آيات من القرآن الكريم

۞ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ۖ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا ۗ وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ
ﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀ

﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلْخَمْرِ وَٱلْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَآ إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَٰفِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ ٱلْعَفْوَ كَذٰلِكَ يُبيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلأيَٰتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ ﴾

قوله تعالى: ﴿يَسْألونَكَ عَن الخَمْرِ والمَيْسِر﴾ الآية:
أكثرُ العلماءِ على أنها ناسخةٌ لما كان مباحاً من شُربِ الخمر؛ لأنه تعالى أخبرنا أن في الخمر إثماً، وأخبرنا أن الإِثم محرمٌ بقوله تعالى:﴿قُلْ إنّما حَرّم رَبّي الفَوَاحِشَ ما ظَهَرَ مِنْهَا ومَا بَطَنَ والإِثمَ والبَغيَ بغيرِالحقّ﴾ [الأعراف: ٣٣] فنصَّ على أن الإِثم محرمٌ، وأخبر أن في شربِ الخمر إثماً، فهي محرّمةٌ بالنصّ الظّاهر الذي لا إشكالَ فيه. وما حَرُمْ: كثيرُه وقليلُه حرام، كلحم الخنزير والميتة والدّم.
وسورة البقرة مدنيةٌ، فلا يعترضُ على ما فيها (بما) نزل في الأنعامالمكيّة (في قوله): ﴿قُلْ لاَ أجدُ فِيمَا أُوحِيَ إليَّ محرماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهإلاَّ أن يَكُونَ﴾ [الآنعام: ١٤٥] الآية -؛ لأن هذا تحريمٌ نزل بمكّة (والخمر نزل تحريمُهابالمدينة).
وزادنا (الله تأكيداً في تحريم الخمرِ بقوله: ﴿فهل أنتُم منتهون!!!﴾فهذا تهديدٌ ووعيدٌ يَدلاَّن على تأكيد التحريم للخمر. وزاد ذلك بياناً قولُ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "حُرِّمَت الخمرُ بعينها والسَّكر من غيرها".
وأكَّد اللهُ ذلك وحقَّقَه بقوله تعالى: ﴿فاجْتَنِبُوه لَعَلّكُمْتُفْلِحُون﴾ [المائدة: ٩٠]. و "لعلّ" من الله واجبةٌ، فضمانُ الفلاح في اجتنابها، فنظيرُه الخسرانُ مع مواقعتِها.
وكما أنه تعالى حرَّمَ أكلَ لحم الخنزير، وقليلُه ككثيرهِ حرامبإجماع - كذلك يجبُ أن يكونَ الخمرُ والمسكرُ من (غيرها فيالتحريم قليلُها ككثيرِها في التحريم)، وزادَ ذلك بياناً قولُه - عليه السلام -:"ما أسكرَ كثيرُه فقليلُه حرام".
قال ابنُ جُبَيْر: لما نزلت: ﴿قُلْ فِيهِمَا إثمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُللنّاس﴾ [البقرة: ٢١٩] كَرِهَ الخمرَ قومٌ للإِثم، وشربَها قومٌ للمنافع، حتى نزل: ﴿لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وأنتم سُكارى﴾ [النساء: ٤٣] فتركوها عندَ الصَّلاة حتى نزلَت:﴿فَاجْتَنِبُوه لعلّكُمْ تُفْلِحُون﴾ [المائدة: ٩٠] فحرِّمَت.
فهذا يدلّ على أن آيةَ البقرةِ منسوخةٌ بآيةِ المائدة، والمائدةُ نزلت بعد البقرة بلا شك.
وقوله تعالى: ﴿ومنافعُ للناس﴾: منسوخٌ إباحةُ منافعِها بِنَسْخِ الخمر. والمنافعُ: هي ما كانوا ينحرون على الميسر من الجزور للضُّعفاءولأَنفُسِهم، وذلك قِمار، حرَّمه الله لأنه من أكل المال بالباطل المحرَّمبنصّ القرآن.
وقال ابنُ حبيب: المنافعُ التي في الخمر: هي أنّ الرّجلَ كان إذا أصابتْهُ مصيبةٌ تُكْرِبُه وتُغِمُّه، سُقِيَ الخمرَ فذهب عنه ذلك الغمّ.
وقيل: المنافعُ في الخمر: ما يصيبون من لذّتها وسرورها عندَ شُربها.
قوله تعالى: ﴿ويَسْألُونَكَ ماذا يُنفِقُون، قل العَفوَ﴾ [البقرة: ٢١٩].
قال ابنُ عباس: [هي منسوخةٌ بفرض الزكاة].
وقيل: هي محكمةٌ غيرُ منسوخةٍ والمراد بالعفو: الزّكاةُ بعينِها.
وقيل: هي محكمةٌ مخصوصةٌ في التطوّع. والعفو - عند ابن عباس -: القليلُ الذي لا يتبينُ خروجُه من المال.
وقال طاووس: العفو: اليسيرُ من كُلّ شيء.
وقال الحسنُ وعطاء: العفو: ما لا يكون إسرافاً ولا إقتاراً.
وقال مجاهد: العفو: الصدقةُ عن ظهرِ غنى.
وقال الربيعُ: العفو: ما طاب من المال.
وقال قتادةُ: العفو أفضلُ المال وأطيبُه.

صفحة رقم 19
الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
تحقيق
أحمد حسن فرحات
الناشر
دار المنارة
سنة النشر
1406 - 1986
الطبعة
1
عدد الأجزاء
1
التصنيف
ناسخ القرآن ومنسوخه
اللغة
العربية