
أسكن استخفافاً. ومعناه كمعنى قراءة من ضم. فأما من فتح الميم والثاء، فإنه جعله جمع ثمرة كخشبة وخشب.
ثم قال: ﴿فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ﴾ الآية.
أي قال: صاحب الجنتين لصاحبه، الذي لا مال له، وهو يخاطبه ﴿أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً﴾ أي: أعز عشيرة ورهطاً.
قوله: ﴿وَدَخَلَ جَنَّتَهُ﴾ إلى قوله ﴿فَلَن تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً﴾.
أي دخل هذا الذي له جنتان جنته، وهو كافر بالله [سبحانه] وبالبعث شاكاً كما في قيام الساعة، وذلك ظلمه لنفسه، فقال: ﴿مَآ أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هذه أَبَداً﴾ لما رأى جنته وحسن ما فيها من الثمار والأنهار شك في المعاد.

فقال: ما أظن أن تبيد هذه الجنة أي لا تخرب ولا تفنى.
ثم قال: ﴿وَمَآ أَظُنُّ الساعة [قَائِمَةً]﴾ شك في قيام الساعة. ثم قال: غير موقن بالبعث: ﴿وَلَئِن رُّدِدتُّ إلى رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْراً مِّنْهَا مُنْقَلَباً﴾ يقول: إن كان ثَمَّ بعثٌ فلي عند ربي خير من جنتي. لأنه لم يعطني هذا في الدنيا إلا ولي عنده أفضل منهما في المعاد إن كان ثم معاد.
وتحقيق المعنى، ولئن رددت إلى ربي، على قول صاحبي وقد أعطاني هذا في الدنيا فهو يعطيني في الآخرة أفضل من ذلك. فدل هذا على أن صاحبه المؤمن أعلمه أن ثم بعث ومجازاة. ومثله ﴿أَيْنَ شُرَكَآئِيَ﴾ [النحل: ٢٧] فأضافهما إلى نفسه، والمعنى أين شركائي على قولكم.
ثم قال: تعالى: ﴿قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ﴾.
أي قال: له صاحبه المؤمن وهو يخاطبه ﴿أَكَفَرْتَ بالذي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ﴾ يعني خلق آدم أباك من تراب ﴿ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ﴾ أي: خلقك أنت من نطفة الرجل والمرأة.
﴿ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً﴾ أي عدلك سوياً رجلاً لا امرأة، فكفرت به أن يعيدك خلقاً

جديداً بعد موتك. [﴿لكنا هُوَ الله رَبِّي﴾ أي] لكن [أنا] أقول هو الله ربي ولا أشرك بربي أحداً.
وهذا يدل على أن صاحب المال كان مشركاً إذ نفى هذا المؤمن الإشراك عن نفسه.
ثم قال: ﴿ولولا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَآءَ الله﴾ أي هلا إذ دخلت بستانك فأعجبك ما رأيت فيه قلت: ما شاء الله كان ولا قوة على ما نحاول من الطاعة إلآ بالله، قال: أبو عامر الباجي: من أكثر من قول ما شاء الله لم يصبه شيء إلا رضي به.
قال: أبو محمد [Bهـ]: وقوله المسلمين بأجمعهم ما شاء الله كان، وقبولهم لهذا القول واستمالتهم له بأدمعهم يدل / على أن ما حدث في الدنيا وما

يحدث من خير وشر فبمشيئة الله [سبحانه]، وبقدرته [ تعالى] وإرادته [تعالى] [كان] خلافاً لقول المعتزلة أن ثم أشياء كثيرة حدثت بغير مشيئة الله تعالى عن ذلك علواً كبيراً، بل كل بمشيئته وارادته يفعل ما يشاء. كما قال ﴿إِنَّ الله يَفْعَلُ مَا يَشَآءُ﴾ [الحج: ١٨] ولو حدث شيء بغير مشيئته وإرادته لكان مقهوراً مغلوباً، جل وتعالى عن ذلك.
وروى أبو هريرة عن النبي ﷺ أنه قال:
" " ألا أدلك على كلمة من كنز الجنة تحت العرش؟ قال: قلت: بلى بأبي أنت وأمي يا رسول الله. قال: [لا] قوة إلا بالله إذا قالها العبد قال: الله: " أسلم عبدي واستسلم " ".
ثم قال: [له]: ﴿إِن تَرَنِ أَنَاْ أَقَلَّ مِنكَ مَالاً وَوَلَداً﴾ أي: في الدنيا {فعسى رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ

خَيْراً مِّن جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَاناً [مِّنَ السمآء]} أي: عذاباً.
وواحد الحسبان حسبانة وهي المرامي، قال قتادة والضحاك وقال: ابن زيد الجسبان قضاء الله [ تعالى يقضيه].
والحسبان في اللغة الحساب كما قال: تعالى: ﴿الشمس والقمر بِحُسْبَانٍ﴾ [الرحمن: ٥] أي: بحساب. وتقدير الآية على هذا: أن يرسل عليها عذاب حسبان ما كسبت يداك مثل ﴿وَسْئَلِ القرية﴾ [يوسف: ٨٢].
ثم قال: ﴿فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً﴾.
أي: فتصبح أرضاً ملساء لا شيء فيها من شجر ولا غرس، ﴿زَلَقاً﴾ لا ينبت في أرضها قدم لإملاسها ودروس ما كان ثابتاً فيها.
والصعيد وجه الأرض الذي لا نبات فيه قال: قتادة ﴿صَعِيداً زَلَقاً﴾ أي قد