آيات من القرآن الكريم

وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ۚ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا ۚ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ۚ وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂ

بالطلقات الثلاث فى قوله فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ فكان منهيا لها ولا إنهاء قبل الثبوت- ولنا ان فى هذه الاية جعل الله سبحانه الطلاق من الزوج الثاني بعد الوطي موجبا للحل للزوج الاول حيث قال فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يَتَراجَعا وكذا قوله ﷺ لعن الله المحلّل والمحلّل له جعل الزوج الثاني محللا للزوج الاول والأصل فى الحل الحل كله فيملك ثلاث تطليقات- وايضا إذا كان الوطي من الزوج الثاني هادما للحرمة الغليظة كان هادما للحرمة الخفيفة بالطريق الاولى والله اعلم (مسئلة) اختلفوا فى انه بعد ما طلق الزوج الاول ثلاثا لو نكح المرأة زوجا اخر واشترطت منه ان يطلقها فطلقها بعد الوطي وانقضت عدتها فقال ابو حنيفة حلت للاول لوجود الدخول فى نكاح صحيح والنكاح لا يبطل بالشروط وعن محمد انه يصح النكاح لما بيّنّا ولا يحلها على الاول لانه استعجل ما آخره الشرع فيجازى بمنع مقصوده كما فى قتل المورث- وقال احمد ومالك وابو يوسف لا يصح النكاح وللشافعى قولان أصحهما انه لا يصح النكاح لانه فى معنى الموقت وإذا لم يصح النكاح لا يحل للزوج الاول لفقدان الشرط وهو النكاح الصحيح احتجوا على عدم الصحة بحديث ابن مسعود قال لعن رسول الله ﷺ المحلّل والمحلّل له- رواه الدارمي وقال الترمذي صحيح ورواه ابن ماجة عن على وابن عباس وعقبة بن عامر- قلنا هذا حجة لنا لا علينا فانه عليه السلام جعله محللا فيدل على ثبوت الحل وذلك يقتضى صحة النكاح غير انه يدل على كون الزوج مرتكبا لامر محرم ونحن نقول به فان تزوجها ولم يشترط ذلك الا انه كان فى عزمه صح النكاح عند ابى حنيفة وصاحبيه والشافعي وقال مالك واحمد لا يصح ولا خلاف فى كراهته قال البغوي قال نافع اتى رجل ابن عمر
فقال ان رجلا طلق امرأته ثلاثا فانطلق أخ له من غير موامرة فتزوجها ليحلها للاول فقال- لا الا نكاح رغبة كنا نعد هذا سفاحا على عهد رسول الله ﷺ لعن الله المحلّل والمحلّل له وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ اى الاحكام المذكورة يُبَيِّنُها لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٢٣٠) يفهمون ويعملون بمقتضى العلم.
وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ اى عدتهن الاجل يطلق على المدة وعلى منتهاها فيقال لعمر الإنسان وللموت الذي به ينتهى عمره والمراد هاهنا منتهاه لان شروع العدة عقيب الطلاق والبلوغ هو الوصول الى الشيء وقد يقال للدنو منه على المجاز وهو المراد فى الاية ليصح ان يترتب عليه فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ إذ لا

صفحة رقم 314

إمساك بعد انقضاء الاجل والمعنى فراجعوهن من غير ضرار او اتركوهن حتى تنقضى عدتهن- وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً اى لا تراجعوهن بارادة الإضرار بهن- ونصب ضرارا على العلة او الحال بمعنى مضارين لِتَعْتَدُوا اى لتظلموهن بالتطويل والإلجاء الى الاقتداء- واللام متعلق بلا تمسكوهنّ فهو ايضا مفعول له كانه بيان للضرار- او هو متعلق بالضرار وعلى هذا التقدير ايضا بيان للضرار- وليس بتقييد فان الضرار مطلقا ظلم واعتداء ومنهى عنه امر الله سبحانه اولا بالإمساك بالمعروف ثم نهى عن ضده وهو الإمساك بالضرار ثم صرح بكونه اعتداء وظلما ثم عقب ذلك بقوله وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ يعني بتعريضها للعقاب للمبالغة والاهتمام- اخرج ابن جرير من طريق العوفى عن ابن عباس قال كان الرجل يطلق امرأته ثم يراجعها قبل انقضاء عدتها ثم يطلقها يفعل ذلك ليضارها ويعضلها فانزل الله تعالى هذه الاية وذكر البغوي وكذا اخرج ابن جرير عن السدّى قال نزلت فى رجل من الأنصار يدعى ثابت بن يسار طلق امرأته حتى إذا قرب انقضاء عدتها راجعها ثم طلقها مضارة فأنزل الله تعالى وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا الاية وَلا تَتَّخِذُوا آياتِ اللَّهِ هُزُواً بالاعراض عنها والتهاون فى العمل بما فيها- قال الكلبي يعنى قوله فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ وكل من خالف الشرع فهو متخذ آيات الله هزوا واخرج ابن ابى عمرو فى مسنده وابن مردوية عن ابى الدرداء قال كان الرجل يطلق ثم يقول لعبت- ويعتق ثم يقول لعبت وذكر البغوي قول ابى الدرداء وذكر فيه وينكح ويقول مثل ذلك فانزل الله وَلا تَتَّخِذُوا آياتِ اللَّهِ هُزُواً واخرج ابن مردوية نحوه عن ابن عباس- واخرج ابن جرير نحوه عن الحسن مرسلا- واخرج ابن المنذر عن عبادة بن الصامت نحوه بلفظ ثلاث من قالهن لاعبا او غير لاعب فهن جائزات عليه الطلاق والعتاق والنكاح وقد مرّ فى ما سبق حديث ابى هريرة ان رسول الله ﷺ قال ثلاث جدهن جد وهزلهن جد النكاح والطلاق والرجعة وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ومن جملتها الهداية وإنزال آيات القران على محمد ﷺ بالشكر والقيام بحقوقها وَما أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتابِ يعنى القران وَالْحِكْمَةِ يعنى الوحى الغير المتلو على محمد ﷺ يَعِظُكُمْ بِهِ بما انزل عليكم وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٢٣١) تأكيد وتهديد-.

صفحة رقم 315
التفسير المظهري
عرض الكتاب
المؤلف
القاضي مولوي محمد ثناء الله الهندي الفاني فتي النقشبندى الحنفي العثماني المظهري
تحقيق
غلام نبي تونسي
الناشر
مكتبة الرشدية - الباكستان
سنة النشر
1412
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية