
الجاهلية من اقتتال قبيلتي القاتل والمقتول، حتى يقتل بسبب ذلك جماعة
الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ كانت فرضا قبل الميراث ثم نسختها آية الميراث مع قوله صلّى الله عليه واله وسلّم: «لا وصية لوارث» «١» وبقيت الوصية مندوبة لمن لا يرث من الأقربين، وقيل:
معناها الوصية بتوريث الوالدين والأقربين على حسب الفرائض، فلا تعارض بينها وبين المواريث، ولا نسخ، والأوّل أشهر كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ أي: فرض، والقصد بقوله:
كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وبقوله: أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ تسهيل الصيام على المسلمين، وملاطفة جميلة، والذي كتب على الذين من قبلنا الصيام مطلقا، وقيل: كتب على الذين من قبلنا رمضان فبدلوه أَيَّاماً منصوب بالصيام وهو مصدر أو بمحذوف، ويبعد انتصابه بتتقون فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً الآية: إباحة للفطر مع المرض والسفر، وقد يجب الفطر إذا خاف الهلاك، وفي الكلام عند الجمهور محذوف يسمى فحوى الخطاب، والتقدير: فمن كان منكم مريضا أو على سفر فأفطر فعليه عدّة من أيام أخر، ولم يفعل الظاهرية «٢» بهذا المحذوف فرأوا أنّ صيام المسافر والمريض لا يصح، وأوجبوا عليه عدّة من أيام أخر، وإن صام في رمضان، وهذا منهم جهل بكلام العرب، وليس في الآية ما يقتضي تحديد السفر، وبذلك قال الظاهرية، وحدّه في مشهور مذهب مالك: أربعة برد «٣» وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ قيل: يطيقونه من غير مشقة فيفطرون ويكفرون. ثم نسخ جواز الإفطار بقوله: فمن شهد منكم الشهر فليصمه، وقيل: يطيقونه بمشقة كالشيخ الهرم، فيجوز له الفطر فلا نسخ على هذا، فَمَنْ تَطَوَّعَ أي صام ولم يأخذ بالفطر والكفارة، وذلك على القول بالنسخ، وقيل تطوّع بالزيادة في مقدار الإطعام، وذلك على القول بعدم النسخ.
شَهْرُ رَمَضانَ مبتدأ أو خبر ابتداء مضمر أو بدل من الصيام أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ قال ابن عباس: أنزل القرآن جملة واحدة إلى السماء الدنيا في ليلة القدر من رمضان، ثم نزل به جبريل على النبي صلّى الله عليه واله وسلّم بطول عشرين سنة، وقيل: المعنى أنزل في
(٢). أتباع الإمام داود الظاهري وابن حزم منهم أي مرحلتين وتقدران في أيامنا بمسافة ٧٠ كلم.
(٣). أتباع الإمام داود الظاهري وابن حزم منهم أي مرحلتين وتقدران في أيامنا بمسافة ٧٠ كلم.

شأنه القرآن: كقولك أنزل القرآن في فلان، وقيل: المعنى ابتدأ فيه إنزال القرآن هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى أي: أن القرآن هدى للناس، ثم هو مع ذلك من مبينات الهدى، وذلك أن الهدى على نوعين: مطلق وموصوف بالبينات، فالهدى الأوّل هنا على الإطلاق، وقوله من البينات والهدى أي: وهو من الهدى المبين، فهو من عطف الصفات كقولك:
فلان عالم وجليل من العلماء فَمَنْ شَهِدَ أي كان حاضرا غير مسافر، والشهر منصوب على الظرفية، واليسر والعسر على الإطلاق، وقيل: اليسر الفطر في السفر، والعسر الصوم فيه وَلِتُكْمِلُوا متعلق بمحذوف تقديره شرع، أو عطف على اليسر الْعِدَّةَ الأيام التي أفطر فيها وَلِتُكَبِّرُوا التكبير يوم العيد أو مطلقا أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ مقيد بمشيئة الله، وموافقة القدر، وهذا جواب من قال: كيف لا يستجاب الدعاء مع وعد الله بالاستجابة فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي أي امتثال ما دعوتهم إليه من الإيمان والطاعة أُحِلَّ لَكُمْ الآية: كان الأكل والجماع محرّما بعد النوم في ليل رمضان، فجرت لذلك قصة لعمر بن الخطاب رضي الله عنه ولصرمة بن مالك «١»، فأحلهما الله تخفيفا على عباده الرَّفَثُ هنا الجماع، وإنما تعدّى بإلى لأنه في معنى الإفضاء هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ تشبيه بالثياب، لاشتمال كل واحد من الزوجين على الآخر، وهذا تعليل للإباحة تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ أي تأكلون وتجامعون بعد النوم في رمضان فَتابَ عَلَيْكُمْ وَعَفا عَنْكُمْ أي غفر ما وقعتم فيه من ذلك، وقيل: رفع عنكم ذلك الحكم بَاشِرُوهُنَّ إباحة ما كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ قيل: الولد يبتغى بالجماع، وقيل: الرخصة في الأكل والجماع لمن نام في ليل رمضان بعد منعه مِنَ الْفَجْرِ بيان للخيط الأبيض لا للأسود لأنّ الفجر ليس له سواد، والخيط هنا استعارة:
يراد بالخيط الأبيض بياض الفجر، وبالخيط الأسود: سواد الليل، وروي أن قوله من الفجر: نزل بعد ذلك بيانا لهذا المعنى، لأنّ بعضهم جعل خيطا أبيض وخيطا أسود تحت وسادته، وأكل حتى تبين له، فقال له النبي صلّى الله عليه واله وسلّم: إنما هو بياض النهار وسواد الليل إِلَى اللَّيْلِ أي إلى أوّل الليل، وهو غروب الشمس. فمن أفطر قبل ذلك