آيات من القرآن الكريم

فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥ ﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸ

أو عليه»
وهو بمعنى قوله: «لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ» وقوله: «وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى».
[سورة البقرة (٢) : الآيات ٥٨ الى ٥٩]
وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (٥٨) فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ (٥٩)
تفسير المفردات
القرية لغة: مجتمع الناس ومسكن النمل، ثم غلب استعمالها في البلاد الصغيرة، وليس ذلك بالمراد هنا بل المراد المدينة الكبيرة، لأن الرغد لا يتسنى إلا فيها، والرغد:
الهنيء ذو السعة، والباب هو أحد أبواب بيت المقدس ويدعى الآن (باب حطّة)، وسجدا: أي ناكسى الرءوس، والمحسن: من فعل ما يجمل في نظر العقل ويحمد في لسان الشرع، وتقول بدّلت قولا غير الذي قيل: أي جئت بذلك القول مكان القول الأول، والرجز: العذاب.
المعنى الجملي
ذكر سبحانه في هاتين الآيتين بعض ما اجترحوه من السيئات، فقد أمرهم أن يدخلوا قرية من القرى خاشعين لله، فعصى بعضهم وخالف أمر ربه، فأنزل عليهم عذابا من السماء جزاء ما ارتكبوه من المعاصي واقترفوه من الآثام.

صفحة رقم 123

الإيضاح
(وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ) لم يعين الكتاب الكريم هذه القرية فلا حاجة إلى تعيينها، وهم قد دخلوا بلادا كثيرة، وإن كان المروي عن ابن عباس وابن مسعود وقتادة وغيرهم أنها بيت المقدس.
(فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً) أي فكلوا منها أكلا هنيئا ذا سعة في أي مكان شئتم.
(وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ) أي وادخلوا باب حطة خشّعا ناكسى الرءوس تواضعا لله، وقد يكون المعنى: إذا دخلتم الباب فاسجدوا لله شكرا على ما أنعم عليكم، إذ أخرجكم من التيه، ونصركم على عدوكم، وأعادكم إلى ما تحبون، وقولوا نسألك ربنا أن تحط عنا ذنوبنا وخطايانا التي من أهمها كفران النعم.
(نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ) أي إذا فعلتم ما ذكر استجبنا دعاءكم وكفّرنا خطاياكم.
(وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ) أي وسنزيد المحسنين ثوابا من فضلنا، وقد أمرهم بشيئين:
عمل يسير، وقول صغير، ووعدهم بغفران السيئات، وزيادة الحسنات.
(فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ) أي فخالفوا الأمر ولم يتبعوه، وجعل المخالفة تبديلا إشارة إلى أن الذي يؤمر بالشيء فيخالفه كأنه أنكر أنه أمر به وادعى أنه أمر بغيره، وليس المراد أنهم أمروا بحركة يأتونها وكلمة يقولونها على سبيل التعبد، وجعل ذلك سببا لغفران الذنوب عنهم، فقالوا غيرها وخالفوا الأمر وكانوا من الفاسقين، فما أسهل الكلام على الناس يحركون به ألسنتهم، وإنما يعصى العاصي ربه إذا كلّف ما يثقل عليه، وحمّل غير ما اعتاد، لما في ذلك من ترك النفس ما ألفت، واستيحاشها من غير ما عرفت.
(فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ) لم يعين الكتاب

صفحة رقم 124
تفسير المراغي
عرض الكتاب
المؤلف
أحمد بن مصطفى المراغي
الناشر
شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابى الحلبي وأولاده بمصر
الطبعة
الأولى، 1365 ه - 1946 م
عدد الأجزاء
30
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية