آيات من القرآن الكريم

وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا
ﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰ

من لم يعد أيامه لاشتغاله بالله أحصى الله أنفاسه التي لله، قال تعالى: «أَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً».
قوله جل ذكره:
[سورة الكهف (١٨) : آية ٢٧]
وَاتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتابِ رَبِّكَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً (٢٧)
تسلّ- حينما تتنوع عليك الأحوال- بما نطلعك عليه من الأخبار وإنّ كتب الأحباب فيها شفاء لأنها خطاب الأحباب للأحباب.
قوله جل ذكره: لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً أي لا تغيير لحكمه فمن أقصاه فلا قبول له، ومن أدناه فلا وصول له، ومن قبله فلا ردّ له، ومن قرّ به فلا صدّ له.
قوله جل ذكره:
[سورة الكهف (١٨) : آية ٢٨]
وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَاتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً (٢٨)
قال: «وَاصْبِرْ نَفْسَكَ» ولم يقل: «قلبك» لأن قلبه كان مع الحقّ، فأمره بصحته جهرا يجهر، واستخلص قلبه لنفسه سرّا بسرّ.
ويقال «يُرِيدُونَ وَجْهَهُ» : معناها مريدين وجهه أي فى معنى الحال، وذلك يشير إلى دوام دعائهم ربهم بالغداة والعشىّ وكون الإرادة على الدوام.
ويقال «يُرِيدُونَ وَجْهَهُ» : فآويناهم فى دنياهم بعظائمنا، وفي عقباهم بكرائمنا.
ويقال «يُرِيدُونَ وَجْهَهُ» : فكشف قناعهم، وأظهر صفتهم، وشهرهم بعد ما كان قد سترهم، وأنشدوا:

صفحة رقم 391

وكشفنا لك القناع وقلنا نعم وهتكنا لك المستورا
ويقال لما زالت التّهم سلمت لهم هذه الإرادة، وتحرروا عن إرادة كلّ مخلوق وعن محبة كل مخلوق.
ويقال لمّا تقاصر لسانهم عن سؤال هذه الجملة مراعاة منهم لهيبة الرسول صلى الله عليه وسلم، وحرمة باب الحقّ- سبحانه- أمره بقوله: «وَاصْبِرْ نَفْسَكَ» وبقوله:
وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا أي لا ترفع بصرك عنهم، ولا تقلع «١» عنهم نظرك.
ويقال لما نظروا بقلوبهم إلى الله أمر رسوله- عليه السلام- بألا يرفع بصره عنهم، وهذا جزاء فى العاجل.
والإشارة فيه كأنه قال: جعلنا نظرك اليوم إليهم ذريعة لهم إلينا، وخلفا عما يفوتهم اليوم من نظرهم إلينا، فلا تقطع اليوم عنهم نظرك فإنا لا نمنع غدا نظرهم عنّا «٢».
قوله جل ذكره: وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَاتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً هم الذين سألوا منه- صلى الله عليه وسلم- أن يخلى لهم مجلسه من الفقراء، وأن يطردهم يوم حضورهم من مجلسه- ﷺ وعلى آله.
ومعنى قوله: «أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا» : أي شغلناهم بما لا يعنيهم.
ويقال «أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا» أي شغلناهم حتى اشتغلوا بالنعمة عن شهود المنعم.
ويقال هم الذين طوّح قلوبهم فى التفرقة، فهم فى الخواطر الرّديّة مثبتون، وعن شهود مولاهم محجوبون.
(١) لا تقلع عنهم نظرك أي لا تكف وتبعد.
(٢) تهم هذه الإشارة فى تقدير مدى تصور الصوفية لشخصية محمد (ص).

صفحة رقم 392
تفسير القشيري
عرض الكتاب
المؤلف
عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك القشيري
تحقيق
إبراهيم البسيوني
الناشر
الهيئة المصرية العامة للكتاب - مصر
سنة النشر
2000
الطبعة
الثالثة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية