آيات من القرآن الكريم

فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ۖ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ
ﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣ ﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱ ﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥ ﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵ ﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆ

[سورة البقرة (٢) : الآيات ٢٧٧ الى ٢٨١]

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٢٧٧) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٧٨) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ (٢٧٩) وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٨٠) وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (٢٨١)
أخذوا ما شرطوا على الناس من الربا وبقيت لهم بقايا، فأمروا أن يتركوها ولا يطالبوا بها.
وروى أنها نزلت في ثقيف وكان لهم على قوم من قريش مال فطالبوهم عند المحل بالمال والربا.
وقرأ الحسن رضى اللَّه عنه: ما بقي، بقلب الياء ألفا على لغة طيئ: وعنه ما بقي بياء ساكنة. ومنه قول جرير:
هُوَ الْخَلِيفَةُ فَارْضَوْا مَا رَضِى لَكُمُو مَاضِى الْعَزِيمَةِ مَا فِى حُكْمِهِ جَنَفُ «١»
إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ إن صح إيمانكم، يعنى أنّ دليل صحة الإيمان وثباته امتثال ما أمرتم به من ذلك فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ فاعلموا بها، من أذن بالشيء إذا علم به. وقرئ: فآذنوا، فأعلموا بها غيركم، وهو من الإذن وهو الاستماع، لأنه من طرق العلم. وقرأ الحسن: فأيقنوا، وهو دليل لقراءة العامّة. فإن قلت: هلا قيل بحرب اللَّه ورسوله؟ قلت: كان هذا أبلغ، لأن المعنى: فأذنوا بنوع من الحرب عظيم عند اللَّه ورسوله. وروى أنها لما نزلت قالت ثقيف: لا يدىْ لنا بحرب اللَّه ورسوله. وَإِنْ تُبْتُمْ من الارتباء فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ المديونين «٢» بطلب الزيادة عليها وَلا تُظْلَمُونَ بالنقصان منها. فإن قلت: هذا حكمهم إن تابوا، فما حكمهم لو لم يتوبوا قلت: قالوا: يكون مالهم فيئا للمسلمين، وروى المفضل عن عاصم: لا تظلمون ولا تظلمون وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ وإن وقع غريم من غرمائكم ذو عسرة أو ذو إعسار: وقرأ عثمان رضى اللَّه عنه:
(١). أى هو المعروف بالعدل. أو هو الخليفة الكامل فارضوا ما رضى لكم من الأحكام. وتسكين آخر «رضى» ونحوه: لغة شاذة. ماضى العزيمة: نافذ الحكم، ليس في حكمه جنف: أى ميل عن الحق إلى غيره.
(٢). قوله «المديونين بطلب الزيادة» القياس المدينين، فلعل هذا مسموع شذوذاً، وسيعبر به فيما بعد أيضا. (ع)

صفحة رقم 322

ذا عسرة على: وإن كان الغريم ذا عسرة. وقرئ: ومن كان ذا عسرة فَنَظِرَةٌ أى فالحكم أو فالأمر نظرة وهي الإنظار. وقرئ: فنظرة بسكون الظاء. وقرأ عطاء: فناظره. بمعنى فصاحب الحق ناظره: أى منتظره، أو صاحب نظرته على طريقة النسب كقولهم: مكان عاشب وباقل، أى ذو عشب وذو بقل. وعنه: فناظره، على الأمر بمعنى فسامحه بالنظرة وياسره بها إِلى مَيْسَرَةٍ إلى يسار. وقرئ بضم السين، كمقبرة ومقبرة ومشرقة ومشرقة. وقرئ بهما مضافين بحذف التاء عند الإضافة كقوله:
وَأخْلَفُوكَ عِدَا الأَمْرِ الَّذِى وَعَدُوا «١»
وقوله تعالى: (وَأَقامَ الصَّلاةَ). وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ ندب إلى أن يتصدقوا برءوس أموالهم على من أعسر من غرمائهم أو ببعضها، كقوله تعالى: (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى) وقيل:
أريد بالتصدق الإنظار لقوله صلى اللَّه عليه وسلم «لا يحل دين رجل مسلم فيؤخره إلا كان له بكل يوم صدقة» «٢» إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ أنه خير لكم فتعملوا به، جعل من لا يعمل به وإن علمه كأنه لا يعلمه. وقرئ (تصدّقوا) بتخفيف الصاد على حذف التاء تُرْجَعُونَ قرئ على البناء للفاعل والمفعول: وقرئ: يرجعون بالياء على طريقة الالتفات. وقرأ عبد اللَّه: تردّون: وقرأ أبىّ:
تصيرون. وعن ابن عباس أنها آخر آية نزل بها جبريل عليه السلام وقال: ضعها في رأس المائتين والثمانين من البقرة. وعاش رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بعدها أحدا وعشرين يوما. وقيل أحدا وثمانين. وقيل سبعة أيام. وقيل ثلاث ساعات.

(١).
إن الخليط أجدوا البين وانجردوا وأخلفوك عدا الأمر الذي وعدوا
لأبى أمية الفضل بن العباس بن عتبة بن أبى لهب. وقيل: لزهير. والخليط: المخالط في العشرة، وهو كالعشير.
يقال للواحد والمتعدد. وأجدوا البين: اجتهدوا في الفراق. وانجردوا. مضوا. وعدا الأمر: أصله عدة الأمر، وأصلها وعد، فعوضت التاء عن الواو، ثم حذفت التاء للاضافة كالتنوين على لغة، واختلف فقيل إنها سماعية.
وقيل إنها قياسية. واشتراطهم للحذف عدم اللبس- فيمتنع في شجرة زيد للبس بشجر زيد- يؤيد كونها قياسية.
وفي المراح: أن حذف تاء التعويض جائز هنا اتفاقا. أما عند سيبويه فلأن التعويض عنده من الأمور الجائزة.
وأما عند الفراء فلأنه لا يوجب التاء إلا عند عدم الاضافة، وهي هنا متحققة فتقوم مقام العوض، وعائد الموصول محذوف، أى الأمر الذي وعدوه إياك.
(٢). رواه ابن ماجة من رواية الأعمش عن أبى داود نفيع عن بريدة رفعه «من أنظر معسراً كان له بكل يوم صدقة. ومن أنظره بعد حله كان له مثله في كل يوم صدقة» وأبو داود ضعيف وقد اختلف عليه فيه، فرواه عبد اللَّه ابن نمير عن الأعمش هكذا، وخالفه أبو بكر بن عياش فرواه عن الأعمش عن أبى داود عن عمران بن حصين، أخرجه أحمد والطبراني وقد أخرجه أحمد وابن أبى شيبة وأبو يعلى والطبراني والحاكم والبيهقي في آخر الشعب كلهم من رواية عبد الوارث عن محمد بن جحادة عن ابن بريدة عن أبيه نحوه وله شاهد من حديث ابن عباس أخرجه الطبراني.

صفحة رقم 323
الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل
عرض الكتاب
المؤلف
محمود بن عمر بن محمد بن أحمد الخوارزمي الزمخشريّ، جار الله، أبو القاسم
الناشر
دار الكتاب العربي - بيروت
الطبعة
الثالثة - 1407 ه
عدد الأجزاء
4
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية