آيات من القرآن الكريم

وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ۚ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا ۚ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ۚ وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂ ﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧ

فما تقول في النكاح المعقود بشرط التحليل؟ قلت: ذهب سفيان والأوزاعى وأبو عبيد ومالك وغيرهم إلى أنه غير جائز، وهو جائز عند أبى حنيفة مع الكراهة. وعنه أنهما إن أضمرا التحليل ولم يصرحا به فلا كراهة. وعن النبي صلى اللَّه عليه وسلم: أنه لعن المحلل والمحلل له «١». وعن عمر رضى اللَّه عنه: لا أوتى بمحلل ولا محلل له إلا رجمتهما «٢». وعن عثمان رضى اللَّه عنه: لا إلا نكاح رغبة غير مدالسة «٣». فَإِنْ طَلَّقَها الزوج الثاني. أَنْ يَتَراجَعا أن يرجع كل واحد منهما إلى صاحبه بالزواج إِنْ ظَنَّا إن كان في ظنهما أنهما يقيمان حقوق الزوجية. ولم يقل: إن علما أنهما يقيمان، لأنّ اليقين مغيب عنهما لا يعلمه إلا اللَّه عز وجل. ومن فسر الظن هاهنا بالعلم فقد وهم من طريق اللفظ والمعنى، لأنك لا تقول: علمت أن يقوم زيد، ولكن: علمت أنه يقوم، ولأنّ الإنسان لا يعلم ما في الغد، وإنما يظن ظنا.
[سورة البقرة (٢) : الآيات ٢٣١ الى ٢٣٢]
وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلا تَتَّخِذُوا آياتِ اللَّهِ هُزُواً وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَما أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٢٣١) وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ إِذا تَراضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكُمْ أَزْكى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٢٣٢)

(١). روى عن ابن مسعود وعلى وجابر وعقبة بن عامر، وأبى هريرة. وابن عباس. قلت: أحال بها على تخريج الهداية وحديث ابن مسعود أخرجه الترمذي والنسائي وصححه ابن دقيق العيد على شرط البخاري. وحديث ابن عباس أخرجه ابن ماجة. وحديث على أخرجه أحمد وأبو داود. وحديث أبى هريرة رواه أحمد والبيهقي وحديث عقبة بن عامر أخرجه ابن ماجة. وحديث جابر ذكره الترمذي.
(٢). أخرجه عبد الرزاق وابن أبى شيبة، من رواية المسيب بن رافع عن قبيصة بن جابر عن عمر فذكره.
(٣). لم أجده عن عثمان بل وجدته عن ابن عمر. أخرجه الحاكم من رواية عمر بن نافع عن أبيه أنه قال «جاء رجل إلى ابن عمر فسأله عن رجل طلق امرأته ثلاثا فتزوجها أخ له من غير مؤامرة منه ليحلها لأخيه، هل تحل للأول؟ قال: لا إلا نكاح رغبة. كنا نعد هذا سفاحا على عهد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم» وقد روى مرفوعا أخرجه الطبراني من حديث ابن عباس رضى اللَّه عنها «أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم سئل عن المحلل. فقال:
لا، إلا نكاح رغبة غير دلسة، ولا مستهزئ بكتاب اللَّه تعالى لم يذق العسيلة»
وفي إسناده إبراهيم بن إسماعيل ابن أبى حبيبة وهو ضعيف.

صفحة رقم 276

فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ أى آخر عدتهن وشارفن منتهاها. والأجل يقع على المدّة كلها، وعلى آخرها، يقال لعمر الإنسان: أجل، وللموت الذي ينتهى به: أجل، وكذلك الغاية والأمد، يقول النحويون «من» لابتداء الغاية، و «إلى» لانتهاء الغاية. وقال:

كُلُّ حَىٍ مُسْتَكْمِلٌ مُدَّةَ الْعُمْرِ وَمُودٍ إذَا انْتَهَى أمَدُهْ «١»
ويتسع في البلوغ أيضاً فيقال: بلغ البلد إذا شارفه وداناه. ويقال: قد وصلت، ولم يصل وإنما شارف، ولأنه قد علم أنّ الإمساك بعد تقضى الأجل لا وجه له، لأنها بعد تقضيه غير زوجة له في غير عدّة منه، فلا سبيل له عليها فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ فإما أن يراجعها من غير طلب ضرار بالمراجعة أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وإما أن يخليها حتى تنقضي عدّتها وتبين من غير ضرار وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً كان الرجل يطلق المرأة ويتركها حتى يقرب انقضاء عدتها، ثم يراجعها لا عن حاجة، ولكن ليطوّل العدة عليها، فهو الإمساك ضراراً لِتَعْتَدُوا لتظلموهنّ. وقيل:
لتلجئوهن إلى الافتداء فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ بتعريضها لعقاب اللَّه وَلا تَتَّخِذُوا آياتِ اللَّهِ هُزُواً أى جدّوا في الأخذ بها والعمل بما فيها، وارعوها حق رعايتها، وإلا فقد اتخذتموها هزواً ولعباً.
ويقال لمن لم يجدّ في الأمر: إنما أنت لاعب وهازئ. ويقال: كن يهودياً وإلا فلا تلعب بالتوراة.
وقيل: كان الرجل يطلق ويعتق ويتزوّج ويقول: كنت لاعباً. وعن النبي صلى اللَّه عليه وسلم:
«ثلاث جدّهن جدّ وهزلهن جدّ: الطلاق «٢» والنكاح والرجعة «٣» وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ بالإسلام وبنبوّة محمد صلى اللَّه عليه وسلم وَما أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتابِ وَالْحِكْمَةِ من القرآن والسنة وذكرها مقابلتها بالشكر والقيام بحقها يَعِظُكُمْ بِهِ بما أنزل عليكم فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ إما أن يخاطب به الأزواج الذين يعضلون نساءهم بعد انقضاء العدة ظلماً وقسراً، ولحمية الجاهلية لا يتركونهنّ يتزوّجن من شئن من الأزواج. والمعنى: أن ينكحن أزواجهن الذين يرغبن فيهم ويصلحون لهنّ، وإما أن يخاطب به الأولياء في عضلهنّ أن يرجعن إلى أزواجهنّ.
روى أنها نزلت في معقل بن يسار حين عضل أخته أن ترجع إلى الزوج الأوّل. وقيل: في جابر
(١). يقال: أودى إذا هلك، وأودى به السبل ونحوه أهلكه وذهب به. والودي كالغنى: الهلاك. ويروى أجله. والأمد والأجل يطلقان على جميع مدة الشيء. وعلى منتهاها، كما تطلق الغاية على جميع المسافة وعلى آخرها.
يقول: كل حى لا بد أنه يستكمل مدة عمره ويهلك إذا انتهت مدته وتسكين العمر لغة فيه.
(٢). قوله «وهزلهن جد الطلاق والنكاح والرجعة» في أبى السعود: النكاح والطلاق والعتاق. (ع)
(٣). أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة والحاكم والدارقطني والبيهقي، من حديث أبى هريرة. وفي إسناده ضعف.

صفحة رقم 277
الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل
عرض الكتاب
المؤلف
محمود بن عمر بن محمد بن أحمد الخوارزمي الزمخشريّ، جار الله، أبو القاسم
الناشر
دار الكتاب العربي - بيروت
الطبعة
الثالثة - 1407 ه
عدد الأجزاء
4
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية