آيات من القرآن الكريم

۞ إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا ۚ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ ۖ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَٰذَا مَثَلًا ۘ يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا ۚ وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ
ﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣ ﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚ

خالدون. كما أخبر عنهم بأنهم إذا قُدم لهم أنواع الثمار المختلفة قالوا هذا الذي رزقنا مثله في الدنيا. كما أخبر تعالى أنهم أوتوه متشابهاً في اللون غير متشابه في الطعم زيادة في حسنه وكماله. وعظيم الالتذاذ به.
هداية الآية:
من هداية الآية:
١- فضل الإيمان والعمل الصالح إذ بهما١ كان النعيم المذكور في الآية لأصحابهما.
٢- تشويق المؤمنين إلى دار السلام٢، وما فيها من نعيم مقيم ليزدادوا رغبة فيها وعملاً لها. بفعل الخيرات وترك المنكرات.
﴿إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللهُ بِهَذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلا الْفَاسِقِينَ (٢٦) الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (٢٧) ﴾
شرح الكلمات:
﴿لا يستحيي٣﴾ : لا يمنعه الحياء٤ من ضرب الأمثال، وإن صغرت؛ كالبعوضة، أو أصغر منها؛ كجناحها.

١ بعد فضل الله تعالى ورحمته.
٢ سميت دار السلام: لسلامتها من وجود المنغصات فيها، إذ لا مرض ولا هرم ولا ألم ولا تعب بها أبداً.
٣ لا يستحيي: بياءين، ويتسحي: بياء واحدة، هما قراءتان سبعيتان، والآخيرة على لغة تميم، واسم الفاعل من الأولى مستحي، ومن الثانية، مستح.
٤ الحياء: تغير وانكسار يعتري الإنسان عند الخوف مما يعاب به أو يذمه، والله يوصف بالحياء على الوجه اللائق به، فصفة الحياء عنده تعالى لا تشبه صفات المحدثين كسائر صفاته سبحانه وتعالى، والاستحياء والحياء بمعنى واحد، وفي الحديث الذي رواه أحمد وأبو داود والترمذي، يقول الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن الله حيي كريم يستحي أن يرفع العبد إليه العبد يديه فيردهما صفرا"، فقد أثبت صفة الحياء لله عز وجل، وهو قطعاً حياء واستحياء لا يشبه حياء، واستحياء البشر بحال من الأحوال.

صفحة رقم 36

﴿أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً﴾ : أن يجعل شيئاً مثلاً لآخر يكشف عن صفته وحاله في القبح أو الحسن.
﴿مَا بَعُوضَةً﴾ : ما: نكرة بمعنى: شيء. أي شيء كان يجعله مثلاً، أو زائدة. وبعوضة المفعول الثاني. والبعوضة: واحدة البعوض، وهو صغار البق.
﴿الْحَقُّ﴾ : الواجب الثبوت الذي يحيل العقل عدم وجوده.
﴿الْفَاسِقِينَ﴾ : الفسق الخروج عن الطاعة، والفاسقون: هم التاركون لأمر الله تعالى بالإيمان والعمل الصالح، وبترك الشرك والمعاصي.
﴿يَنْقُضُونَ﴾ : النقض: الحل بعد الإبرام.
﴿عَهْدَ اللهِ﴾ : ما عهد به إلى الناس من الإيمان والطاعة له ولرسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
﴿مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ﴾ : من بعد إبرامه وتوثيقه بالحلف أو الإشهاد عليه.
﴿وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ﴾ : من إدامة الإيمان والتوحيد والطاعة وصلة الأرحام.
﴿وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ﴾ : الإفساد في الأرض يكون بالكفر وارتكاب المعاصي.
﴿الْخَاسِرُونَ﴾ : الكاملون في الخسران بحيث يخسرون أنفسهم وأهليهم يوم القيامة.
سبب النزول والمعاني:
لما ضرب الله تعالى المثلين السابقين الناري والمائي١ قال المنافقون: الله أعلى وأجل أن يضرب هذا المثل. فأنزل الله تعالى رداً عليهم قوله ﴿إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي﴾ الآية.
فأخبر تعالى أنه لا يمنعه الاستحياء أن يجعل مثلاً بعوضة٢ فما دونها٣ فضلاً عما هو أكبر٤. وإن الناس حيال ما يضرب الله من أمثال، قسمان: مؤمنون: فيعلمون أنه الحق من ربهم. وكافرون: فينكرونها، ويقولون؛ كالمعترضين: ماذا أراد الله بهذا مثلاً!؟.
كما أخبر تعالى أن ما يضرب من مثل يهدي به كثيراً من الناس ويضل به كثيراً، وأنه لا يضل به إلا الفاسقين الذين وصفهم بقوله: {الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ

١ أورده ابن جرير وارتضاه.
٢ في قوله: ما بعوضة إعرابات كثيرة لا طائل تحتها فنصب بعوضة على إنها بدل من ما النكرة التي هي في محل نصب فعل يضرب بمعنى يجعل. ورفع بعوضة على إنها خبر، والمبتدأ هو: ما على إنها موصولة والتقدير: الذي هو بعوضة.
٣ كالذرة.
٤ كالفراشة والجرادة.

صفحة رقم 37
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
عرض الكتاب
المؤلف
جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكر الجزائري
الناشر
مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة
سنة النشر
1424
الطبعة
الخامسة
عدد الأجزاء
5
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية