آيات من القرآن الكريم

مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ ۚ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ ۚ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا
ﯼﯽﯾﯿﰀﰁ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢ ﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮ

عِنْدَ [ذَوِي] الْعُقُولِ مِنْ إِيصَالِ النَّفْعِ لَا جَرَمَ قُدِّمَ الْإِنْذَارُ عَلَى التَّبْشِيرِ فِي اللَّفْظِ، قَالَ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» وَقُرِئَ وَيُبَشِّرَ بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّثْقِيلِ وَقَوْلُهُ: ماكِثِينَ فِيهِ أَبَداً يَعْنِي خَالِدِينَ وَهُوَ حَالٌ لِلْمُؤْمِنِينَ مِنْ قَوْلِهِ: أَنَّ لَهُمْ أَجْراً، قَالَ الْقَاضِي: الْآيَةُ دَالَّةٌ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِنَا فِي مَسَائِلَ، أَحَدُهَا: أَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ وَبَيَانُهُ مِنْ وُجُوهٍ.
الْأَوَّلُ: أَنَّهُ تَعَالَى وَصَفَهُ بِالْإِنْزَالِ وَالنُّزُولِ وَذَلِكَ مِنْ صِفَاتِ الْمُحْدَثَاتِ فَإِنَّ الْقَدِيمَ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ التَّغَيُّرُ. الثَّانِي:
وَصْفُهُ بِكَوْنِهِ كِتَابًا وَالْكَتْبُ هُوَ الْجَمْعُ وَهُوَ سُمِّيَ كِتَابًا لِكَوْنِهِ مَجْمُوعًا مِنَ الْحُرُوفِ وَالْكَلِمَاتِ وَمَا صَحَّ فِيهِ التَّرْكِيبُ وَالتَّأْلِيفُ فَهُوَ مُحْدَثٌ. الثَّالِثُ: أَنَّهُ تَعَالَى أَثْبَتَ الْحَمْدَ لِنَفْسِهِ عَلَى إِنْزَالِ الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ إِنَّمَا يُسْتَحَقُّ عَلَى النِّعْمَةِ وَالنِّعْمَةُ مُحْدَثَةٌ مَخْلُوقَةٌ. الرَّابِعُ: أَنَّهُ وَصَفَ الْكِتَابَ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْوَجٍّ وَبِأَنَّهُ مُسْتَقِيمٌ وَالْقَدِيمُ لَا يُمْكِنُ وَصْفُهُ بِذَلِكَ فَثَبَتَ أَنَّهُ مُحْدَثٌ مَخْلُوقٌ. وَثَانِيهَا: مَسْأَلَةُ خَلْقِ الْأَعْمَالِ فَإِنَّ هَذِهِ الْآيَاتِ تَدُلُّ عَلَى قَوْلِنَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ وُجُوهٍ. الْأَوَّلُ: نَفْسُ الْأَمْرِ بِالْحَمْدِ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ للعبد فعل لم ينتفع بالكتاب إذا الِانْتِفَاعُ بِهِ إِنَّمَا يَحْصُلُ إِذَا قَدَرَ عَلَى أَنْ يَفْعَلَ مَا دَلَّ الْكِتَابُ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ فِعْلُهُ وَيَتْرُكَ مَا دَلَّ الْكِتَابُ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ تَرْكُهُ وَهُوَ إِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ لَوْ كَانَ مُسْتَقِلًّا بِنَفْسِهِ، أَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ مُسْتَقِلًّا بِنَفْسِهِ لَمْ يَكُنْ لِعِوَجِ الْكِتَابِ أَثَرٌ فِي اعْوِجَاجِ فِعْلِهِ وَلَمْ يَكُنْ لِكَوْنِ الْكِتَابِ قَيِّمًا أَثَرٌ فِي اسْتِقَامَةِ فِعْلِهِ، أَمَّا إِذَا كَانَ الْعَبْدُ قَادِرًا عَلَى الْفِعْلِ مُخْتَارًا فِيهِ بَقِيَ لِعِوَجِ الْكِتَابِ وَاسْتِقَامَتِهِ أَثَرٌ فِي فِعْلِهِ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ تَعَالَى لَوْ كَانَ أَنْزَلَ بَعْضَ الْكِتَابِ لِيَكُونَ سَبَبًا لِكُفْرِ الْبَعْضِ وَأَنْزَلَ الْبَاقِيَ لِيُؤْمِنَ الْبَعْضُ الْآخَرُ فَمِنْ أَيْنَ أَنَّ الْكِتَابَ قَيِّمٌ لَا عِوَجَ فِيهِ؟ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فِيهِ عِوَجٌ لَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ. وَالثَّالِثُ:
قَوْلُهُ: لِيُنْذِرَ وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى أَرَادَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ/ إِنْذَارَ الْكُلِّ وَتَبْشِيرَ الْكُلِّ وَبِتَقْدِيرِ أَنَّهُ يَكُونُ خَالِقُ الْكُفْرِ وَالْإِيمَانِ هُوَ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَبْقَ لِلْإِنْذَارِ وَالتَّبْشِيرِ مَعْنًى لِأَنَّهُ تَعَالَى إِذَا خَلَقَ الْإِيمَانَ فِيهِ حَصَلَ شَاءَ أَوْ لَمْ يَشَأْ وَإِذَا خَلَقَ الْكُفْرَ فِيهِ حَصَلَ شَاءَ أو لم يشاء فَبَقِيَ الْإِنْذَارُ وَالتَّبْشِيرُ عَلَى الْكُفْرِ وَالْإِيمَانِ جَارِيًا مَجْرَى الْإِنْذَارِ وَالتَّبْشِيرِ عَلَى كَوْنِهِ طَوِيلًا قَصِيرًا وَأَسْوَدَ وَأَبْيَضَ مِمَّا لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَيْهِ. وَالرَّابِعُ: وَصْفُهُ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّهُمْ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ فَإِنْ كَانَ مَا وَقَعَ خَلْقَ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا عَمَلَ لَهُمُ الْبَتَّةَ. الْخَامِسُ: إِيجَابُهُ لَهُمُ الْأَجْرَ الْحَسَنَ عَلَى مَا عَمِلُوا فَإِنْ كَانَ اللَّهُ تَعَالَى يَخْلُقُ ذَلِكَ فِيهِمْ فَلَا إِيجَابَ وَلَا اسْتِحْقَاقَ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَالَ قَوْلُهُ: لِيُنْذِرَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى إِنَّمَا يَفْعَلُ أَفْعَالَهُ لِأَغْرَاضٍ صَحِيحَةٍ وَذَلِكَ يُبْطِلُ قَوْلَ مَنْ يَقُولُ إِنَّ فِعْلَهُ غَيْرُ مُعَلَّلٍ بِالْغَرَضِ، وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ قَدْ تَكَرَّرَتْ فِي هَذَا الْكِتَابِ فَلَا فائدة في الإعادة.
[سورة الكهف (١٨) : الآيات ٤ الى ٦]
وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً (٤) مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لِآبائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِباً (٥) فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً (٦)
[في قوله تعالى وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً] فِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: اعْلَمْ أَنَّ قوله تعالى: وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ [الْكَهْفِ: ٢] وَالْمَعْطُوفُ يَجِبُ كَوْنُهُ مُغَايِرًا لِلْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ فَالْأَوَّلُ عَامٌّ فِي حَقِّ كُلِّ مَنِ اسْتَحَقَّ الْعَذَابَ. وَالثَّانِي خَاصٌّ بِمَنْ أَثْبَتَ لِلَّهِ وَلَدًا، وَعَادَةُ الْقُرْآنِ جَارِيَةٌ بِأَنَّهُ إِذَا ذَكَرَ قَضِيَّةً كُلِّيَّةً عَطَفَ عَلَيْهَا بَعْضَ

صفحة رقم 424

جُزْئِيَّاتِهَا تَنْبِيهًا عَلَى كَوْنِهِ أَعْظَمَ جُزْئِيَّاتِ ذَلِكَ الْكُلِّيِّ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ [البقرة: ٩٨] فكذا هاهنا الْعَطْفُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَقْبَحَ أَنْوَاعِ الْكُفْرِ وَالْمَعْصِيَةِ إِثْبَاتُ الْوَلَدِ لِلَّهِ تَعَالَى.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الَّذِينَ أَثْبَتُوا الْوَلَدَ لِلَّهِ تَعَالَى ثَلَاثُ طَوَائِفَ. أَحَدُهَا: كُفَّارُ الْعَرَبِ الَّذِينَ قَالُوا: الْمَلَائِكَةُ بَنَاتُ اللَّهِ. وَثَانِيهَا: النَّصَارَى حَيْثُ قَالُوا: الْمَسِيحُ ابْنُ الله. وثالثها: اليهود الذين قالوا: عزيز ابْنُ اللَّهِ، وَالْكَلَامُ فِي أَنَّ إِثْبَاتَ الْوَلَدِ لِلَّهِ كُفْرٌ عَظِيمٌ وَيَلْزَمُ مِنْهُ مُحَالَاتٌ عَظِيمَةٌ قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى:
وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَناتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ [الْأَنْعَامِ: ١٠٠] وَتَمَامُهُ مَذْكُورٌ فِي سُورَةِ مَرْيَمَ، ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى أَنْكَرَ عَلَى الْقَائِلِينَ بِإِثْبَاتِ الْوَلَدِ لِلَّهِ تَعَالَى مِنْ وَجْهَيْنِ. الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ: مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لِآبائِهِمْ فَإِنْ قِيلَ اتِّخَاذُ اللَّهِ وَلَدًا مُحَالٌ فِي نَفْسِهِ فَكَيْفَ قِيلَ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ؟ قُلْنَا: انْتِفَاءُ الْعِلْمِ بِالشَّيْءِ قَدْ يَكُونُ لِلْجَهْلِ بِالطَّرِيقِ الْمُوَصِّلِ إِلَيْهِ، وَقَدْ يَكُونُ لِأَنَّهُ فِي نَفْسِهِ مُحَالٌ لَا يُمْكِنُ تَعَلُّقُ الْعِلْمِ بِهِ. وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ: وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ لَا بُرْهانَ لَهُ بِهِ [الْمُؤْمِنُونَ: ١١٧] وَاعْلَمْ أَنَّ نُفَاةَ الْقِيَاسِ تَمَسَّكُوا بِهَذِهِ الْآيَةِ فَقَالُوا: هَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَوْلَ فِي الدِّينِ بِغَيْرِ عِلْمٍ بَاطِلٌ، وَالْقَوْلُ بِالْقِيَاسِ الظَّنِّيِّ قَوْلٌ فِي الدِّينِ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَيَكُونُ بَاطِلًا وَتَمَامُ تَقْرِيرِهِ مَذْكُورٌ فِي قَوْلِهِ: وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ [الْإِسْرَاءِ: ٣٦] وَقَوْلُهُ: وَلا لِآبائِهِمْ أَيْ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَسْلَافِهِمْ، وَهَذَا مُبَالَغَةٌ فِي كَوْنِ تِلْكَ الْمَقَالَةِ بَاطِلَةً فَاسِدَةً. النَّوْعُ الثَّانِي: مِمَّا ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي إِبْطَالِهِ قَوْلُهُ: كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ وَفِيهِ مَبَاحِثُ:
الْبَحْثُ الْأَوَّلُ: قُرِئَ: كَبُرَتْ كَلِمَةً بِالنَّصْبِ عَلَى التَّمْيِيزِ وَبِالرَّفْعِ عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ، قَالَ الْوَاحِدِيُّ وَمَعْنَى التَّمْيِيزِ أَنَّكَ إِذَا قُلْتَ كَبُرَتِ الْمَقَالَةُ أَوِ الْكَلِمَةُ جَازَ أَنْ يُتَوَهَّمَ أَنَّهَا كَبُرَتْ كَذِبًا أَوْ جَهْلًا أَوِ افْتِرَاءً، فَلَمَّا قُلْتَ كَلِمَةً مَيَّزْتَهَا مِنْ مُحْتَمَلَاتِهَا فَانْتَصَبَتْ عَلَى التَّمْيِيزِ وَالتَّقْدِيرُ كَبُرَتِ الْكَلِمَةُ كَلِمَةً فَحَصَلَ فِيهِ الْإِضْمَارُ، أَمَّا مَنْ رَفَعَ فَلَمْ يُضْمِرْ شَيْئًا كَمَا تَقُولُ عَظُمَ فُلَانٌ فَلِذَلِكَ قَالَ النَّحْوِيُّونَ وَالنَّصْبُ أَقْوَى وَأَبْلَغُ، وَفِيهِ مَعْنَى التَّعَجُّبِ كَأَنَّهُ قِيلَ مَا أَكْبَرَهَا كَلِمَةً.
الْبَحْثُ الثَّانِي: قوله: كَبُرَتْ أَيْ كَبُرَتِ الْكَلِمَةُ. وَالْمُرَادُ مِنْ هَذِهِ الْكَلِمَةِ مَا حَكَاهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ فِي قَوْلِهِ: قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً فَصَارَتْ مُضْمَرَةً فِي كَبُرَتْ وَسُمِّيَتْ كَلِمَةً كَمَا يُسَمُّونَ الْقَصِيدَةَ كَلِمَةً.
الْبَحْثُ الثَّالِثُ: احْتَجَّ النَّظَّامُ فِي إِثْبَاتِ قَوْلِهِ أَنَّ الْكَلَامَ جِسْمٌ بِهَذِهِ الْآيَةِ قَالَ: أَنَّهُ تَعَالَى وَصَفَ الْكَلِمَةَ بِأَنَّهَا تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَالْخُرُوجُ عِبَارَةٌ عَنِ الْحَرَكَةِ، وَالْحَرَكَةُ لَا تَصِحُّ إِلَّا عَلَى الْأَجْسَامِ. وَالْجَوَابُ أَنَّ الْحُرُوفَ إِنَّمَا تَحْدُثُ بِسَبَبِ خُرُوجِ النَّفَسِ عَنِ الْحَلْقِ، فَلَمَّا كَانَ خُرُوجُ النَّفَسِ سَبَبًا لِحُدُوثِ الْكَلِمَةِ أُطْلِقَ لَفْظُ الْخُرُوجِ عَلَى الْكَلِمَةِ.
الْبَحْثُ الرَّابِعُ: قَوْلُهُ: تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ مُسْتَكْرَهٌ جِدًّا عِنْدَ الْعَقْلِ، كَأَنَّهُ يَقُولُ: هَذَا الَّذِي يَقُولُونَهُ لَا يَحْكُمُ بِهِ عَقْلُهُمْ وَفِكْرُهُمُ الْبَتَّةَ لِكَوْنِهِ فِي غَايَةِ الْفَسَادِ وَالْبُطْلَانِ، فَكَأَنَّهُ شَيْءٌ يَجْرِي بِهِ لِسَانُهُمْ عَلَى سَبِيلِ التَّقْلِيدِ، لِأَنَّهُمْ مَعَ أَنَّهَا قَوْلُهُمْ عُقُولُهُمْ وَفِكْرُهُمْ تَأْبَاهَا وَتَنْفِرُ عَنْهَا ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً وَمَعْنَاهُ ظَاهِرٌ، وَاعْلَمْ أَنَّ النَّاسَ قَدِ اخْتَلَفُوا فِي حَقِيقَةِ الْكَذِبِ. فَعِنْدَنَا أَنَّهُ الْخَبَرُ الَّذِي لَا يُطَابِقُ الْمُخْبَرَ عَنْهُ سَوَاءٌ اعْتَقَدَ الْمُخْبِرُ أَنَّهُ مُطَابِقٌ أَمْ لَا؟ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ قَالَ شَرْطُ كَوْنِهِ كَذِبًا أَنْ لَا يُطَابِقَ الْمُخْبَرَ عَنْهُ مَعَ عِلْمِ قَائِلِهِ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُطَابِقٍ، وَهَذَا الْقَيْدُ عِنْدَنَا بَاطِلٌ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةُ فَإِنَّهُ تَعَالَى وَصَفَ قَوْلَهُمْ بِإِثْبَاتِ الْوَلَدِ لِلَّهِ

صفحة رقم 425
مفاتيح الغيب
عرض الكتاب
المؤلف
أبو عبد الله محمد بن عمر (خطيب الري) بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
سنة النشر
1420
الطبعة
الثالثة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية