيُّ أنهم كانوا يكتبون كتبا يبدّلون فيها صفة النبيّ صلّى الله عليه وسلم ويبيعونَهَا من الأَعراب، ويبثُّونها في أتباعهم، ويقولون هي من عبد اللَّه «٤»، والثَّمَنُ: قيل: عَرَضُ الدنيا، وقيل: الرُّشَا والمآكل التي كانت لهم، ويَكْسِبُونَ معناه: من المعاصي، وقيل: من المال الذي تضمنه ذكر الثَّمَن.
وقوله تعالى: وَقالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً... الآية: روى ابن زَيْد وغيره أنَّ سببها أن النبيّ صلّى الله عليه وسلم قَالَ لِلْيَهُودِ: «مَنْ أَهْلُ النَّارِ؟ فَقَالُوا: نَحْنُ، ثمّ تخلفونا أنتم،

(١) أخرجه الترمذي (٥/ ٣٢٠) كتاب «تفسير القرآن»، باب سورة الأنبياء، حديث (٣١٦٤)، وأحمد (٣/ ٧٥)، وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند» رقم (٩٢٤)، وأبو يعلى (٢/ ٥٢٣) رقم (١٣٨٣)، وابن حبان (٢٦١٠- موارد)، والطبري (٢٩/ ١٥٥)، والحاكم (٤/ ٥٩٦)، ونعيم بن حماد في «زوائده» على «الزهد» لابن المبارك رقم (٣٣٤)، والبيهقي في «البعث والنشور» (ص ٢٧١) رقم (٤٦٤) من طرق عن دراج أبي السمح عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري مرفوعا.
وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي قلت: وسنده ضعيف لضعف دراج كما هو معروف، وبعضهم يقبل حديثه عن أبي الهيثم.
قال الحافظ في «التقريب» (١/ ٢٣٥) : دراج صدوق في حديثه عن أبي الهيثم، ضعيف.
والحديث ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (١/ ١٥٩)، وزاد نسبته إلى هناد، وابن أبي الدنيا في «صفة النار»، وابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه.
(٢) أخرجه الطبري في تفسيره (١/ ٤٢٢) عن عثمان.
(٣) محمد بن السري بن سهل، أبو بكر: أحد أئمة الأدب والعربية. من أهل «بغداد»، كان يلثغ بالراء فيجعلها غينا. ويقال: ما زال النحو مجنونا حتى عقله ابن السراج بأصوله. مات شابا. وكان عارفا بالموسيقى. من كتبه: «الأصول» في النحو، و «شرح كتاب سيبويه»، و «الشعر والشعراء»، و «الخط والهجاء»، و «المواصلات والمذكرات في الأخبار». توفي في سنة ٣١٦ هـ.
ينظر: «بغية الوعاة» (٤٤)، و «طبقات النحويين واللغويين» (١٢٢)، و «نزهة الألباء» (٣١٣)، و «الأعلام» (٦/ ١٣٦).
(٤) أخرجه الطبري (١/ ٤٢٢) برقم (١٣٩١)، وذكره السيوطي في «الدر» (١/ ٦٦٠)، وعزاه لابن أبي حاتم.

صفحة رقم 269
الجواهر الحسان في تفسير القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي
تحقيق
عادل أحمد عبد الموجود
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
سنة النشر
1418
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية