آيات من القرآن الكريم

وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ۚ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ۖ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ۚ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ۚ فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ۚ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ ۗ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ۗ ذَٰلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ
ﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓﰔﰕﰖﰗﰘﰙﰚﰛﰜﰝﰞﰟﰠﰡ

وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ: متساوية فكيف يحرم القتال ولا يحرم الكفر، وإن اعتبرت خصوص السّبب فقريش صدّت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم عن المسجد الحرام في ذي القعدة عام الحديبية، فأدخله الله مكة في ذي القعدة القابل «١».
١٩٦ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ: قال الشّافعي «٢» رحمة الله عليه: الإحصار منع العدوّ لأنّها «٣» في عمرة الحديبية، ولقوله: فَإِذا أَمِنْتُمْ.
وعندنا «٤» الإحصار بالمرض وبالعدو، والحصر في العدو خاصّة.
قال أبو عبيد «٥» : الإحصار ما كان من المرض وذهاب/ النفقة، وما [١٢/ ب] كان من سجن أو حبس. قيل: حصر فهو محصور.
قال المبرّد «٦» : حصر: حبس، وأحصر: عرض للحبس على الأصل نحو اقتله عرّضه للقتل وأقبره جعل له القبر.

(١) ورد هذا السبب- باختلاف في ألفاظه- في عدة روايات منها ما أخرجه الطبريّ في تفسيره:
(٣/ ٥٧٥- ٥٧٨) عن ابن عباس رضي الله عنهما، وعن أبي العالية، ومجاهد، وقتادة.
ونقله الواحدي في أسباب النزول: ٨٨ عن قتادة، وأورده السيوطي في الدر المنثور:
١/ ٤٩٧ وزاد نسبته إلى عبد بن حميد عن مجاهد وقتادة.
(٢) ينظر قول الإمام الشافعي في الأم: ٢/ ١٨٥، وأحكام القرآن: (١/ ١٣٠، ١٣١)، واستدل فيه بحديث ابن عباس: «لا حصر إلا حصر العدو»، وقال: وعن ابن عمر وعائشة معناه.
وقال أيضا: «فمن حال بينه وبين البيت مرض حابس فليس بداخل في معنى الآية، لأن الآية نزلت في الحائل من العدو، والله أعلم».
(٣) في «ج» : لأنه.
(٤) أي عند الحنفية.
ينظر هذا القول في أحكام القرآن للجصاص: (١/ ٢٦٨، ٢٦٩)، وبدائع الصنائع:
٢/ ١٧٥، والهداية: ١/ ١٨٠، وفتح القدير لابن الهمام: ٣/ ٥١.
(٥) لم أقف على قوله في كتابه غريب الحديث، ونقله الأزهري في تهذيب اللغة: ٤/ ٢٢٣ عن أبي عبيد بن أبي عبيدة، وهو في مجاز القرآن لأبي عبيدة معمر بن المثنى: ١/ ٦٩.
وانظر معاني القرآن للأخفش: ١/ ٣٥٥، والصحاح: ٢/ ٦٣٢، واللسان: ٤/ ١٩٥ (حصر).
(٦) لم أجد قوله فيما تيسر لي من كتبه، وذكره النحاس في معاني القرآن له: ١/ ١١٧ دون عزو.

صفحة رقم 139

فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ: جمع هديّة «١» وهو «٢» شاة، وموضع «ما» رفع «٣»، ويجوز نصبه «٤» على «فليهد».
ومَحِلَّهُ: الحرم «٥». وعند الشافعي «٦» موضع الإحصار.
والمتمتع بالعمرة إلى الحج: هو المحرم بالعمرة في أشهر الحج، إذا أحرم بالحج بعد الفراغ من العمرة من غير أن يلمّ بأهله عند العبادلة «٧» والفقهاء «٨».
ولفظ مشايخنا في «شروح المتفق» «٩» هو المتزوّد من العمرة إلى الحج.

(١) مجاز القرآن: ١/ ٦٩ عن أبي عمرو بن العلاء، وعنه أيضا: تقديرها جدية السرج، والجميع الجدي، مخفف. قال أبو عمرو: ولا أعلم حرفا يشبهه.
وانظر تفسير الغريب: ٧٨، وتفسير الطبري: ٤/ ٣٤.
قال الطبري- رحمه الله- و «الهدى» عندي إنما سمي «هديا» لأنه تقرب به إلى الله جل وعز مهدية، بمنزلة الهدية يهديها الرجل إلى غيره متقربا بها إليه. يقال منه: «أهديت الهدى إلى بيت الله، فأنا أهديه إهداء». كما يقال في الهدية يهديها الرجل إلى غيره: أهديت إلى فلان هدية وأنا أهديها»، ويقال للبدنة هدية... ».
(٢) في «ج» : وهي.
(٣) معاني الفراء: ١/ ١١٨، تفسير الطبري: ٤/ ٣٤، معاني الزجاج: ١/ ٢٦٧.
وقال العكبري في التبيان: ١/ ١٥٩: «ما» في موضع رفع بالابتداء، والخبر محذوف، أي: فعليكم.
ويجوز أن تكون خبرا والمبتدأ محذوف أي: فالواجب ما استيسر. [.....]
(٤) معاني الزجاج: ١/ ٢٦٨، ومشكل إعراب القرآن: ١/ ١٢٣، والدر المصون: ٢/ ٣١٣.
(٥) وهو قول الحنفية كما في أحكام القرآن للجصاص: ١/ ٢٧٢، وبدائع الصنائع: ٢/ ١٧٨.
(٦) كتاب الأم: (٢/ ١٥٨، ١٥٩)، وأحكام القرآن: ١/ ١٣١.
ورجحه الطبري في تفسيره: (٤/ ٥٠، ٥١)، وابن العربي في أحكام القرآن: ١/ ١٢٢، والقرطبي في تفسيره: ٢/ ٣٧٩.
(٧) هم عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم. ينظر: تدريب الراوي: ٢/ ٢١٩.
(٨) ينظر الكافي لابن قدامة: ١/ ٣٩٤، وروضة الطالبين: ٣/ ٤٦، وحاشية الهيثمي على الإيضاح: ١٥٦، والخرشي على مختصر خليل: (٢/ ٣١٠، ٣١١).
(٩) كتاب المتفق في فروع الحنفية لأبي بكر محمد بن عبد الله بن محمد الجوزقي المتوفى سنة ٣٨٨ هـ.
ترجمته في الأنساب: ٣/ ٣٦٥، وتذكرة الحفاظ: ٣/ ١٠١٣، وسير أعلام النبلاء:
١٦/ ٤٩٣.
وذكر حاجي خليفة في كشف الظنون: ٢/ ١٦٨٥ من شروحه المحقق، ولم يذكر مؤلفه.
والتمتع عند الحنفية: هو الترفق بأداء النسكين (العمرة والحج) في أشهر الحج في عام واحد من غير أن يلم بأهله إلماما صحيحا بين العمرة والحج.
والإلمام الصحيح: هو الذي يكون في حالة تحلّله من العمرة وقبل شروعه في الحج.
ينظر لباب المناسك: ١٧٩، وشرحه المسلك المتقسط: (١٧٢، ١٧٣).

صفحة رقم 140

وقال السّدّي «١» : هو فسخ الحج بالعمرة «٢».
وقال ابن الزّبير «٣» : هو المحصر إذا دخل مكة بعد فوت الحج.
فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ: قبل [يوم] «٤» النحر ما بين إحرامه في أشهر الحج إلى يوم عرفة «٥»، وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ: إذا رجع المتمتع من

(١) السدي: (- ١٢٧ هـ).
هو إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة السدي. تابعي روى عن ابن عباس وطائفة.
وعنه أبو عوانة والثوري وغيرهما.
والسّدّي كما في اللباب لابن الأثير: ٢/ ١١٠: «- بضم السين المهملة وتشديد الدال- هذه النسبة إلى السدة، وهي الباب، وإنما نسب السّدّي الكبير إليها لأنه كان يبيع الخمر بسدة الجامع بالكوفة».
ترجمه الحافظ في التقريب: ١٠٨، وقال: «صدوق بهم ورومي بالتشيع».
وانظر ترجمته في ميزان الاعتدال: ١/ ٢٣٦، وطبقات المفسرين للداودي: ١/ ١٠٩.
(٢) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره: ٤/ ٩١ عن السدي.
وانظر تفسير الماوردي: ١/ ٢١٤.
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف: ٤/ ١٣٤، كتاب الحج، باب «في الرجل يهل بالحج فيحصر ما عليه».
وأخرجه- أيضا- الطبري في تفسيره: (٤/ ٨٨، ٨٩) وابن أبي حاتم في تفسيره: ٤٦٧.
وضعف المحقق إسناده.
وأورده السيوطي في الدر المنثور: ١/ ٥١٦ وزاد نسبته إلى ابن المنذر عن ابن الزبير أيضا.
(٤) عن نسخة «ج».
(٥) أخرجه الطبريّ في تفسيره: ٤/ ٩٤ عن ابن عباس رضي الله عنهما، وهو قول الحنفية كما في أحكام القرآن للجصاص: (١/ ٢٩٣- ٢٩٥)، والمسلك المتقسط: ١٧٧.

صفحة رقم 141
إيجاز البيان عن معاني القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو القاسم محمود بن أبي الحسن (علي) بن الحسين النيسابورىّ الغزنوي
تحقيق
حنيف بن حسن القاسمي
الناشر
دار الغرب الإسلامي - بيروت
سنة النشر
1415 - 1995
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية