آيات من القرآن الكريم

رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ ۚ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
ﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄ

قوله تعالى (ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم)
قال الشيخ الشنقيطي عند هذه الآية والتي قبلها: لم يبين هنا من هذه الأمة التي أجاب الله بها دعاء نبيه إبراهيم وإسماعيل. ولم يبين هنا أيضاً: هذا الرسول المسئول بعثه فيهم من هو؟ ولكنه يبين في سورة الجمعة أن تلك الأمة العرب، والرسول هو سيد الرسل محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وذلك في قوله (هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفى ضلال مبين وآخرين منهم لما يلحقوا بهم) لأن الأميين العرب بالإجماع والرسول المذكور نبينا محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إجماعا. ولم يبعث رسول من ذرية إبراهيم وإسماعيل إلا نبينا محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وحده.
وقال ابن كثير عند هذه الآية: والمراد بذلك محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقد بعث فيهم كما قال تعالى (هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم) ومع هذا لا ينفي رسالته إلى الأحمر والأسود لقوله تعالى (قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا).
قال الحاكم: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا أحمد بن عبد الجبار ثنا يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال: حدثني ثور ابن يزيد عن خالد بن معدان عن أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنهم قالوا يا رسول الله أخبرنا عن نفسك فقال دعوة أبي إبراهيم وبشرى عيسى ورأت أمي حين حملت بي أنه خرج منها نور أضاءت له بصرى وبصرى من أرض الشام.
قال الحاكم خالد بن معدان من خيار التابعين صحب معاذ بن جبل فمن بعده من الصحابة فإذا أسند حديث إلى الصحابة فإنه صحيح الإسناد وإن لم يخرجاه ووافقه الذهبي (المستدرك ٢/٦٠٠)، وذكره ابن كثير من طريق محمد بن إسحاق به وقال: وهذا إسناد جيد قوي (البداية والنهاية ٢/٢٧٥). وفي التفسير قال: وهذا إسناد جيد وروي له شواهد من وجوه أخر (٤/٣٦٠ ط المعرفة). ساق الشواهد وهي أحاديث يقوي بعضها بعضاً. وصححه الألباني (السلسلة الصحيحة ح ١٥٤٥).
وأخرج ابن أبي حاتم بسنده الجيد عن أبي العالية قوله (ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم) يعني: أمة محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقيل قد استجيب لك وهو كائن في آخر الزمان.

صفحة رقم 241

قوله تعالى (يتلو عليهم آياتك)
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الصحيح عن سعيد عن قتادة قوله (ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم يتلو عليهم آياتك) قال: ففعل الله ذلك، فبعث فيهم رسولاً من أنفسهم يعرفون وجهه ونسبه يخرجهم من الظلمات إلى النور ويهديهم إلى صراط العزيز الحميد.
قوله تعالى (والحكمة)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة والحكمة أي: السنة.
قوله تعالى (إنك أنت العزيز الحكيم)
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الجيد عن أبي العالية (العزيز) يقول عزيز في نقمته إذا انتقم، (الحكيم) قال: حكيم في أمره.
قوله تعالى (ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه)
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الجيد عن أبي العالية (ومن يرغب عن ملة إبراهيم) قال: رغبت اليهود والنصارى عن ملة إبراهيم وابتدعوا اليهودية والنصرانية وليست من الله وتركوا دين إبراهيم.
وأخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة بنحوه.
قال الشيخ الشنقيطي عند هذه الآية: لم يبين هنا ما ملة إبراهيم وبينها بقوله (قل إنني هدانى ربي إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين) فصرح في هذه الآية بأنها دين الإسلام الذي بعث الله به نبيه محمدا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وكذا في قوله (ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم) الآية.
قوله تعالى (ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله (ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب) يقول: ووصى بها يعقوب بنيه بعد إبراهيم.

صفحة رقم 242
الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور
عرض الكتاب
المؤلف
حكمت بشير ياسين
الناشر
دار المآثر للنشر والتوزيع والطباعة- المدينة النبوية
سنة النشر
1420 - 1999
الطبعة
الأولى ، 1420 ه - 1999 م
عدد الأجزاء
4
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية