
قال الله تعالى:
[سورة البقرة (٢) : آية ٢٢١]
وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آياتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٢٢١)
[البقرة: ٢/ ٢٢١].
قال السّدّي عن ابن عباس: نزلت هذه الآية بالنسبة للأمة المؤمنة في عبد الله بن رواحة، وكانت له أمة سوداء، وإنه غضب عليها فلطمها، ثم إنه فزع، فأتى النبي صلّى الله عليه وسلّم، فأخبره خبرها، فقال له النبي صلّى الله عليه وسلم: ما هي يا عبد الله؟ فقال: يا رسول الله، هي تصوم وتصلي، وتحسن الوضوء، وتشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسوله، فقال:
يا عبد الله، هذه مؤمنة، قال عبد الله: فو الذي بعثك بالحق لأعتقنّها ولأتزوجنها، ففعل، فطعن عليه ناس من المسلمين، فقالوا: نكح أمة. وكانوا يريدون أن ينكحوا إلى المشركين وينكحوهم رغبة في أحسابهم، فأنزل الله تعالى فيه: وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ الآية.
وقال ابن عباس أيضا بالنسبة للمشركة: أرسل النبي صلّى الله عليه وسلّم مرثد بن أبي مرثد الغنوي إلى مكة في مهمة، ليخرج ناسا من المسلمين بها أسراء، فلما قدمها سمعت به امرأة يقال لها (عناق) وكانت خليلة له في الجاهلية، فلما أسلم أعرض عنها، فأتته فقالت: ويحك يا مرثد، ألا نخلو؟ فقال لها: إن الإسلام قد حال بيني وبينك وحرمه علينا، ولكن إن شئت تزوجتك على أن أستأذن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأنزل الله في شأنها ينهاه عن ذلك: وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ.. الآية.
ثم ذكر الله تعالى أحكام الحيض والرد على الشذوذ الجنسي في الجاهلية، فقال:
[سورة البقرة (٢) : الآيات ٢٢٢ الى ٢٢٣]
وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (٢٢٢) نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (٢٢٣)

«١» «٢» [البقرة: ٢/ ٢٢٢/ ٢٢٣].
يسألونك- أيها النبي- عن حكم الحيض ووقاع الحائض، فقل لهم: الجماع في الحيض أذى، أي قذر وضرر، فاجتنبوهن في زمن الحيض، والمراد ترك المجامعة، لا ترك المجالسة والاستمتاع بما دون الفرج عند الحنابلة، وما دون الإزار عند الجمهور، ولا تقربوهن بالجماع حتى يطهرن من الحيض بانقطاع الدم، فإذا اغتسلن بالماء حينئذ، فأتوهن في مكان إنجاب الذرية وهو القبل، إن الله يرضى عن التائبين ويثيبهم، ويرضى عن المتطهرين من الجنابة والحيض ونحوهما.
قال أنس بن مالك فيما أخرجه مسلم والترمذي: كان اليهود إذا حاضت المرأة منهم، لم يؤاكلوها ولم يجامعوها في البيوت، فسأل الأصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن ذلك، فنزلت الآية، فقال: «اصنعوا كل شيء إلا النكاح».
زوجاتكم موضع الإنجاب وإلقاء النّطف، فأتوهن على أية كيفية تريدون قائمة أو قاعدة، أو جالسة نائمة، أو مضطجعة، إذا كان ذلك في موضع النسل، وقدموا عملا صالحا تجدونه لأنفسكم، عند الله، وخافوا الله من الوقوع بالمحرّمات، واعلموا أنكم ملاقو الله يوم القيامة، فيجازيكم بأعمالكم، وبشر المؤمنين بالجنة،
قال جابر فيما أخرجه الشيخان وأبو داود والترمذي: كانت اليهود تقول إذا جامعها في القبل من ورائها: إن الولد يكون أحول، فنزلت الآية نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ.. الآية.
(٢) كيف كان من الهيئات ولكن في القبل، لا في الدبر.