
٥- يحسن بالمرء ترك الاعتزاز بشرف وصلاح١ الماضين٢، والإقبال على نفسه بتزكيتها وتطهيرها.
٦- سنة الله في الخلق أن المرء يجزى بعمله، ولا يسأل عن عمل غيره.
٧- يطلق لفظ الأب على العم تغليباً وتعظيماً.
﴿وَقَالُوا٣ كُونُوا هُوداً أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٣٥) قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا٤ وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ٥ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (١٣٦) فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (١٣٧) صِبْغَةَ اللهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ (١٣٨) ﴾
شرح الكلمات:
تهتدوا: تصيبوا طريق الحق.
لا تقل أصلي وفصلي يا فتى
إنما أصل الفتى ما قد حصل٢ ذكر ابن كثير عن ابن إسحاق ابن عبد الله بن صوريا الأعور اليهودي قال لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ما الهدى إلا ما نحن عليه، فاتبعنا يا محمد تهتد، وقال النصارى مثل ذلك. فأنزل الله عز وجل: ﴿وَقَالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا﴾ الآية.
٣ روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان أهل الكتاب يقرأون التوراة بالعبرانية ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا: آمنا بالله وما أنزل علينا، وما أنزل إليكم..".
٤ الأسباط: أولاد يعقوب عليهم السلام وهم: اثنا عشر ولداً: يوسف وبنيامين وبوذا ولكل واحد منهم أمة من الناس. الواحد: سبط والجمع: أسباط، والسبط في بني إسرائيل بمنزلة القبيبلة، وفي ولد إسماعيل عليه السلام، وسموا الأسباط من السبط، وهو: التتابع لأنهم متتابعون.
٥ أي: لا نؤمن ببعض ونكفر ببعض كصنيع اليهود والنصارى.

ملة إبراهيم: دين إبراهيم الذي كان عليه.
حنيفاً١: مستقيماً على دين الله موحداً فيه لا يشرك بالله شيئاً.
ما أوتي موسى: التوراة.
وما أوتي عيسى: الإنجيل.
في شقاق: خلاف وفراق وعداء لك وحرب عليك.
صبغة الله: دينه الذي طهرنا به ظاهراً وباطناً فظهرت آثاره علينا كما يظهر أثر الصبغ على الثوب المصبوغ.
معنى الآيات:
ما زال السياق في حجاج أهل الكتاب ودعوتهم إلى الإسلام فقد قال اليهود للرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه. كونوا يهوداً تهتدوا إلى الحق، وقالت النصارى من وفد نجران، كذلك كونوا نصارى تهتدوا. فحكى الله تعالى قولهم، وعلم رسوله أن يقول لهم لا تتبع يهودية ولا نصرانية بل تتبع دين إبراهيم الحنيف المفضي بصاحبه إلى السعادة والكمال.
وفي الآية الثانية (١٣٦) أمر الله تعالى رسوله والمؤمنين أن يعلنوا في وضوح عن عقيدتهم الحقة، وهي الإيمان بالله وما أنزل من القرآن، وما أنزل على الأنبياء كافة، وما أوتي موسى وعيسى من التوراة والإنجيل خاصة، مع عدم التفرقة بين رسول ورسول والإسلام الظاهر والباطن لله رب العالمين.
وفي الآية الثالثة (١٣٧) يقول تعالى لرسوله والمؤمنين إن آمن اليهود والنصارى إيماناً صحيحاً كإيمانكم٢ فقد اهتدوا، وإن أبوا فتولوا وأعرضوا فأمرهم لا يعدو شقاقاً وحرباً لله ورسوله، والله تعالى سيكفيكهم بما شاء وهو السميع لأقوالهم الباطلة العليم بأعمالهم الفاسدة، وقد أنجز٣ تعالى وعده لرسوله فأخرج اليهود من المدينة بل ومن الحجاز مع ما
٢ الآية: ﴿فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ..﴾، وكان ابن عباس يقرأها: "فإن آمنوا بالذي أمنتم به" وهو تفسير لا قراءة، وعليه فمثل: زائدة نظيرها، ليس كمثله شيء، أي ليس كهو شيء.
٣ نعم: أنجز الله تعالى وعده لرسوله فكفاه اليهود الذين وطنوا العزم على قتله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فحاولوا وخابوا ولم يقدروا إذ كفاه الله تعالى إياهم.

جللهم به من الخزي والعار.
وفي الآية الرابعة (١٣٨ يقول تعالى لرسوله رداً على اليهود والنصارى قولوا لهم: نتبع١ صبغة الله بها وفطرته عليها وهي الإسلام، ونحن له تعالى عابدون.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١- لا هداية إلا في الإسلام ولا سعادة ولا كمال إلا بالإسلام.
٢- الكفر برسول، كفر بكل الرسل فقد كفر اليهود بعيسى، وكفر النصاري بمحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأصبحوا بذلك كافرين، وآمن المسلمون بكل الرسل فأصبحوا بذلك مؤمنين.
٣- لا يزال اليهود والنصارى في عداء للإسلام وحرب على المسلمين، والمسلمون يكفيهم الله تعالى شرهم إذا هم استقاموا على الإسلام عقيدة وعبادة وخلقاً وأدباً وحكماً.
٤- الواجب على من دخل الإسلام أن يغتسل غسلاً كغسل الجنابة إذ هذا من صبغة٢ الله تعالى، لا المعمودية النصرانية التي هي غمس المولود يوم السابع من ولادته في ماء يقال له المعمودي وإدعاء أنه طهر بذلك ولا يحتاج إلى الختان.
{قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ (١٣٩) أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ
٢ تعميد النصارى لأطفالهم، وهو صبغهم بالماء؛ كالثوب يصبغ باللون من الألوان، فهم يرون أن الولد لما يصبغ بالماء أصبح نصرانياً لا يفارقه. أي هذا الإثم الذي هو النصراني.