آيات من القرآن الكريم

وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا
ﮞﮟﮠﮡﮢﮣ

(وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (٣٢)
في هذا النص الكريم أمران جليلان:
الأمر الأول: إيجابي وهو بر أمه، وحسن صحبتها والإحسان إليها جزاء ما قالت بسببه فقد وضعته كرها وحملته كرها، وقالت من الأذى النفس والملام وتحملت ما تحملت في سبيل ذلك حتى برأها اللَّه تعالى بكلامه هو، ومهما يكن فقد تحملت قبل أذى كثيرا، فكانت جديرة بحسن الصحبة والإحسان، وهو البَر الطاهر الكريم، بالآدمية الروحية.
الأمر الثاني: سلبي، وهو قول تعالى: (وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا)، الجبار هو الظالم المتكبر المتطاول على الناس بالحق الذي يؤذي الضعفاء ويستعلي عليهم، وقد كان من نعمة اللَّه تعالى التي أنعم اللَّه تعالى على عيسى - عليه السلام - أنه لم يجعله جبارا، وقد وصف الجبار بأنه شقي مطرود من رحمة اللَّه، وقد كتبت عليه الشقوة في الدنيا والآخرة، أما في الدنيا فهو أنه مبغض إلى الناس يتمنون به النازلات، ويتحينون له الفرض ليردوه، وهو يتوجس بنفسه من الناس وممن يحيطون به، فهو في شقاء دائم لنفرة الناس منه، فلا سعادة في نفسه وإن حسبه الناس سعيدا فهو

صفحة رقم 4635

شقي، ولذا قال: " من مشى مع ظالم فقد أجرم " (١). ثم بين الغلام الزكي أنه يعيش في سلام، ولذا قال اللَّه عنه:
________
(١) مسند الشهاب ١/ ٢٤٣ - برقم (٣٨٩).

صفحة رقم 4636
زهرة التفاسير
عرض الكتاب
المؤلف
محمد بن أحمد بن مصطفى بن أحمد المعروف بأبي زهرة
الناشر
دار الفكر العربي
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية