
﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٤٤)﴾.
[٢٤٤] ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ في طاعتِه أعداءَه.
﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ بالضمائرِ. أَمَرَهم أن يجاهِدوا، هذا قولُ أكثر المفسرين، وقيل: هو خطابٌ لهذه الأمة، والله أعلم.
﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢٤٥)﴾.
[٢٤٥] ﴿مَنْ﴾ استفهامٌ ابتداء.
﴿ذَا﴾ خبرُه.
﴿الَّذِي﴾ صفةُ الخبر، وصِلَةُ الذي.
﴿يُقْرِضُ اللَّهَ﴾ ينفقُ في طاعته.
﴿قَرْضًا﴾ أي: إقراضًا.
﴿حَسَنًا﴾ حلالًا، وأصلُ القرضِ لغةً: القطعُ؛ لأنه يقطعُ له من مالِه شيئًا يعطيه ليرجعَ إليه مثلُه.
﴿فَيُضَاعِفَهُ لَهُ﴾ قرأ عاصم: (فَيُضَاعِفَهُ) بنصبِ الفاء، وقرأ ابنُ عامرٍ، ويعقوب: (فَيُضَعِّفَهُ) بالتشديد ونصبِ الفاء، وقرأ ابنُ كثير وأبو جعفرٍ: (فَيُضَعِّفُهُ) بالتشديد وضم الفاء، والباقون: (فَيُضَاعِفُهُ لَهُ) بالألف مخففًا وضمِّ الفاء، وهما لغتان، فالقراءةُ بنصبِ الفاءِ على جواب الاستفهام، وبالضمِّ نَسَقًا على قوله. (يُقْرِضُ) (١)، ودليلُ التشديد قولُه:

﴿أَضْعَافًا كَثِيرَةً﴾ لأنَّ التشديدَ للتكثير، وهذا التضعيفُ لا يعلمُ عددَه إلا اللهُ، وأصلُ التضعيفِ: أن يُزاد على الشيء مثلُه أو أمثالُه. تلخيصه: مَنِ المعطي عبادَ اللهِ من حلالِ مالهِ بطيبِ نفسٍ وغيرِ مِنَّةٍ؟ فإنَّ الله يُثيبُه على ذلك أفضلَ ثوابٍ.
﴿وَاللَّهُ يَقْبِضُ﴾ بإمساك الرزقِ.
﴿وَيَبْسُطُ﴾ بتوسيعِه على خلقه. قرأ خلفٌ لنفسِه، وعن حمزةَ، والدوريُّ عن أبي عمرٍو، وهشامٌ عن عامرٍ، ورُوَيْسٌ عن يعقوبَ: (وَيَبْسُطُ) بالسين، لأنها الأصل. وقرأ نافعٌ، وأبو جعفرٍ، والكسائيُّ، والبزيُّ عن ابنِ كثيرٍ، وأبو بكرٍ عن عاصمٍ، وروحٌ عن يعقوبَ: بالصاد إبدالًا من السين (١)، واختلِفَ عن قنبل، والسوسيِّ، وابنِ ذكوانَ، وحفصٍ، وخلاد، ورسمها بالصاد.
﴿وَإِلَيْهِ﴾ أي: إلى الله.
﴿تُرْجَعُونَ﴾ فيجازيكم.
(١) انظر: "إعراب القرآن" للنحاس (١/ ٢٧٦)، و"الحجة" لأبي زرعة (ص: ١٣٩)، و"السبعة" لابن مجاهد (ص: ١٨٦)، و"الكشف" لمكي (١/ ٢٠٣ - ٢٠٣)، و"الغيث" للصفاقسي (ص: ١٦٨)، و"تفسير البغوي" (١/ ٢٥٤)، و"التيسير" للداني (ص: ٨١)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (٢/ ٢٢٨ - ٢٢٩)، و"معجم القراءات القرآنية" (١/ ١٨٩).