آيات من القرآن الكريم

وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا
ﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦ ﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶ ﯸﯹﯺ ﯼﯽﯾﯿﰀﰁ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢ ﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮ

المتابعة والاسوة الحسنة (وابتغ بين ذلك سبيلا) وهو اظهار الفرائض بالجماعات فى المساجد وإخفاء النوافل وحدانا فى البيوت (وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا) فيكون كمال عنايته وعواطف إحسانه مخصوصا بولده ويحرم عباده معه وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ فيكون ما نعاله من إصابة الخير الى عباده وأوليائه وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ فيكون محتاجا اليه فينعم عليه دون ما استغنى عنه بل أولياؤه الذين آمنوا وجاهدوا فى الله حق جهاده وكبروا الله وعظموه بالمحبة والطلب والعبودية وهو معنى قوله وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً انتهى [علم الهدى فرموده كه حق سبحانه دوست نكيرد تا بمدد ايشان از دل بعز رسد بلكه دوست كيرد تا بلطف وى از حضيض مذلت تا باوج عزت ترقى كند] كما قال الله تعالى اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وهذه الولاية عامة مشتركة بين جميع المؤمنين وترقيهم من الجهل الى العلم وقال تعالى أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ وهذه الولاية خاصة بالواصلين الى الله من اهل السلوك وترقيهم من العلم الى العين ومن العين الى الحق قال فى شرح الحكم العطائية ان عباد الله المخلصين قسمان قوم أقامهم الحق لخدمته وهم العباد والزهاد واهل الأعمال والأوراد وقوم خصهم بمحبته وهم اهل المحبة والوداد والصفاء واتباع المراد وكل فى خدمته وتحت طاعته وحرمته إذ كلهم قاصد وجهه ومتوجه اليه قال الله تعالى كُلًّا نُمِدُّ هؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطاءِ رَبِّكَ وهذا عام فى كل طريق وظاهر فى كل فريق وَما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً فيحجر او يحصر فى نوع واحد او صفة واحدة وقد قال يحيى بن معاذ رضى الله عنه الزاهد صيد الحق من الدنيا والعارف صيد الحق من الجنة وقال ابو يزيد البسطامي قدس سره اطلع الله سبحانه الى قلوب أوليائه فمنهم من لم يكن يصلح لحمل المعرفة فشغلهم بالعبادة: قال الحافظ

درين چمن نكنم سرزنش بخود رويى چنانكه پرورشم ميدهند ميرويم
تمت سورة الاسراء فى اوسط جمادى الاولى من سنة خمس ومائة والف
تفسير سورة الكهف
وهى مائة واحدي عشرة آية مكية وقيل الا قوله واصبر نفسك الآية بسم الله الرحمن الرحيم
الْحَمْدُ لِلَّهِ اللام للاستحقاق اى هو المستحق للمدح والثناء والشكر كله لان كل وجود شىء نعمة من نعمه فلا منعم الا هو قال القيصري رحمه الله الحمد قولى وفعلى وحالى اما القولى فحمد اللسان وثناؤه عليه بما اثنى به الحق على نفسه على لسان أنبيائه عليهم السلام واما الفعلى فهو الإتيان بالأعمال البدنية من العبادات والخيرات ابتغاء لوجه الله تعالى وتوجها الى جنابه الكريم لان الحمد كما يجب على الإنسان باللسان كذلك يجب عليه بحسب مقابلة كل عضو بل على كل عضو كالشكر وعند كل حال من الأحوال كما قال النبي عليه السلام (الحمد لله على كل حال) وذلك لا يمكن الا باستعمال كل عضو فيما خلق لاجله على الوجه المشروع عبادة للحق تعالى وانقيادا لامره لا طلبا لحظوظ النفس ومرضاتها واما الحالي فهو الذي يكون بحسب الروح والقلب كالاتصاف بالكمالات العلمية والعملية والتخلق بالأخلاق الالهية لان الناس مأمورون بالتخلق

