
اعور فازددت طيرة وقلت في نفسى الرجوع اسلم ثم ذكرت حاجتى الى أكل الطين وقلت من لى بالموت فلما صرت الى الخان وانا حائر ما اصنع سمعت قرع باب البيت الذي انا فيه فقلت من هذا قال رجل يريدك فقلت من انا قال ابراهيم بن سيار النظام فقلت في نفسى هذا عدو أو رسول سلطان ثم انى تحاملت وفتحت الباب فقال أرسلني اليه ابراهيم بن عبد العزيز ويقول لك وان كنا اختلفنا في المقالة فانا نرجع بعد ذلك الى حقوق الأخلاق والحرية وقد رأيتك حيث مررت على حال كرهتها وينبغى ان يكون برحت بك حاجة فان شئت فاقم مكانك مدة شهر أو شهرين فعسى نبعث لك ببعض ما يكفيك زمينا من دهرك وان اشتهيت الرجوع فهذه ثلاثون دينارا فخذها وانصرف وأنت أحق من عذر قال فورد على امور إذ هلتنى اما واحدها فانى لم أكن ملكت قط ثلاثة دنانير والثاني انه لم يطل مقامى وغيبتى عن أهلي والثالث ما تبين لى من الطيرة انها باطلة كذا في شرح رسالة الوزير ابن زيدون فظهر انه قد يكون ما تكرهه النفس خيرا كما حكى انه وقع قحط في زمن شيخ فعين لكل من طلبته على طريق التفاؤل مكسبا فجاء في فال واحد منهم قطع الطريق فانتقل ذلك الرجل فلقى بعض الحرامية واجتمع بهم فنهبوا جماعة من التجار فبعد أخذ أموالهم ربطوا أيديهم وأمروا هذا الرجل ان يذبحهم بعيدا عنهم فتفكر الرجل فخطر بباله ان يطلقهم ويعطيهم السلاح ويطهروا الطريق من القطاع ففعلوا وهم غافلون ثم سألوا عن هذا الرجل فحكى حاله فجاؤا الى شيخه وسلموا الأموال وصاروا من جملة أحبائه فعليك بالتسليم والقبول لكى تنال المأمول: قال الصائب
چون سرو در مقام رضا استاده ام | آسوده خاطرم ز بهار وخزال خويش |

أمروا بقتال المشركين كافة المقاتلين منهم والمحاجزين لان هذه الآية أول اية نزلت في القتال بالمدينة فلما نزلت كان رسول الله ﷺ يقاتل من قاتله ويكف عمن كف عنه اى يقاتل من واجهه للقتال وناجزه ويكف عن قتال من لم يناجز وان كان بينه وبينهم محاجزة وممانعة ويؤيده ما روى عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ان هذه الآية نزلت في صلح الحديبية وذلك ان النبي عليه السلام خرج مع أصحابه للعمرة في ذى القعدة سنة ست من الهجرة وكانوا الفا واربعمائة فنزل في الحديبية وهو موضع في قرب مكة كثير المياه والأشجار وصدهم المشركون عن البيت الحرام فاقام شهرا وصالحه المشركون على ان يرجع ذلك العام ويأتى مكة فى العام المقبل ويعتمر فرصى بما قالوا وان يصدوهم عن البيت وكره الاصحاب قتالهم في الشهر الحرام وفي الحرم فانزل الله تعالى وَقاتِلُوا الآية وَلا تَعْتَدُوا بابتداء القتال في الحرم محرمين إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ اى لا يريد بهم الخير وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ اين وجدتموهم في الحرم والحل وفي الأشهر الحرم وهم الذين هتكوا حرمة الشهر والحرم بالبداية فجازوهم بمثله واصل الثقف الحذق في ادراك الشيء علما كان او عملا فهو يتضمن معنى الغلبة وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ اى من مكة لانهم اخرجوا المسلمين منها اولا واخرج عليه الصلاة والسلام منها ثانيا من لم يؤمن به منهم يوم الفتح وَالْفِتْنَةُ فى الأصل عرض الذهب على النار لاستخلاصه من الغش ثم صار اسما لكل ما كان سببا للامتحان تشبيها بهذا الأصل اى المحنة التي يفتتن بها الإنسان ويمتحن كالاخراج من الوطن أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ أصعب منه لدوام تعبها وتألم النفس بها فتكون هذه الجملة متعلقة بقوله وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ تذييلا له وحثا على الإخراج والمعنى ان إخراجكم إياهم ليس أهون عليهم من القتل بل هو أشد من قتلكم إياهم فيصلح جزاء لاصرارهم على الكفر ومناجزتهم لحربكم وقتالكم قيل لبعض الحكماء ما أشد من الموت قال الذي يتمنى فيه الموت جعل الإخراج من الوطن من الفتن والمحن التي يتمنى عندها الموت ويحتمل ان تكون متعلقة بقوله وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ فيكون المقصود حث المؤمنين على قتلهم إياهم في الحرم اى لا تبالوا بقتلهم أينما وجدتموهم فان فتنتهم اى تركهم في الحرم وصدهم إياكم عن الحرم أشد من قتلكم إياهم فيه وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ اى لا تفاتحوهم بالقتل هناك وهتك حرمة المسجد الحرام حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ حتى يبدأوكم بالقتال في الحرم وهذا بيان لشرط كيفية قتالهم في هذه البقعة خاصة فيكون تخصيصا لقوله وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ فَإِنْ قاتَلُوكُمْ ثمة فَاقْتُلُوهُمْ فيه ولا تبالوا بقتالهم ثمة لانهم الذين هتكوا حرمته فاستحقوا أشد العذاب كَذلِكَ اى مثل ذلك الجزاء على ان الكاف في محل الرفع بالابتداء جَزاءُ الْكافِرِينَ يفعل بهم مثل ما فعلوا بغيرهم فَإِنِ انْتَهَوْا عن القتال وكذا عن الكفر فان الانتهاء عن مجرد القتال لا يوجب استحقاق المغفرة فضلا عن استحقاق الرحمة فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ يغفر لهم ما قد سلف وَقاتِلُوهُمْ اى المشركين حَتَّى لا تَكُونَ الى ان لا توجد ولا تبقى فِتْنَةٌ اى شرك يعنى قاتلوهم حتى يسلموا فلا يقبل
صفحة رقم 306