
﴿وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ﴾ أي: تَخْلِطوا أموالَكُم إلى أموالهم، وتشاركوهم فيها.
﴿فَإِخْوَانُكُمْ﴾ أي: فهم إخوانُكم في الدين؛ لأن الأخَ يصيبُ من مال أخيه، ويعينُ بعضُهم بعضًا.
﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ﴾ لأموالِهم.
﴿مِنَ الْمُصْلِحِ﴾ لها.
﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ﴾ إعناتكُم.
﴿لَأَعْنَتَكُمْ﴾ أي: لضيَّقَ عليكم، والعَنَتُ: المشقَةُ. قرأ البزيُّ (لأَعْنَتكُمْ) بتسهيل الهمزة، بخلافٍ عنه، والباقون: بتحقيقها (١).
﴿إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ﴾ آمِرٌ بِعِزَّةٍ، سَهُلَ على العبادِ أَو صَعُبَ.
﴿حَكِيمٌ﴾ في صنعِه.
﴿وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٢٢١)﴾.
[٢٢١] ﴿وَلَا تَنْكِحُوا﴾ أي: لا تتزوَّجوا.

﴿الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ﴾ والمرادُ: الوثنياتُ: بدليل قوله تعالى: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ [المائدة: ٥]، وقوله - ﷺ -: "نتزوج نساء أهل الكتاب ولا يتزوجون نساءنا" (١)، فلا يجوزُ لمسلمٍ نكاحُ الوثنيَّات، ولا المجوسيَّات، ولا غيرِهن من أنواعِ المشركاتِ اللاتي لا كتابَ لهنَّ بالاتفاق، وسببُ نزولِها: أن أبا مَرْثَدٍ سألَ النبيَّ - ﷺ - عن تزويجِ عَناقَ، وكانت مشركةً، فنزلت (٢):
﴿وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ﴾ بجمالِها ومالِها. نزلَتْ في خَنْساءَ: وَليدةٍ سوداءَ كانَتْ لحذيفةَ بنِ اليمان، قالَ حذيفةُ: يا خنساء! قد ذُكِرْتِ في الملأِ على سوادِكِ ودهامَتِكِ، فأعتقَها وتزوَّجها (٣)، والمرادُ: كلُّ امرأةٍ مؤمنةٍ، حُرَّةً كانت أو أَمَةً.
﴿وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ﴾ أي: لا تُزَوِّجوهم.
﴿حَتَّى يُؤْمِنُوا﴾ فلا يجوزُ تزويج مسلمة بكافرٍ إجماعًا.
(٢) رواه أبو داود (٢٠٥١)، كتاب: النكاح، باب: في قوله تعالى: ﴿الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً﴾ والنسائي (٣٢٢٨)، كتاب: النكاح، باب: تزويج الزانية، والترمذي (٣١٧٧)، كتاب: التفسير، باب: ومن سورة النور، وقال: حسن غريب، وغيرهم عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما -. قال ابن حجر في "تخريج أحاديث الكشاف" (١/ ١٣٦): فظهر أن هذا الحديث ليس في هذه الآية التي في البقرة، وإنما هو في الآية التي في النور، لكن ذكره الواحدي في "أسباب النزول" (ص: ٣٧) في هذه الآية التي في البقرة عن ابن عباس -رضي الله عنهما -.
(٣) انظر: "تفسير البغوي" (١/ ٢١٣).