صفحة رقم 214

بلسان الأنبياء صلوات الله عليهم لتصير الكمالات ملكة نفوسهم وذواتهم وفى الحقيقة هذا حمد الحق نفسه فى مقامه التفصيلي المسمى بالمظاهر من حيث عدم مغاير تهاله واما حمده ذاته فى مقامه الجمعى الإلهي قولا فهو ما نطق به فى كتبه وصحفه من تعريفاته نفسه بالصفات الكمالية وفعلا فهو اظهار كمالاته الجمالية والجلالية من غيبه الى شهادته ومن باطنه الى ظاهره ومن علمه الى عينه فى مجالى صفاته ومحال آيات أسمائه وحالا فهو تجلياته فى ذاته بالفيض الأقدس الاولى وظهور النور الأزلي فهو الحامد والمحمود جمعا وتفصيلا: قال المولى الجامى

آنجا كه كمال كبرياى تو بود عالم نمى از بحر عطاى تو بود
ما را چهـ حد حمد وثناى تو بود هم حمد وثناى تو سزاى تو بود
الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ محمد الذي يستأهل ان يكون عبدا مطلقا حقيقيا حرا عن جميع ما سوى الله ولذا يقول (أمتي أمتي) يوم يقول كل نبى نفسى نفسى وفيه اشعار بان شأن الرسول ان يكون عبدا للمرسل لا كما زعمت النصارى فى حق عيسى عليه السلام الْكِتابَ اى القرآن الحقيق باسم الكتاب وهو فى اللغة جمع الحروف ورتب استحقاق الحمد على انزاله تنبيها على انه من أعظم نعمائه إذ فيه سعادة الدارين وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ اى القرآن عِوَجاً [چيزى از كچى] اى شيأ من العوج بنوع اختلال فى النظم وتناف فى المعنى او عدول عن الحق الى الباطل واختار حفص عن عاصم السكت على عوجا وهو وقفة لطيفة من غير تنفس لئلا يتوهم ان ما بعده صفة له واختار السكت ايضا على مرقدنا إذ لا يحسن القطع بالكلية بين مقوليهم ولا الوصل لئلا يتوهم ان هذا اشارة الى مرقدنا فانهم قَيِّماً انتصابه بمضمر تقديره جعله قيما اى مستقيما معتدلا لا افراط فيه ولا تفريط او قيما بالمصالح الدينية والدنيوية للعباد فيكون وصفاله بالتكميل بعد وصفه بالكمال والقيم والقيوم والقيام بناء مبالغة للقائم قال الكاشفى [در تأويلات آورده كه ضمير له راجع بعبد است ومعنى آنكه نداد بنده خود را ميل بغير خود وكردانيد او را مستقيم در جميع احوال] لِيُنْذِرَ اى انزل لينذر الكتاب او محمد بما فيه الذين كفرا بَأْساً عذابا شَدِيداً صادرا مِنْ لَدُنْهُ من عنده تعالى نازلا من قبله بمقابلة كفرهم وتكذيبهم وهو اما عذاب الاستئصال فى الدنيا او عذاب النار فى العقبى او كلاهما وانما قال من لدنه لانه هو المعذب دون الغير وَيُبَشِّرَ [مژده دهد] الْمُؤْمِنِينَ المصدقين الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ اى الأعمال الصالحة وهى ما كانت لوجه الله تعالى أَنَّ لَهُمْ اى بان لهم فى مقابلة ايمانهم وأعمالهم المذكورة أَجْراً حَسَناً هو الجنة وما فيها من النعيم ماكِثِينَ حال من ضمير لهم فِيهِ اى فى ذلك الاجر أَبَداً من غير انقطاع وانتهاء وتغير حال نصب على الظرفية لما كثين وتقديم الانذار على التبشير لتقدم التخلية على التحلية وَيُنْذِرَ ايضا خاصة الَّذِينَ قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً كاليهود والنصارى وبنى مدلج من كفار العرب ما لَهُمْ بِهِ اى باتخاذه تعالى ولدا مِنْ عِلْمٍ وَلا لِآبائِهِمْ الذين قلدوهم فى ذلك يعنى لا يقتضى العلم ان يتخذ الله ولدا لاستحالته فى نفسه وانما قالوا بالجهل من غير فكر ونظر فيما يجوز على الله ويمتنع ومن علم مرفوع على

صفحة رقم 215
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية