
الى معالم الحق والهدى وتاه في تيه الهوى وتردى في مهاوى الردى وسواء السبيل وسط الطريق السوي الذي هو بين الغلو والتقصير وهو الحق واكثر المفسرين على ان سبب نزول الآية ان اليهود قالوا يا محمد ائتنا بكتاب الله جملة كما جاء موسى بالتوراة جملة فنزلت كما قال يَسْئَلُكَ أَهْلُ الْكِتابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتاباً مِنَ السَّماءِ الى قوله جَهْرَةً فالمخاطبون بقوله أم تريدون هم اليهود واضافة الرسول إليهم في قوله رسولكم باعتبار انهم من امة الدعوة ومعنى تبدل الكفر بالايمان ترك صرف قدرتهم اليه مع تمكنهم من ذلك وإيثارهم للكفر عليه قال الامام وهذا أصح لان الآية مدنية ولان هذه السورة من أول قوله يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ حكاية عنهم ومحاجة معهم وفي الآية اشارة الى حفظ الآداب فمن لم يتأدب بين يدى مولاه ورسوله وخلفائه فقد تعرض للكفر وحقيقة الأدب اجتماع خصال الخير وعن النبي عليه السلام قال (حق الولد على والده ان يحسن اسمه ويحسن مرضعه ويحسن أدبه فانه مسؤل عنه يوم القيامة ومؤاخذ بالتقصير فيه) قال في بستان العارفين مثل الايمان مثل بلدة لها خمسة من الحصون الاول من ذهب والثاني من فضة والثالث من حديد والرابع من حبوكل والخامس من لبن فمادام اهل الحصن يتعاهدون الحصن الذي من اللبن فالعدو لا يبلغ فيهم فاذا تركوا التعاهد حتى خرب الحصن الاول طمع في الثاني ثم في الثالث حتى خرب الحصون كلها فكذلك الايمان في خمسة من الحصون أولها اليقين ثم الإخلاص ثم أداء الفرائض ثم إتمام السنن ثم حفظ الأدب فمادام يحفظ الأدب ويتعاهده فان الشيطان لا يطمع فيه فاذا ترك الأدب طمع في السنن ثم في الفرائض ثم في الإخلاص ثم في اليقين وينبغى ان يحفظ الأدب في جميع أموره من امر الوضوء والصلاة والبيع والشراء والصحبة وغير ذلك واعلم ان الشريعة هي الاحكام والطريقة هي الأدب وانما رد من رد لعدم رعاية الأدب كابليس وغيره من المردودين كما قيل
بى ادب مرد كى شود مهتر | گر چهـ او را جلالت نسبست |
با ادب باش تا بزرگ شوى | كه بزرگى نتيجه ادبست |

إذا لم يكن لها امام معلوم ومؤذن ثم مساجد البيوت فانه لا يجوز الاعتكاف فيها الا للنساء انتهى قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده افندى لا مقام اشرف من الجامع الكبير ببروسة بعد الكعبة المكرمة والمدينة المنورة والقدس الشريف وقال كان هو موضع بيت عجوز آمنت بنوح النبي عليه السلام فحفظها الله من الطوفان في ذلك البيت حين لم تدرك السفينة هكذا ظهر لبعض اهل الله بطريق الكشف ومن اشتغل فيه صانه الله من طوفان الغفلة وقال ايضا الاشغال في مكة يوما يقوم مقام الاشتغال في سائر البلاد سنة بشرط رعاية آدابها قال وفي بلادنا للشغل موضعان أحدهما جامع السيد البخاري ببلدة بروسة والآخر مقام ابى أيوب الأنصاري بقسطنطينية
عابدان اندر نماز وعارفان اندر نياز | عاشقان از شوق وصل يار در سوز وگداز |

النعم وكيفما قدر وعلى أي شىء نزل فالواسع المطلق هو الله تعالى لانه ان نظر الى علمه فلا ساحل لبحر معلوماته بل تنفد البحار لو كانت مدادا لكلماته وان نظر الى إحسانه ونعمه فلا نهاية لمقدوراته وكل سعة وان عظمت فتنتهى الى طرف والذي لا يتناهى الى طرف فهو أحق باسم السعة والله تعالى هو الواسع المطلق لان كل واسع بالاضافة الى ما هو أوسع منه ضيق وكل سعة تنتهى الى طرف فالزيادة عليها متصورة وما لا نهاية له ولا طرف فلا يتصور عليه زيادة وسعة العبد فى معارفه وأخلاقه فان كثرت علومه فهو واسع بقدر سعة علمه وان اتسعت أخلاقه حتى لم يضيقها خوف الفقر وغيظ الحسود وغلبة الحرص وسائر الصفات المذمومة فهو واسع وكل ذلك فهو الى نهاية وانما الواسع المطلق هو الله تعالى: قال في المثنوى
اى سگ گرگين زشت از حرص وجوش | پوستين شير را بر خود مپوش |
غره شيرت بخواهد امتحان | نقش شير وانكه اخلاق سگان |

الآية لما طعن اليهود في نسخ القبلة- روى- انه عليه السلام كان يصلى بمكة مع أصحابه الى الكعبة فلما هاجر الى المدينة امره الله ان يصلى نحو بيت المقدس ليكون أقرب الى تصديق اليهود فصلى نحوه ستة عشر شهرا وكان يقع في روعه ويتوقع من ربه ان يحوله الى الكعبة لانها قبلة أبيه ابراهيم وأقدم القبلتين وادعى للقرب الى الايمان كما قال الله تعالى قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها وذلك في مسجد بنى سلمة فصلى الظهر ولما صلى الركعتين نزل قوله تعالى فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ فتحول في الصلاة فسمى ذلك المسجد مسجد القبلتين فلما تحولت القبلة أنكر من أنكر فكان هذا ابتلاء من الله تعالى كما قال تعالى وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ اللهم اهدنا وسددنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين فللمؤمن حقا ان يعتصم بالله ويدور مع الأمر الإلهي حيث يدور ويتبع الرسل ولا يتبع عقله العاجز وفهمه القاصر ويتعلم الأدب من معدن الرسالة حيث لم يسأل تحويل القبلة بل انتظر الى امر الله فاكرمه الله بإعطاء مرامه وفضله على سائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام اعلم ان الذين شقت عليهم التحويلة طائفتان محجوبتان بالخلق عن الحق اما الطائفة الاولى فقد عرفت ان التحويلة من الكعبة الى بيت المقدس كانت صورة العروج من مقام المكاشفة اعنى مقام القلب الى مقام المشاهدة اعنى مقام الروح فحسبوا التحويلة من بيت المقدس الى الكعبة بعد ابعد القرب ونزولا بعد العروج وظنوا ضياع السعى الى المقام الأشرف والسقوط عن الرتبة فشق عليهم ولم يعلموا انه صورة الرجوع الى مقام القلب حالة التمكين للدعوة ومشاهدة الجمع في عين التفصيل والتفصيل في عين
الجمع حتى لا يحتجب العبد بالوحدة عن الكثرة ولا بالكثرة عن الوحدة واما الطائفة الثانية فتقيدوا بصورة عملهم ولم يعرفوا حكمة التحويلة فحسبوا صحة العبادة الثانية دون الاولى فشق عليهم ضياعها على ما توهموا واما الذين سبقت لهم من الله الحسنى فلم يحتجبوا بحجاب واهتدوا الى ما هو الصواب فوصلوا الى التوحيد الذاتي المحمدي اللهم اجعلنا من المهتدين واحشرنا مع الأنبياء والمرسلين وقال اهل التأويل وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ اى عالم النور والظهور الذي هو جهة النصارى وقبلتهم بالحقيقة باطنه وعالم الظلمة والاختفاء الذي هو جهة اليهود وقبلتهم بالحقيقة ظاهره فَأَيْنَما تُوَلُّوا اى أي جهة توجهوا من الظاهر والباطن فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ اى ذاته المتجلية بجميع صفاته الجمالية والجلالية إذ بعد الاشراق على قلوبكم بالظهور فيها والتجلي لها بصفة جماله حالة شهودكم وفنائكم فيه والقروب فيها بتستره واحجابه بصفة جلاله حالة بقائكم بعد الفناء فأى جهة توجهوا حينئذ فثم وجهه ليس الا هو وحده: قال الحافظ
ميان كعبه وبتخانه هيچ فرقى نيست | بهر طرف كه نظر ميكنى برابر اوست |