آيات من القرآن الكريم

وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝ ﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦ ﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱ ﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺ ﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅ

وقال ابن جبير: " ما بين ذلك " ما بين الدنيا والآخرة، يعني البرزخ.
فيكون المعنى: فلا استبطاء يا محمد في تخلفنا عنك، فإنا لا نترك إلا بأمر ربك لنا بالنزول بما هو حادث من أمور الآخرة، وما قد مضى من أمر الدنيا، وما بين هذين الوقتين.
وقوله: ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً﴾ أي ذا نيسان، فيكون تأخر نزولنا من أجل نسيانه إياكز
قال مجاهد " ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً﴾ أي ما نيسك.
قوله تعالى ذكره: ﴿رَّبُّ السماوات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا﴾ إلى قوله: ﴿أَشَدُّ عَلَى الرحمن عِتِيّاً﴾.
أي: وما كان ربك - رب السماوات والأرض وما بينهما - ذ نيسان، " فاعبده " أي: الزم طاعته.
﴿واصطبر لِعِبَادَتِهِ﴾ أي: اصبر نفسك على العمل بطاعته.
﴿هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً﴾ أي: مثلاً وشبهاً في جوده وحلمه وكرمه وطوله. قاله ابن عباس وقتادة/ ومجاهد وابن جبير.

صفحة رقم 4568

وعن ابن عباس أن معناه: هل تعلم يا محمد أحداً يمسى الرحمن سواه.
وقيل: هل تعلم أحداً يقال له الله غيره.
وقل المعنى: هل تعلم أحداً قال له رب السماوت والأرض وما بينهما غيره.
وقيل: المعنى: هخل تعلم أحداً يجوز أن يكون إلهاً معبوداً غيره.
ثم قال تعالى: ﴿وَيَقُولُ الإنسان أَءِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيّاً﴾.
أي: ينكر الإنسان الكافر البعث، فيقول: أنبعث، إذا ما مت، إنكاراً منه للبعث.
فقال الله تعالى لنا: ﴿أَوَلاَ يَذْكُرُ الإنسان أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً﴾ أي: فكما خلقناه من غير شيء، وأوجدناه من عدم، كذلك نحييه بعد مماته. وهذا مثل قوله تعالى: ﴿وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ﴾ [يس: ٧٨] فكان الجواب ﴿قُلْ يُحْيِيهَا الذي أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ [يس: ٧٩] والرؤية بمعن العلم في هذا. أي: أولم يعلم الإنسان ذلك من حدوثه قبل أن لم يكن شيئاً. ولا يجوزك أن تكنون من رؤية البصر، لأن الإنسان لم ير نفسه وقت خلقه.
والوقف على " حياً " بعيد، لأن " أولاً " معطوف، دخل عليه ألف الاستفهام للتوبيخ.
وقيل: إن الآية نزلت في الوليد بن المغيرة وأصحابه. ثم هي في كل من كان

صفحة رقم 4569

مثلهم من الكفار المنكرين للبعث. ودخلت اللام في " لسوف " للتأكيد جواباً لقول قيل للإنسان، كان النبي ﷺ قال له: (إذا ما مات لسوف تبعث حياً). فقال إنكاراً للبعث، وجواباً لما قيل له: " أئذا ما مت لسوف أبعث " فأتى باللام في الجواب، كما كانت في القول ولو كان مبتدئاً بذلك لم تدخل اللام، لأن اللام للتأكيد والإيجاب، وهو مكر للبعث، فلا يصلح دخول اللام في غير مكر لخبره، فإنما دخلت في هذا لمجازاة ما قبل له. أدخل اللام في الجواب كما دخلت في القول الذي أجاب عنه.
ثم قال: ﴿فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ والشياطين﴾.
أي: لنحشرن هؤلاء المنكرين للبعث مقرنين بأوليائهم من الشياطين.
﴿ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيّاً﴾.
أي: على ركبهم، وهو جمع جاث. وأصله جثو، مثل: قاعد وقعود، ثم أبدل من الواو ياء لأنها ظرف على ما تقدم في " مرضياً ".
وقيل: " جثياً " قعوداً لا يقدرون عل القيام لشدة هول ما يرون.
روى ابن جبير عن ابن عباس أنه قال: " سمعت النبي ﷺ يقول: إنكم

صفحة رقم 4570

[ملاقو] الله حفاة عراة مشاة عزلاً " قال ابن جبير: يحشرون حفاة عراة، فأول من يكسى خليل الله ابراهيم عليه السلام.
وعن النبي ﷺ أنه قال: " كأني أراكم جاثين بالكوم دون جهنم " ثم قال تعالى: ﴿ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرحمن عِتِيّاً﴾.
أي: ثم لنأخذنّ من كل جماعة أشدهم على الرحمن عتواً وتمرداً. يعني الأكابر فالأكابر جرماً. والجبار فالجبار.
والمعنى: نبدأ بتعذيب أعظمهم جرماً ثم الذي يليه ثم الذي يليه.
قال مجاهد: " من كل شيعة ": من كل أمة. والشيعة: الجماعة المتعاونون على الأمر: فالتقدير: لنأخذن من كل أمة تعاونت على الكفر أشدهم كفراً ثم الذي يليه.
" أيهم " رفع عند الخليل على الحكاية. أي لننزعنّ الذي يقال له من أجل عتوه أيهم أشد.
ومعناه: لننزعن من كل فرقة الأعتى فالأعتى، عذب أولاً أشدهم كفراً ثم

صفحة رقم 4571

الذي يليه.
ومذهب يونس أن " لننزعن " معلق. " وأيهم " رفع بالابتداء وليس هذا الفعل مما يجوز أن يعلق عند غيره.
ومذهب سيبويه أن " أيهم " مبنية على الضم، لأنها خالفت أخواتها في الحذف، لأنك لو قلت رأيت الذي أفضل منك، ومررت بمن أفضل منك قبح، وذلك حسن في " أيهم " فخالفت أختها بحسن حذف الصلة بعدها، فبنيت على الضم.
وقد خطيء سيبويه في هذا القول، لأن مذهبه أنه إنما أعرب " أيا " إذا انفردت من أجل أنها تضاف. فكيف يعربها من أجل أنها تضاف ويبينها وهي مضافة.
وقال الكسائي: " لننزعن " واقع على المعنى. كم تقول: لبست من الثياب، وأكلت من الطعام. فترفع " أيهم " بالابتداء.

صفحة رقم 4572
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية