آيات من القرآن الكريم

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ ۗ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ
ﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡ ﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽ

ولكنهم مصرّفون بالمشيئة الأزلية، ومسلوبون من الاختيار الذي عليه المدار وبه الاعتبار. والعبودية شدّ نطاق الخدمة وشهود سابق القسمة.
قوله جل ذكره:
[سورة البقرة (٢) : آية ٢٥٤]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفاعَةٌ وَالْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٢٥٤)
يعنى اغتنموا مساعدة الإمكان فى تقديم الإحسان قبل فتور الجلد وانقضاء الأمل.
قوله جل ذكره:
[سورة البقرة (٢) : آية ٢٥٥]
اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِما شاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (٢٥٥)
«الله» اسم تفرّد به الحق- سبحانه فلا سمىّ له فيه. قال الله تعالى: «هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا» أي هل تعرف أحدا غيره تسمّى «الله» ؟
من اعتبر فى هذا الاسم الاشتقاق فهو كالمتعارض، فهذا اسم يدل على استحقاق صفات الجلال لا على اشتقاق الألفاظ، فلا يعارض ما لا يعارض فيه من الأقوال.
قوله «لا إله إلا هو» : إخبار عن نفى النظير والشبيه، بما استوجب من التقديس والتنزيه. ومن تحقق بهذه القالة لا يرى ذرّة من الإثبات بغيره أو من غيره فلا يرفع إلى غيره حاجته، ولا يشهد من غيره ذرة، فيصدق إليه انقطاعه، ويديم لوجوده انفراده، فلا يسمع إلا من الله وبالله، ولا يشهد إلا بالله، ولا يقبل إلا على الله، ولا يشتغل إلا بالله، فهو محو عما سوى الله، فما له شكوى ولا دعوى، ولا يتحرك منه لغيره عرق، فاذا استوفى الحق عبدا لم يبق للحظوظ- البتة- مساغ.
ثم إن هذه القالة تقتضى التحقق بها، والفناء عن الموسومات بجملتها، والتحقق بأنه لا سبيل لمخلوق إلى وجود الحق- سبحانه، فلا وصل ولا فصل ولا قرب ولا بعد، فإن ذلك أجمع آفات لا تليق بالقدم.
وقوله «الحي القيوم» : المتولى لأمور عباده، القائم بكل حركة، و (المحوى) «١»، لكل عين وأثر.

(١) وردت هكذا ويحتمل أن تكون فى الأصل إما (المحيي) لتتلاءم مع (الحي) أو أن تكون (المجرى) أي القائم أو (القيوم) على ملكه:

صفحة رقم 196

«لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ» لأنه أحدى لا ترهقه غفلة، وصمد لا تمسه علة، وعزيز لا تقاربه قلة، وجبار لا تميزه عزلة، وفرد لا تضمه جثة، ووتر لا تحده جهة، وقديم لا تلحقه آفة، وعظيم لا تدركه مسافة.
تقدّس من جماله جلاله، وجلاله جماله، وسناؤه بهاؤه، وبهاؤه سناؤه، وأزله أبده، وأبده سرمده، وسرمده قدمه، وقدمه وجوده قوله جل ذكره: لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ.
ملكا وإبداعا، وخلقا واختراعا.
مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ.
من ذا الذي يتنفس بنفس (... ) «١» إلا بإجرائه، أو يتوسل إليه من دون إذنه وإبدائه. ومن ظنّ أنه يتوسل إليه باستحقاق أو عمل، أو تذلل أو أمل، أو قربة أو نسب، أو علة أو سبب- فالظنّ وطنه والجهل مألفه والغلط غايته والبعد قصاراه.
قوله جل ذكره: يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ.
لأنه لا يخرج عن علمه معلوم، ولا يلتبس عليه موجود ولا معدوم.
وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِما شاءَ.
يعنى من معلوماته، أي تقاصرت العلوم عن الإحاطة بمعلوماته إلا باذنه.
فأى طمع لها فى الإحاطة بذاته وحقه؟ وأنّى تجوز الإحاطة عليه وهو لا يقطعه فى عزّه أمد، ولا يدركه حدّ؟! قوله جل ذكره: وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ.
خطاب لهم على قدر فهمهم. وإلا فأى خطر للأكوان عند صفاته؟
جلّ قدره عن التعزز بعرش أو كرسى، والتجمل بجن أو إنسى.

(١) مشتبهة فى (ص) ويحتمل أن تكون مشطوبة لزيادتها فهناك شبه علامة على ذلك.

صفحة رقم 197
تفسير القشيري
عرض الكتاب
المؤلف
عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك القشيري
تحقيق
إبراهيم البسيوني
الناشر
الهيئة المصرية العامة للكتاب - مصر
سنة النشر
2000
الطبعة
الثالثة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية