[سورة البقرة (٢) : آية ١٧٠]
وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ (١٧٠)وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا فتحت الواو لأنها واو عطف.
[سورة البقرة (٢) : آية ١٧١]
وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ إِلاَّ دُعاءً وَنِداءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ (١٧١)
وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا مبتدأ، وخبره كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ قال أبو جعفر: وقد تقصينا معناه. بِما لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعاءً نصب بيسمع. وَنِداءً عطف عليه. صُمٌّ أي هم صمّ.
[سورة البقرة (٢) : آية ١٧٣]
إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٧٣)
إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ نصب بحرّم، و «ما» كافة، ويجوز أن تجعلها بمعنى الذي وترفع الميتة والدم ولحم الخنزير. فَمَنِ اضْطُرَّ ضمّت النون لالتقاء الساكنين وأتبعت الضمة الضمة، ويجوز الكسر على أصل التقاء الساكنين، وقرأ أبو جعفر فَمَنِ اضْطُرَّ «١» بكسر الطاء لأنّ الأصل اضطرر فلمّا أدغم ألقى حركة الراء على الطاء ويجوز (فمن اضّرّ) لمّا لم يجز أن يدغم الضاد في الطاء أدغم الطاء في الضاد، ويجوز أن تقلب الضاد طاء من غير إدغام ثم تدغم الطاء في الطاء فتقول: فمن اطّر وهذا في غير القرآن، غَيْرَ باغٍ «غير» نصب على الحال، والأصل باغي استثقلت الحركة في الياء فسكنت والتنوين ساكن فحذفت الياء لسكونها وسكون التنوين وكانت أولى بالحذف لأن التنوين علامة وقبل الياء ما يدلّ عليها وكذا ولا عاد.
[سورة البقرة (٢) : آية ١٧٤]
إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (١٧٤)
الَّذِينَ اسم «إنّ»، والخبر أُولئِكَ ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ.
[سورة البقرة (٢) : آية ١٧٧]
لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقابِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (١٧٧)
لَيْسَ الْبِرَّ اسم ليس، والخبر أَنْ تُوَلُّوا وقرأ الكوفيون لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا «٢»
(٢) انظر معاني الفراء ١/ ١٠٣، والبحر المحيط ٢/ ٣.
جعلوا «أن» في موضع رفع والأول بغير تقديم ولا تأخير، وفي قراءة أبيّ وابن مسعود ليس البرّ بأن تولّوا فلا يجوز في البرّ هاهنا إلّا الرفع. وَلكِنَّ الْبِرَّ وقرأ الكوفيون ولكن البرّ رفع بالابتداء. مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ الخبر، وفيه ثلاثة أقوال: يكون التقدير ولكن البرّ برّ من آمن بالله ثم حذف كما قالت الخنساء: [البسيط] ٣٢-
فإنما هي إقبال وإدبار «١»
أي ذات إقبال، ويجوز أن يكون التقدير ولكن ذو البرّ من آمن بالله ويجوز أن يكون البرّ بمعنى البار والبرّ كما يقال: رجل عدل، وفي الآية إشكال من جهة الإعراب لأن بعد هذا وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فيه خمسة أقوال: يكون و «الموفون» رفعا عطفا على «من»، و «الصابرين» على المدح أي وأعني الصابرين، ويكون و «الموفون» رفعا بمعنى، وهم الموفون مدحا للمضمرين و «الصابرين» عطفا على ذوي القربى، ويكون و «الموفون» رفعا على وهم الموفون و «الصابرين» بمعنى وأعني الصابرين فهذه ثلاثة أجوبة لا مطعن فيها من جهة الإعراب موجودة في كلام العرب وأنشد سيبويه «٢» :[الكامل] ٣٣-
لا يبعدن قومي الّذين هم | سمّ العداة وآفة الجزر |
النّازلين بكلّ معترك | والطّيّبون معاقد الأزر |
قال الكسائي: يجوز أن يكون و «الموفون» نسقا «٣» على «من» و «الصابرين» نسقا على «ذوي القربى». قال أبو جعفر: وهذا القول خطأ وغلط بيّن لأنك إذا نصبت والصابرين ونسقته على ذوي القربى دخل في صلة «من» فقد نسقت على «من» من قبل أن تتمّ الصلة وفرقت بين الصلة والموصول بالمعطوف، والجواب الخامس: أن يكون
«ترتع ما رتعت حتى إذا ادّكرت»
(٢) البيتان للخرنق بنت بدر بن هفان في ديوانها ص ٤٣، والأشباه والنظائر ٦/ ٢٣١، وأمالي المرتضى ١/ ٢٠٥، والإنصاف ٢/ ٤٦٨، وأوضح المسالك ٣/ ٣١٤، والحماسة البصرية ١/ ٢٢٧، وخزانة الأدب ٥/ ٤١، والدرر ٦/ ١٤، وسمط اللآلي ص ٥٤٨، وشرح أبيات سيبويه ٢/ ١٦، وشرح التصريح ٢/ ١١٦، والكتاب ١/ ٢٦٤، ولسان العرب (نضر)، والمحتسب ٢/ ١٩٨، والمقاصد النحوية ٣/ ٦٠٢، وأساس البلاغة (أزر)، وبلا نسبة في رصف المباني ص ٤١٦، وشرح الأشموني ٢/ ٣٩٩.
(٣) النسق: العطف.