آيات من القرآن الكريم

كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ۖ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ
ﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩ ﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾ

اللَّهِ أَوْلِياءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً [العنكبوت: ٤١]، قالت اليهود: ماذا [١] أَرَادَ اللَّهُ بِذِكْرِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الْخَسِيسَةِ؟.
وَقِيلَ: قَالَ الْمُشْرِكُونَ: إِنَّا لَا نَعْبُدُ إِلَهَا يَذْكُرُ مِثْلَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي، أَيْ: لَا يَتْرُكُ وَلَا يَمْنَعُهُ الْحَيَاءُ أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا [أي] [٢] يَذْكُرُ شَبَهًا، مَا بَعُوضَةً، مَا:
صلة، أي: مثلا بالبعوضة، وبعوضة: نَصْبُ بَدَلٍ عَنِ الْمَثَلِ، وَالْبَعُوضُ صغار البق، سمّيت بعوضة لأنها [٣] بَعْضُ الْبَقِّ، فَما فَوْقَها، يَعْنِي: الذُّبَابَ وَالْعَنْكَبُوتَ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: أَيْ: فَمَا دُونَهَا، كَمَا يُقَالُ: فُلَانٌ جَاهِلٌ، فَيُقَالُ: وَفَوْقَ ذَلِكَ، أَيْ: وَأَجْهَلُ.
فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا: بِمُحَمَّدٍ وَالْقُرْآنِ، فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ، يَعْنِي: الْمَثَلُ هُوَ الْحَقُّ: الصِّدْقُ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا؟ أَيْ: بِهَذَا الْمَثَلِ، فَلَمَّا حَذَفَ الألف واللام نصب عَلَى الْحَالِ وَالْقَطْعِ، ثُمَّ أَجَابَهُمْ فقال: يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً من الكفار، وذلك أنهم يكذبون فَيَزْدَادُونَ ضَلَالًا، وَيَهْدِي بِهِ، أَيْ: بهذا المثل كَثِيراً من الْمُؤْمِنِينَ فَيُصَدِّقُونَهُ، وَالْإِضْلَالُ هُوَ الصَّرْفُ عَنِ الْحَقِّ إِلَى الْبَاطِلِ [٤]، وَقِيلَ: هُوَ الْهَلَاكُ، يُقَالُ: ضَلَّ الْمَاءُ فِي اللَّبَنِ إِذَا هَلَكَ، وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ: الْكَافِرِينَ، وَأَصْلُ الْفِسْقَ: الْخُرُوجُ، يُقَالُ: فَسَقَتِ الرطبة إذا خرجت عن قِشْرِهَا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ [الْكَهْفِ: ٥٠]، أَيْ: خَرَجَ، ثُمَّ وَصَفَهُمْ فَقَالَ:
الَّذِينَ يَنْقُضُونَ: يُخَالِفُونَ وَيَتْرُكُونَ، وَأَصْلُ النَّقْضِ: الْكَسْرُ، عَهْدَ اللَّهِ: أَمْرُ اللَّهِ الَّذِي عَهِدَ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْمِيثَاقِ بِقَوْلِهِ: أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى [الْأَعْرَافِ: ١٧٢]، وَقِيلَ: أَرَادَ بِهِ الْعَهْدَ الَّذِي أَخَذَهُ عَلَى النَّبِيِّينَ وَسَائِرِ الْأُمَمِ أَنْ يُؤْمِنُوا بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ [آلِ عِمْرَانَ: ٨١] الْآيَةَ، وَقِيلَ: أَرَادَ بِهِ الْعَهْدَ الَّذِي عَهِدَ إِلَيْهِمْ فِي التَّوْرَاةِ أَنْ يُؤْمِنُوا بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُبَيِّنُوا نَعْتَهُ، مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ:
تَوْكِيدِهِ، وَالْمِيثَاقُ: الْعَهْدُ الْمُؤَكَّدُ، وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ، يَعْنِي: الْإِيمَانَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِجَمِيعِ الرُّسُلِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ لِأَنَّهُمْ قَالُوا: نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ [النساء: ١٥٠]، وَقَالَ الْمُؤْمِنُونَ: لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ، وَقِيلَ: أَرَادَ بِهِ الْأَرْحَامَ، وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ: بِالْمَعَاصِي وَتَعْوِيقِ النَّاسِ عَنِ الْإِيمَانِ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِالْقُرْآنِ، أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ: الْمَغْبُونُونَ، ثُمَّ قَالَ لِمُشْرِكِي العرب على وجه التعجب:
[سورة البقرة (٢) : الآيات ٢٨ الى ٢٩]
كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢٨) هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٢٩)
كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ؟ بَعْدَ نَصْبِ الدَّلَائِلِ وَوُضُوحِ الْبَرَاهِينِ [٥]، ثُمَّ ذَكَرَ الدَّلَائِلَ [٦] فَقَالَ:
وَكُنْتُمْ أَمْواتاً: نُطَفًا فِي أَصْلَابِ آبَائِكُمْ، فَأَحْياكُمْ: فِي الْأَرْحَامِ وَالدُّنْيَا، ثُمَّ يُمِيتُكُمْ عِنْدَ انْقِضَاءِ آجَالِكُمْ، ثُمَّ يُحْيِيكُمْ: لِلْبَعْثِ [٧]، ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ، أَيْ: تُرَدُّونَ في الآخرة فيجزيكم

(١) في المطبوع «ما».
(٢) زيادة عن المخطوط- أ-.
(٣) زيد في المطبوع «كانت».
(٤) كذا في المطبوع ونسخة- ط- وفي المخطوط «بالباطل».
(٥) في المطبوع «البرهان». [.....]
(٦) في المخطوط «الدليل».
(٧) في المخطوط «بالبعث».

صفحة رقم 100
معالم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
محيي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي
تحقيق
عبد الرزاق المهدي
الناشر
دار إحياء التراث العربي -بيروت
سنة النشر
1420
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
5
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية