آيات من القرآن الكريم

۞ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا
ﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓﰔﰕ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚ ﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩ

لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً قال مجاهد: منكرا. وَقَالَ قَتَادَةُ: عَجَبًا، فَعِنْدَهَا قَالَ لَهُ الْخَضِرُ مُذَكِّرًا بِمَا تَقَدَّمَ مِنَ الشَّرْطِ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً يَعْنِي وَهَذَا الصَّنِيعُ فَعَلْتُهُ قَصْدًا، وَهُوَ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي اشترطت معك أن لا تُنْكِرَ عَلَيَّ فِيهَا، لِأَنَّكَ لَمْ تُحِطْ بِهَا خبرا ولها دخل هُوَ مَصْلَحَةٌ وَلَمْ تَعْلَمْهُ أَنْتَ قالَ أَيْ مُوسَى لَا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً أَيْ لَا تُضَيِّقُ عَلَيَّ ولا تشدد عَلَيَّ، وَلِهَذَا تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «كانت الأولى من موسى نسيانا».
[سورة الكهف (١٨) : الآيات ٧٤ الى ٧٦]
فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا لَقِيا غُلاماً فَقَتَلَهُ قالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً (٧٤) قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً (٧٥) قالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً (٧٦)
يَقُولُ تَعَالَى: فَانْطَلَقا أَيْ بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى إِذا لَقِيا غُلاماً فَقَتَلَهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ فِي قَرْيَةٍ مِنَ الْقُرَى، وَأَنَّهُ عَمَدَ إِلَيْهِ من بينهم، وكان أحسنهم وأجملهم وأضوأهم فقتله، وروي أَنَّهُ احْتَزَّ رَأْسَهُ، وَقِيلَ رَضَخَهُ بِحَجَرٍ، وَفِي رواية اقتلعه بِيَدِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، فَلَمَّا شَاهَدَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ هَذَا، أَنْكَرَهُ أَشَدَّ مِنَ الْأَوَّلِ، وَبَادَرَ فَقَالَ: أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً أَيْ صَغِيرَةً لَمْ تعمل الحنث ولا عملت إِثْمًا بَعْدُ فَقَتَلْتَهُ بِغَيْرِ نَفْسٍ أَيْ بِغَيْرِ مُسْتَنَدٍ لِقَتْلِهِ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً أَيْ ظَاهِرَ النَّكَارَةِ قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً فَأَكَّدَ أَيْضًا فِي التِّذْكَارِ بِالشَّرْطِ الْأَوَّلِ، فَلِهَذَا قَالَ لَهُ مُوسَى: إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها أَيْ إِنِ اعْتَرَضْتُ عَلَيْكَ بِشَيْءٍ بَعْدَ هَذِهِ الْمَرَّةِ فَلا تُصاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً أَيْ أَعْذَرْتَ إِلَيَّ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ.
قَالَ ابْنُ جرير «١» : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ حَمْزَةَ الزَّيَّاتِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ذَكَرَ أَحَدًا فَدَعَا لَهُ بَدَأَ بِنَفْسِهِ، فَقَالَ ذَاتَ يَوْمٍ: «رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى مُوسَى لَوْ لَبِثَ مَعَ صَاحِبِهِ لَأَبْصَرَ الْعَجَبَ، وَلَكِنَّهُ قَالَ: إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا».

(١) تفسير الطبري ٨/ ٢٦١.

صفحة رقم 165
تفسير القرآن العظيم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي
تحقيق
محمد حسين شمس الدين
الناشر
دار الكتب العلمية، منشورات محمد علي بيضون - بيروت
الطبعة
الأولى - 1419 ه
عدد الأجزاء
1
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية