
وقد عريت عظامهم وتفرقت أوصالهم فتعجب من ذلك- فاوحى الله اليه ناد فيهم ان قوموا بإذن الله فنادى فقاموا وحزقيل بن يوزى كان ثالث خلفاء بنى إسرائيل بعد موسى عليه السلام قال الحسن ومقاتل هو ذو الكفل سمى به لانه تكفل بسبعين نبيا وأنجاهم من القتل وقال مقاتل والكلبي هم كانوا قوم حزقيل «١» فلما أصابهم ذلك خرج حزقيل في طلبهم فوجدهم موتى فبكى وقال يا رب كنت في قوم يحمدونك ويسبحونك ويقدسونك ويكبرونك ويهللونك فبقيت وحيد الا قوم لى فاوحى الله اليه انى جعلت حياتهم إليك فقال أحيوا بإذن الله فعاشوا- قال مجاهد انهم قالوا حين أحيوا سبحانك «٢» ربنا ونحمدك لآله الّا أنت- فرجعوا الى قومهم وعاشوا دهرا؟؟ الموت على وجوههم لا يلبسون ثوبا الا عاد وسما مثل الكفن حتى ماتوا لاجالهم التي كتبت لهم- قال ابن عباس فانها ليوجد اليوم في ذلك السبط من اليهود تلك الريح قال قتادة مقتهم الله على فرارهم من الموت فاماتهم عقوبة ثم بعثهم ليستوفوا اجالهم ولو جاءت اجالهم ما بعثوا إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ حيث أحياهم ليعتبروا ويفوزوا وقص عليكم حالهم لتستبصروا- والمراد به فضل الله على الناس كافة يعنى في الدنيا بقرينة قوله تعالى وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ يعنى الكفار لا يَشْكُرُونَ (٢٤٣) ذكر الله تعالى هذه القصة حثا للمؤمنين على التوكل والاستسلام للقضاء وتشجيعا على الجهاد فكانه تمهيد لقوله تعالى.
وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ إذ الفرار عن الموت لا يفيد والمقدر واقع لا محالة فالاولى القتال في سبيل الله إذ لو جاء أجلهم ففى سبيل الله والا فالنصر والثواب وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ لما يقوله المتخلف والسابق عَلِيمٌ (٢٤٤) بما يضمر انه والله اعلم روى البخاري في صحيحه وابن ابى حاتم وابن مردوية عن ابن عمر انه قال لما نزلت قوله تعالى مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ الاية- قال رسول الله ﷺ رب زدامتى فانزل الله تعالى.
مَنْ ذَا الَّذِي من استفهامية مرفوعة
(٢) فى الأصل سبحان ربنا

المحل بالابتداء وذا خبره والذي صفة ذا او بدله يُقْرِضُ اللَّهَ القرض في اللغة القطع سمى به ما يعطى من ماله شيئا لاخر ليرجع اليه مثله لان فيه قطع من ماله- والمراد هاهنا بالقرض اما حقيقته فيكون فى الكلام تجوز بتقدير المضاف اى يقرض عباد الله كما جاء في الحديث عن ابى هريرة مرفوعا ان الله يقول يوم القيامة يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمنى قال يا رب كيف أطعمك وأنت رب العالمين قال استطعمك عبدى فلان فلم تطعمه اما علمت انك لو أطعمته لوجدتّ ذلك عندى الحديث رواه مسلم وفي فضيلة القرض أحاديث منها حديث ابن مسعود عن النبي ﷺ قال كل قرض صدقة رواه الطبراني بسند حسن- والبيهقي وعنه ان النبي ﷺ قال ما من مسلم يقرض مسلما قرضا مرة الا كان كصدقته مرتين رواه ابن ماجة وصححه ابن حبان وأخرجه البيهقي مرفوعا وموقوفا- واما مجازه وهو تقديم عمل صالح يطلب به ثوابه ويدل عليه ما ذكرنا من حديث البخاري في سبب النزول قَرْضاً حَسَناً منصوب على المفعولية اى مقرضا حلالا طيبا- او على المصدرية اى قرضا مقرونا بالإخلاص وطيب النفس واخرج ابن ابى حاتم عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه انه قال القرض الحسن المجاهدة والانفاق في سبيل الله فَيُضاعِفَهُ لَهُ يعنى يضاعف الله جزاءه قرا ابن كثير وابو جعفر وابن عامر ويعقوب فيضعّفه وبابه بالتشديد حيث وقع ووافقهم ابو عمرو في سورة الأحزاب- والتشديد للتكثير وقرا الباقون بالألف على المفاعلة للمبالغة- وقرا ابن عامر وعاصم ويعقوب بالنصب وكذلك في سورة الحديد على جواب الاستفهام بإضمار أن والباقون بالرفع عطفا على يقرض- فههنا اربع قراءات قرا ابن كثير وابو جعفر فيضعّفه بالرفع وابن عامر ويعقوب بالنصب وعاصم فيضعفه بالنصب والباقون بالرفع أَضْعافاً جمع ضعف ونصبه على الحال من الضمير المنصوب او على المفعول الثاني لتضمن المضاعفة معنى التصيير او على المصدر على ان الضعف اسم المصدر وجمعه للتنويع كَثِيرَةً قال السدىّ هذا التضعيف لا يعلمه الا الله وقيل الواحد بسبع مائة والاول أصح لما ذكرنا من حديث البخاري في سبب النزول وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ قرا ابو عمرو وقنبل وحفص وهشام وحمزة بخلاف عن خلاد ويبسط هاهنا وبسطة في الأعراف بالسين والباقون بالصاد- اى يقبض الرزق لمن يشاء ويبصط لمن يشاء فلا تبخلوا في التصدق كيلا يبدل حالكم عن ابى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
صفحة رقم 345