آيات من القرآن الكريم

فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا
ﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄ ﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓﰔﰕﰖﰗﰘﰙﰚ ﰜﰝﰞﰟﰠﰡﰢﰣ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡ ﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯ

أكلوه ويأكلون الحشرات والحيات والعقارب قال فى حياة الحيوان التنين ضرب من الحيات كاكبر ما يكون فيها وفى فمه أنياب مثل أسنة الرماح وهو طويل كالنخلة السحوق احمر العينين مثل الدم واسع الفم والجوف براق العينين يبتلع كثيرا من الحيوان يخافه حيوان البر والبحر إذا تحرك يموج البحر لشدة قوته وأول امره يكون حية متمردة تأكل من دواب البر ما ترى فاذا كثر فسادها احتملها ملك والقاها فى البحر فتفعل بدواب البحر ما كانت تفعل بدواب البر فيعظم بدنها حتى يكون رأسها كالتل العظيم فيبعث الله تعالى ملكا يحملها ويلقيها الى يأجوج ومأجوج قال فى قصص الأنبياء إذا قذفوا بها خصبوا والا قحطوا فَهَلْ [پس آيا] نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً جعلا من أموالنا اى اجرا نخرجه لك والخرج والخراج واحد كالنول والنوال او الخراج ما على الأرض والزمة والخرج المصدر او الخرج ما كان على كل على كل راس والخراج ما كان على البلد او الخرج ما تبرعت به والخراج ما لزمك أداؤه عَلى أَنْ تَجْعَلَ [بشرط آنكه بكنى] بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا حاجزا يمنعهم من الخروج والوصول إلينا قالَ ذو القرنين ما مَكَّنِّي بالإدغام وقرئ بالفك اى الذي مكننى وبالفارسية [آنچهـ دست رس داده مرا] فِيهِ رَبِّي وجعلنى فيه مكينا قادرا من الملك والمال وسائر الأسباب خَيْرٌ مما تريدون ان تبذلوه الىّ من الخراج فلا حاجة لى اليه ونحوه قول سليمان عليه السلام فَما آتانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتاكُمْ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ بفعلة وصناع يحسنون البناء والعمل وبآلات لا بد منها فى البناء أَجْعَلْ جواب الأمر بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً حاجزا حصينا وحجابا عظيما. وبالفارسية [حجابى سخت كه بعضى از ان بر بعضى مركب باشد] وهو اكبر من السد وأوثق يقال ثوب مردم اى فيه رقاع فوق رقاع وهذا اسعاف بمرامهم فوق ما يرجونه وفى التأويلات النجمية قوله تعالى آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ تفسير للقوة فيكون المراد بها ترتيب الآلات. وزبر جمع زبرة كغرف جمع غرفة وهى القطعة الكبيرة وهذا لا ينافى رد خراجهم لان المأمور به الإيتاء بالثمن والمناولة ولان إيتاء الآلة من قبيل الاعانة بالقوة دون الخراج على العمل قال فى القصص قالوا من اين لنا من الحديد ما يسع هذا العمل فدلهم على معدن الحديد والنحاس ولعل تخصيص الأمر بالايتاء بها دون سائر الآلات من الصخور ونحوها لما ان الحاجة إليها أمس إذ هى الركن فى السد قال الكاشفى [منقولست كه فرمود تا خشتها از آهن بساختند بفارغ دلى جابجا تن زدند همه روز شب خشت آهن زدند وحكم كرد تا ميان آن كوه را چهار هزار قدم بود در شصت و پنج كز عرض بكنند تا بآب رسيد] وفى القصص قاس ما بين الصدفين فوجده ثلاثة أميال وقال بعضهم حفر ما بين السدين وهو مائة فرسخ حتى بلغ الماء وجعل الأساس من الصخر والنحاس المذاب بدل الطين لها والبنيان من زبر الحديد بين كل زبرتين الحطب والفحم حَتَّى إِذا [تا چون] ساوى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ الصدف منقطع الجبل او ناحيته وبين مفعول كبين السدين اى آتوه إياها فجعل يبنى شيأ فشيأ حتى إذا جعل ما بين ناحيتى الجبلين مساويا لهما فى السمك يعنى ملأ ما بينهما الى أعلاهما وكان ارتفاعه مائتى ذراع وعرضه خمسين ذراعا ثم وضع المنافخ حوله قالَ

صفحة رقم 298

للعملة انْفُخُوا على زبر الحديد بالكير والنار حَتَّى إِذا جَعَلَهُ اى المنفوخ فيه وهو زبر الحديد ناراً كالنار فى الحرارة والهيئة واسناد الجعل المذكور الى ذى القرنين مع انه فعل الفعلة للتنبيه على انه العمدة فى ذلك وهم بمنزلة الآلة قالَ للذين يتولون امر النحاس من الاذابة ونحوها آتُونِي قطرا اى نحاسا مذابا أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً الإفراغ الصب اى اصبب على الحديد المحمى قطرا فحذف الاول لدلالة الثاني عليه واسناد الإفراغ الى نفسه للسر الذي وقفت عليه آنفا

بهر روى فرشى بر انگيختند برو روى حل كرده مى ريختند
فَمَا اسْطاعُوا بحذف تاء الافتعال تخفيفا وحذرا من تلاقى المتقاربين وقال فى برهان القرآن اختار التخفيف فى الاول لان مفعوله حرف وفعل وفاعل ومفعول فاختير فيه الحذف والثاني مفعوله اسم واحد وهو قوله نقبا انتهى والفاء فصيحة اى فعلوا ما أمروا به من إيتاء القطر فافرغ عليه فاختلط والتصق بعضه ببعض فصار جبلا صلدا اى صلبا أملس فجاء يأجوج ومأجوج فقصدوا ان يعلوه وينقبوه فما قدروا أَنْ يَظْهَرُوهُ ان يعلوه بالصعود لارتفاعه وملاسته وَمَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً اى وما قدروا ان ينقبوه ويخرقوه من أسفله لصلابته وثخانته وهذه معجزة عظيمة لان تلك الزبر الكثيرة إذا اثرت فيها حرارة النار لا يقدر الحيوان على ان يحوم حولها فضلا عن النفخ فيها الى ان تكون كالنار او عن إفراغ القطر عليها فكأنه سبحانه صرف تأثير تلك الحرارة العظيمة عن أبدان أولئك المباشرين للاعمال فكان ما كان والله على كل شىء قدير كذا فى الإرشاد أخذا عن تفسير الامام يقول الفقير ليس ببعيد ان يكون المباشرة بالنفخ والصب من بعيد بطريق من طرق الحيل ألا ترى ان نار نمرود لما كانت بحيث لا يقرب منها أحد عملوا المنجنيق فالقوا به ابراهيم عليه السلام فيها وعن رسول الله ﷺ ان رجلا أخبره به اى بالسد فقال (كيف رأيته) قال كالبرد المحبر طريقة سوداء وطريقة حمراء قال (قد رأيته) وذلك لان الطريقة الحمراء من النحاس والسوداء من الحديد قالَ ذو القرنين هذا السد رَحْمَةٌ عظيمة ونعمة جسيمة مِنْ رَبِّي على كافة العباد لا سيما على مجاهديه وفيه إيذان بانه ليس من قبيل الآثار الحاصلة بمباشرة الخلق عادة بل هو احسان الهى محض وان ظهر بمباشرتى فَإِذا جاءَ [پس چون بيايد] وَعْدُ رَبِّي مصدر بمعنى المفعول وهو يوم القيامة والمراد بمجيئه ما ينتظم مجيئه ومجيئ مباديه من خروجهم وخروج الدجال ونزول عيسى ونحو ذلك جَعَلَهُ اى السد الشار اليه مع متانته دَكَّاءَ أرضا مستوية وقرئ دكا اى مدكوكا مستويا بالأرض وكل ما انبسط بعد ارتفاع فقد اندك وفيه بيان لعظم قدرته تعالى بعد بيان سعة رحمته وَكانَ وَعْدُ رَبِّي اى وعده المعهود او كل ما وعد به حَقًّا ثابتا لا محالة واقعا البتة وفى التأويلات النجمية وفى قوله هذا الى آخر الآية دلالة على نبوته فانه اخبر عن وعد الحق وتحقيق وعده وهذا من شان الأنبياء واعجازهم انتهى وهذا آخر حكاية ذى القرنين قيل ان يأجوج ومأجوج يحقرون السد كل يوم حتى إذا كادوا يرون الشعاع قال الذي عليهم ارجعوا فستحفرون غدا ولم يستثن فيعيده الله كما كان فيأتون غدا فيجدونه كالاول فاذا أراد الله خروجهم خلق فيهم رجلا مؤمنا

صفحة رقم 299
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية