آيات من القرآن الكريم

وَوَصَّىٰ بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ
ﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖ

(ووصى بها إبراهيم بنيه) الضمير في " بها " راجع إلى الملة الحنيفية أو إلى الكلمة أي أسلمت لرب العالمين، قال القرطبي: وهو أصوب لأنه أقرب مذكور أي قولوا أسلمنا انتهى، والأول أرجح لأن المطلوب ممن بعده هو اتباع ملته لا مجرد التكلم بكلمة الإسلام، فالتوصية بذلك أليق بإبراهيم وأولى بهم، قيل كانوا ثمانية منهم إسمعيل وهو أول أولاده وقيل أربعة عشر (ويعقوب) معطوف على إبراهيم أي وأوصى يعقوب بنيه كما أوصى إبراهيم بنيه، وكانوا اثني عشر، وقرىء بنصب يعقوب فيكون داخلاً فيما أوصاه إبراهيم، قال القشيري: وهو بعيد، لأن يعقوب لم يدرك جده إبراهيم وإنما ولد بعد موته.
(يا بني) قيل أنه من مقول إبراهيم وقيل من مقول يعقوب

صفحة رقم 286

(إن الله اصطفى لكم الدين) المراد بالدين ملته التي لا يرغب عنها إلا من سفه نفسه وهي الملة التي جاء بها محمد - ﷺ -، وفي قوله:
(فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون) إيجاز بليغ، والمراد إلزموا الإسلام ولا تفارقوه حتى تموتوا، وهذا استثناء مفرغ من أعم الأحوال أي لا تموتوا على حالة غير حالة الإسلام، وليس فيه نهي عن الموت الذي هو قهري، ولهذا قال السيوطي نهى عن ترك الإسلام وأمر بالثبات عليه إلى مصادفة الموت، انتهى، والمعني أن موتهم لا على حال الثبات على الإسلام موت لا خير فيه، وإن حق هذا الموت أن لا يحصل فيهم، عن فضيل بن عياض قال:
(مسلمون) أي محسنون بربكم الظن، ويدل عليه ما روي عن جابر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبل موته بثلاثة أيام يقول: " لا يموتن أحد إلا وهو يحسن الظن بربه " أخرجاه في الصحيحين (١).
_________
(١) قال البغوي: في تفسيره -١٨٨: والنهي في ظاهر الكلام وقع على الموت، وإنما نُهوا في الحقيقة عن ترك الإسلام معناه: داوموا على الإسلام حتى لا يصادفكم الموت إلا وأنتم مسلمون، وعن الفضيل بن عياض رحمه الله: أنه قال: إلا وأنتم مسلمون، أي: محسنون بربكم الظن، أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي شريح، أنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي، أنا علي بن الجعد أنا أبو جعفر الرازي عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول الله - ﷺ قبل موته بثلاثة أيام، يقول: " لا يموتن أحدكم إلاّ وهو يحسن الظن بالله عز وجلّ ".

صفحة رقم 287
فتح البيان في مقاصد القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الطيب محمد صديق خان بن حسن بن علي ابن لطف الله الحسيني البخاري القِنَّوجي
راجعه
عبد الله بن إبراهيم الأنصاري
الناشر
المَكتبة العصريَّة للطبَاعة والنّشْر
سنة النشر
1412
عدد الأجزاء
15
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية