آيات من القرآن الكريم

وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَىٰ فِي خَرَابِهَا ۚ أُولَٰئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ ۚ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱ ﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒ ﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡ ﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔ

وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْكَافُ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ بِالِابْتِدَاءِ، وَالْجُمْلَةُ بَعْدَهُ خَبَرٌ عَنْهُ، وَالْعَائِدُ عَلَى الْمُبْتَدَأِ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: قَالَهُ; فَعَلَى هَذَا يَكُونُ قَوْلُهُ (مِثْلَ قَوْلِهِمْ) صِفَةً لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ، أَوْ مَفْعُولًا لِيَعْمَلُونَ.
وَالْمَعْنَى مِثْلَ قَوْلِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ اعْتِقَادَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى.
وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ مَفْعُولُ قَالَ: لِأَنَّهُ قَدِ اسْتَوْفَى مَفْعُولَهُ، وَهُوَ الضَّمِيرُ الْمَحْذُوفُ. وَ (فِيهِ) : مُتَعَلِّقٌ بِـ (يَخْتَلِفُونَ).
قَالَ تَعَالَى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (١١٤)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَمَنْ أَظْلَمُ) : مَنِ اسْتِفْهَامٌ فِي مَعْنَى النَّفْيِ، وَهُوَ رَفْعٌ بِالِابْتِدَاءِ، وَأَظْلَمُ خَبَرُهُ، وَالْمَعْنَى لَا أَحَدَ أَظْلَمُ. (مِمَّنْ مَنَعَ) : مَنْ نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ، أَوْ بِمَعْنَى الَّذِي: «أَنْ يُذْكَرَ» فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا هُوَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْبَدَلِ مِنْ مَسَاجِدَ، بَدَلُ الِاشْتِمَالِ تَقْدِيرُهُ: ذِكْرَ اسْمِهِ فِيهَا. وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْمَفْعُولِ لَهُ، تَقْدِيرُهُ: كَرَاهِيَةَ أَنْ يُذْكَرَ.
وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ جَرٍّ، تَقْدِيرُهُ مِنْ أَنْ يُذْكَرَ. وَتَتَعَلَّقُ مِنْ إِذَا ظَهَرَتْ بِمَنَعَ ; كَقَوْلِكَ مَنَعْتُهُ مِنْ كَذَا.
وَإِذَا حُذِفَ حَرْفُ الْجَرِّ مَعَ أَنَّ بَقِيَ الْجَرُّ، وَقِيلَ يَصِيرُ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ. وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: (لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ) [الْبَقَرَةِ: ٢٦].
(وَسَعَى فِي خَرَابِهَا) : خَرَابٌ: اسْمٌ لِلتَّخْرِيبِ مِثْلُ السَّلَامِ اسْمٌ لِلتَّسْلِيمِ، وَلَيْسَ بِاسْمٍ لِلْجُثَّةِ. وَقَدْ أُضِيفَ اسْمُ الْمَصْدَرِ إِلَى الْمَفْعُولِ ; لِأَنَّهُ يَعْمَلُ عَمَلَ الْمَصْدَرِ.

صفحة رقم 107

(إِلَّا خَائِفِينَ) : حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي يَدْخُلُوهَا. (لَهُمْ فِي الدُّنْيَا) : جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ، وَلَيْسَتْ حَالًا مِثْلَ خَائِفِينَ ; لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُمُ الْخِزْيَ ثَابِتٌ فِي كُلِّ حَالٍ ; لَا فِي حَالِ دُخُولِهِمُ الْمَسَاجِدَ خَاصَّةً.
قَالَ تَعَالَى: (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (١١٥)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ) : هُمَا مَوْضِعُ الشُّرُوقِ وَالْغُرُوبِ.
(فَأَيْنَمَا) : شَرْطِيَّةٌ، وَ (تُوَلُّوا) : مَجْزُومٌ بِهِ، وَهُوَ النَّاصِبُ لِأَيْنَ، وَالْجَوَابُ (فَثَمَّ). وَقُرِئَ فِي الشَّاذِّ: تَوَلَّوْا بِفَتْحِ التَّاءِ، وَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: هُوَ مُسْتَقْبَلٌ أَيْضًا، وَتَقْدِيرُهُ تَتَوَلَّوْا فَحَذَفَ التَّاءَ الثَّانِيَةَ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ مَاضِي، وَالضَّمِيرُ لِلْغَائِبِينَ، وَالتَّقْدِيرُ أَيْنَمَا يَتَوَلَّوْنَ.
وَقِيلَ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَاضِيًا قَدْ وَقَعَ، وَلَا يَكُونُ أَيْنَ شَرْطًا فِي اللَّفْظِ، بَلْ فِي
الْمَعْنَى، كَمَا تَقُولُ مَا صَنَعْتَ صَنَعْتُ، إِذَا أَرَدْتَ الْمَاضِيَ. وَهَذَا ضَعِيفٌ ; لِأَنَّ: أَيْنَ إِمَّا اسْتِفْهَامٌ، وَإِمَّا شَرْطٌ، وَلَيْسَ لَهَا مَعْنًى ثَالِثٌ. وَ (ثَمَّ) : اسْمٌ لِلْمَكَانِ الْبَعِيدِ عَنْكَ، وَبُنِيَ لِتَضَمُّنِهِ مَعْنَى حَرْفِ الْإِشَارَةِ.
وَقِيلَ: بُنِيَ لِتَضَمُّنِهِ مَعْنَى حَرْفِ الْخِطَابِ ; لِأَنَّكَ تَقُولُ فِي الْحَاضِرِ هُنَا، وَفِي الْغَائِبِ هُنَاكَ، وَثَمَّ نَابَ عَنْ هُنَاكَ.
قَالَ تَعَالَى: (وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ ((١١٦)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا) : يُقْرَأُ بِالْوَاوِ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ: (وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ) [الْبَقَرَةِ: ١١١].
وَيُقْرَأُ بِغَيْرِ وَاوٍ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ. (كُلٌّ لَهُ) : تَقْدِيرُهُ كُلُّ أَحَدٍ مِنْهُمْ أَوْ كُلُّهُمْ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي كُلٍّ أَنْ تُسْتَعْمَلَ مُضَافَةً، وَمِنْ هُنَا ذَهَبَ جُمْهُورُ النَّحْوِيِّينَ إِلَى مَنْعِ دُخُولِ الْأَلِفِ وَاللَّامِ عَلَى كُلٍّ ; لِأَنَّ

صفحة رقم 108
التبيان في إعراب القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو البقاء محبّ الدين عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبريّ البغدادي
الناشر
عيسى البابي الحلبي وشركاه
عدد الأجزاء
1
التصنيف
إعراب القرآن
اللغة
العربية