أول لجعلنا وعلى الوجه الاول مفعول ثان قال فى القاموس الموبق كمجلس المهلك وواد فى جهنم وكل شىء حال بين الشيئين انتهى فالمعنى على الثاني بالفارسية [وادي از واديهاى دوزخ پيدا كنم ميان ايشان كه مهلكه عظيم باشد وهمه ايشانرا در ان معذب سازيم] يقول الفقير الظاهر ان المعنى على الثالث اى جعلنا بينهم برزخا يفصل أحدهما عن الآخر فلا يشفع مثل الملائكة وعيسى وعزير وتبرأ غيرهم وهو لا ينافى الاجتماع والاشتراك فى النار بمن قضى له الدخول كما لا يخفى وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ حين أمروا بالسوق إليها قال الكاشفى [وبه بيند مشركان آتش دوزخ را از چهل ساله را] فَظَنُّوا فايقنوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها مخالطوها واقعون فيها فان المخالطة إذا قويت سميت مواقعة قال الامام والأقرب انهم يرون النار من بعيد فيظنون انهم مواقعوها مع الرؤية من غير مهلة لشدة ما يسمعون من تغيظها وزفيرها كقوله تعالى إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً والمكان البعيد مسيرة خمسمائة سنة وَلَمْ يَجِدُوا عَنْها مَصْرِفاً انصرافا او مكانا ينصرفون اليه قال الكاشفى [مصرفا مكانى باز كردند بد آن يا كريز كاهى] لانها أحاطت بهم من كل جانب وَلَقَدْ صَرَّفْنا اى اقسم قسما لقد كررنا وادرنا على وجوه كثيرة من النظم فِي هذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ لمصلحتهم ومنفعتهم مِنْ كُلِّ مَثَلٍ كمثل الرجلين المذكورين ومثل الحياة الدنيا ليتذكروا ويتعظوا او من كل معنى داع الى الايمان هو كالمثل فى غرابته وحسنه قال الكاشفى [از هر مثل بر ان محتاجند از قصص گذشته كه سبب عبرت كردد ودلائل قدرت كامله كه موجب ازدياد بصيرت شود]
حق تعالى بمحض فضل عميم
در كتاب كريم وحكم قديم
آنچهـ مر جمله را بكار آيد
گفته است آنچنانكه مى آيد
وَكانَ الْإِنْسانُ جنس الإنسان بحسب جبلته أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا جدلا تمييز اى اكثر الأشياء التي يتأتى منها الجدل كالجن والملك اى جدله اكثر من جدل كل مجادل وهو هاهنا شدة الخصومة بالباطل لاقتضاء خصوصية المقام والا فالجدل لا يلزم ان يكون بالباطل قال تعالى وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ وهو من الجدل الذي هو الفتل والمجادلة الملاواة لان كلا من المجادلين يلتوى على صاحبه وفى الحديث (ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه الا أولوا الجدل) رواه ابو امامة كما فى تفسير ابى الليث قال فى التأويلات النجمية من طبيعة الإنسان المجادلة والمخاصمة وبها يقطعون الطريق على أنفسهم. فتارة مع الأنبياء يجادلون لا يقبلون بالنبوة والرسالة حتى يقاتلونهم. وتارة يجادلون فى الكتب المنزلة ويقولون ما انزل الله على بشر من شىء. وتارة يجادلون فى محاكمتها وتارة يجادلون فى متشابهاتها. وتارة يجادلون فى ناسخها ومنسوخها. وتارة يجادلون فى تفسيرها وتأويلها. وتارة يجادلون فى اسباب نزولها. وتارة يجادلون فى قراءتها. وتارة يجادلون فى قدمها وحدوثها على هذا حتى لم يفرغوا من المجادلة الى المجاهدة ومن المخاصمة الى المعاملة ومن المنازعة الى المطاوعة ومن المناظرة الى المواصلة فلهذا قال تعالى وَكانَ الْإِنْسانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا ومن هذا عالجهم بقوله قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ الآية ومن كلمات مولانا قدس سره
صفحة رقم 259
ما را چهـ از ين قصه كه كاو آمد وخر رفت
اين وقت عزيزست ازين عربده باز آي
فعلى العاقل ان يشتغل بنفسه ويترك المراء والجدل فان مرجعه هو النقيض والتمزيق للغير وهو من مقتضى السبعية وفى الحديث (لا يستكمل عبد حقيقة الايمان حتى يدع المراء وان كان محقا) فاذا لزم ترك الجدال وهو محق فكيف وهو مبطل أعاذنا الله تعالى وإياكم منه بفضله وجعلنا من المتكلمين بالخير والمعرضين عن لغو الغير قال تعالى وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً الآية وقال وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً وَما مَنَعَ النَّاسَ اى لم يمنع اهل مكة من أَنْ يُؤْمِنُوا بالله تعالى ويترك الشرك الذي هم عليه إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى وهو الرسول الكريم الداعي والقرآن العظيم الهادي وَمن ان يَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ من انواع الذنوب إِلَّا انتظار أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ اى سنة الله وعادته فى الأمم الماضية وهو الاستئصال لما كان تعنتهم مفضيا اليه جعلوا كأنهم منتظرون له أَوْ انتظار ان يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ عذاب الآخرة حال كونه قُبُلًا أنواعا جمع قبيل او عيانا لهم اى معاينا. وبالفارسية [روى با روى] قال فى الجلالين يعنى القتل يوم بدر وقال فى الاسئلة المقحمة كيف وعدهم فى هذه الآية بإحدى العقوبتين ان لم يؤمنوا ولم يفعل ذلك بمن لم يؤمنوا منهم الجواب انما وعدهم بذلك ان تركوا الايمان كلهم فقد آمن أكثرهم يوم فتح مكة وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ الى الأمم ملتبسين بحال من الأحوال إِلَّا مُبَشِّرِينَ للمؤمنين والمطيعين بالثواب والدرجات وَمُنْذِرِينَ للكافرين والعاصين بالعقاب والدركات فان طريق الوصول الى الاول والحذر عن الثاني مما لا يستقل به العقل فكان من لطف الله ورحمته ان أرسل الرسل لبيان ذلك يقول الفقير اشارة الى ان العلماء الذين هم بمنزلة أنبياء بنى إسرائيل رحمة الله من الله تعالى ايضا إذ ببيانهم يضمحل ظلم الشبه وينحل عقد الشكوك وبإرشادهم يحصل كمال الاهتداء ويتم امر السلوك وَيُجادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا اى يجادلون الرسل المبشرين والمنذرين بِالْباطِلِ [به بيهوده] حيث يقولون ما أنتم الا بشر مثلنا ولو شاء الله لانزل ملائكة ويقترحون آيات بعد ظهور المعجزات تعنتا لِيُدْحِضُوا ليزيلوا بِهِ بالجدال الْحَقَّ الذي مع الرسل عن مقره ومركزه ويبطلوه من ادحاض القدم وهو ازلاقها عن موطنها والدحض الزلق ومن بلاغات الزمخشري حجج الموحدين لا تدحض بشبه المشبه كيف يضع ما رفع ابراهم أبرهة: وفى المثنوى
هر كه بر شمع خدا آرد پفو
شمع كى ميرد بسوزد پوز او
وَاتَّخَذُوا آياتِي الدالة على الوحدة والقدرة ونحوهما وَما أُنْذِرُوا خوفوابه من العذاب هُزُواً سخرية يعنى موضع استهزاء فيكون من باب الوصف بالمصدر مبالغة وَمَنْ أَظْلَمُ استفهام على سبيل التوبيخ اى من أشد ظلما مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ اى وعظ بالقرآن الكريم فَأَعْرَضَ عَنْها لم يتدبرها ولم يتفكرها وَنَسِيَ ما قَدَّمَتْ يَداهُ من الكفر والمعاصي ولم يتفكر فى عاقبتها ولم ينظر فى ان المسيئ والمحسن لا بد لهما من جزاء ولما كان الإنسان يباشر اكثر اعماله بيديه غلب الأعمال باليدين على الأعمال التي تباشر
صفحة رقم 260