آيات من القرآن الكريم

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى ۖ الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَىٰ بِالْأُنْثَىٰ ۚ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ۗ ذَٰلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ ۗ فَمَنِ اعْتَدَىٰ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇ ﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱ ﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛ ﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭ

وَالثَّانِي: هُوَ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ وَهُمُ الْمُوفُونَ، وَعَلَى هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ يَنْتَصِبُ «الصَّابِرِينَ» عَلَى إِضْمَارِ أَعْنِي، وَهُوَ فِي الْمَعْنَى مَعْطُوفٌ عَلَى مَنْ، وَلَكِنْ جَازَ النَّصْبُ لَمَّا تَكَرَّرَتِ الصِّفَاتُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى ذَوِي الْقُرْبَى لِئَلَّا يَفْصِلَ بَيْنَ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ الَّذِي هُوَ فِي حُكْمِ الصِّلَةِ بِالْأَجْنَبِيِّ وَهُمُ الْمُوفُونَ.
وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنْ يُعْطَفَ الْمُوفُونَ عَلَى الضَّمِيرِ فِي آمَنَ وَجَرَى طُولُ الْكَلَامِ مَجْرَى تَوْكِيدِ الضَّمِيرِ، فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ أَنْ يَنْتَصِبَ «الصَّابِرِينَ» عَلَى إِضْمَارِ أَعْنِي، وَبِالْعَطْفِ عَلَى ذَوِي الْقُرْبَى ; لِأَنَّ الْمُوفُونَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ دَاخِلٌ فِي الصِّلَةِ.
(وَحِينَ الْبَأْسِ) : ظَرْفٌ لِلصَّابِرِينَ.
قَالَ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (١٧٨)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (الْحُرُّ بِالْحُرِّ) : مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ ; وَالتَّقْدِيرُ: الْحُرُّ مَأْخُوذٌ بِالْحُرِّ.
(فَمَنْ عُفِيَ لَهُ) : مَنْ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ بِالِابْتِدَاءِ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ شَرْطِيَّةً وَأَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى الَّذِي. وَالْخَبَرُ: (فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ) : وَالتَّقْدِيرُ: فَعَلَيْهِ اتِّبَاعٌ.
وَ (مِنْ أَخِيهِ) : أَيٌّ مِنْ دَمِ أَخِيهِ، وَ «مِنْ» كِنَايَةٌ عَنْ وَلِيِّ الْقَاتِلِ ; أَيْ مَنْ جُعِلَ لَهُ مِنْ دَمِ أَخِيهِ بَدَلٌ، وَهُوَ الْقِصَاصُ أَوِ الدِّيَةُ. وَ (شَيْءٌ) : كِنَايَةٌ عَنْ ذَلِكَ الْمُسْتَحَقِّ.
وَقِيلَ «مِنْ» كِنَايَةٌ عَنِ الْقَاتِلِ ; وَالْمَعْنَى إِذَا عُفِيَ عَنِ الْقَاتِلِ فَقُبِلَتْ مِنْهُ الدِّيَةُ.
وَقِيلَ: شَيْءٌ بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ ; أَيْ مَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ عَفْوٌ ; كَمَا قَالَ: «لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا» ; أَيْ ضَيْرًا. (

صفحة رقم 145

وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ) : أَيْ إِلَى وَلِيِّ الْمَقْتُولِ. (بِإِحْسَانٍ) : فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِأَدَاءٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِلْمَصْدَرِ، وَكَذَلِكَ بِالْمَعْرُوفِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنَ الْهَاءِ، أَيْ فَعَلَيْهِ اتِّبَاعُهُ عَادِلًا وَمُحْسِنًا، وَالْعَامِلُ فِي الْحَالِ مَعْنَى الِاسْتِقْرَارِ. (فَمَنِ اعْتَدَى) : شَرْطٌ «فَلَهُ» جَوَابُهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الَّذِي.
قَالَ تَعَالَى: (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٧٩)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (يَا أُولِي الْأَلْبَابِ) : يُقَالُ فِي الرَّفْعِ بِالْوَاوِ ; وَأُولِي بِالْيَاءِ فِي الْجَرِّ وَالنَّصْبِ، مِثْلُ ذَوُو، وَأُولُو جَمْعٌ، وَاحِدُهُ ذُو، مِنْ غَيْرِ لَفْظِهِ، وَلَيْسَ لَهُ وَاحِدٌ مِنْ لَفْظِهِ.
قَالَ تَعَالَى: (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (١٨٠)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ) : الْعَامِلُ فِي إِذَا كُتِبَ وَالْمُرَادُ بِحُضُورِ الْمَوْتِ حُضُورُ أَسْبَابِهِ وَمُقَدِّمَاتِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْوَقْتُ الَّذِي فُرِضَتِ الْوَصِيَّةُ فِيهِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْكُتُبِ حَقِيقَةَ الْخَطِّ فِي اللَّوْحِ بَلْ هُوَ كَقَوْلِهِ «كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى» وَنَحْوِهِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ فِي إِذَا مَعْنَى الْإِصَاءِ وَقَدْ دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ الْوَصِيَّةُ.
وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ فِيهِ لَفْظُ الْوَصِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْآيَةِ ; لِأَنَّهَا مَصْدَرٌ، وَالْمَصْدَرُ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ مَعْمُولُهُ، وَهَذَا الَّذِي يُسَمَّى التَّبْيِينُ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: (إِنْ تَرَكَ خَيْرًا) : فَجَوَابُهُ عِنْدَ الْأَخْفَشِ «الْوَصِيَّةُ» وَتُحْذَفُ الْفَاءُ ; أَيْ فَالْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ الشَّاعِرِ.
مَنْ يَفْعَلِ الْحَسَنَاتِ اللَّهُ يَشْكُرُهَا وَالشَّرُّ بِالشَّرِّ عِنْدَ اللَّهِ مِثْلَانِ.

صفحة رقم 146
التبيان في إعراب القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو البقاء محبّ الدين عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبريّ البغدادي
الناشر
عيسى البابي الحلبي وشركاه
عدد الأجزاء
1
التصنيف
إعراب القرآن
اللغة
العربية