آيات من القرآن الكريم

قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا
ﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶ

عند قوله: ﴿دِينًا قِيَمًا﴾ [الأنعام: ١٦١]، وجميع أهل اللغة والتفسير قالوا: (هذا من التقديم والتأخير، وتقديره: أنزل على عبده الكتاب قيمًا ولم يجعل له عوجًا) (١).
٢ - وقوله تعالى: ﴿لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا﴾ قال ابن عباس: (يريد: لينذر عذابًا شديدًا) (٢) [قال الفراء: (مع البأس أسماء مضمرة يقع عليها الفعل قبل أن يقع على البأس) (٣).
يعني أن] (٤) المفعول الأول للإنذار محذوف على تقدير: لينذر الكافرين بأسًا، كما قال في ضده: ﴿وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ﴾، فأظهر (٥). وفسر الزجاج فقال: (أي لينذرهم بالعذاب البئيس) (٦).
وقوله تعالى: ﴿مِنْ لَدُنْهُ﴾ قال ابن عباس: (يريد من عنده) (٧).
وقال الزجاج:- (من قِبَلِهِ) (٨). قال: (وفي لدن لغات يقال: لدُ،

(١) "جامع البيان" ١٥/ ١٩١، و"معالم التنزيل" ٥/ ١٤٣، و"المحرر الوجيز" ٩/ ٢٢٨، و"معاني القرآن" للأخفش ٢/ ٦١٦.
(٢) ذكرته كتب التفسير بدون نسبة. انظر: "جامع البيان" ١٥/ ١٩٢، و"تفسير كتاب الله العزيز" ٣/ ٨٠، و"المحرر الوجيز" ٩/ ٢٢٨، و"زاد المسير" ٥/ ١٠٣، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٠/ ٣٥٢.
(٣) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ١٣٣.
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من نسخة (س).
(٥) انظر: "لكشاف" ٢/ ٣٧٩، و"الدر المصون" ٧/ ٤٣٧، و"البحر المحيط" ٦/ ٩٦.
(٦) "معاني القرآن" للزجاج ص ٣/ ٢٦٧.
(٧) ذكرته كتب التفسير بدون نسبة "معالم التنزيل" ٥/ ١٤٣، و"المحرر الوجيز" ٩/ ٢٢٨، و"زاد المسير" ٥/ ١٠٣.
(٨) "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٢٦٧.

صفحة رقم 520

ولَدُنْ، ولَدَى، والمعنى (١) واحد. قال: وهي لا تتمكَّن تمكُّن عند؛ لأنك تقول: هذا القول عندي صواب، ولا تقول: هو لدني صواب (٢)، وتقول (٣): عندي مال عظيم، والمال غائب عنك، ولدن لما يليك لا غير) (٤).
وقرأ عاصم في رواية أبي بكر: (من لَدُنِهِ)، بشم الدال الضمة وبكسر النون والهاء (٥). وهي لغة الكلابيين (٦).
روى أبو زيد عنهم أجمعين: (هذا من لدُنِه، فتحوا اللام وضموا الدال وكسروا النون) (٧).
قال أبو علي الفارسي: (في لدُنْ لغات: لدن مثل سبعٍ، وتخفف

(١) قوله: (المعنى) ساقط من نسخة: (س).
(٢) قوله: (ولا تقول: هو لدني صواب)، مكرر في نسخة (س).
(٣) (ويقول) في نسخة (س).
(٤) ذكره الزجاج مختصرًا في "معاني القرآن" ٣/ ٣٠٣، وأورده الأزهري في "تهذيب اللغة" (لدن) ٤/ ٣٢٥٦، والفارسي في "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ١٢٥.
(٥) انظر: "السبعة" ٣٨٨، "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ١٢٤، و"المبسوط" ٢٣٣، و"التبصرة" ٢٤٧، و"الكشف عن وجوه القراءات" ٢/ ٥٤، و"العنوان في القراءات" ١٢٢.
(٦) الكلابيون: بطن عظيم من عامر بن صعصعة من العدنانية، وهو بنو كلاب بن ربيعة ابن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن قيس بن عيلان، كانت ديارهم حمى ضرية، وهو حمى كليب، وحمى الربذة في جهات المدينة المنورة، وفدك والعوالي، ثم انتقلوا إلى الشام. انظر: "نهاية الأرب" ص ٣٦٥، و"معجم قبائل العرب" ٣/ ٩٨٩، و"التعريف في الأنساب" ص ٧٧.
(٧) "تهذيب اللغة" (لدن) ٤/ ٣٢٥٦، "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ١٢٥.

صفحة رقم 521

الدال، فإذا خففت على ضربين أحدهما: أن تحذف (١) الضمَّة من الدال فيقال: لدن. والآخر: أن تحذف الضمة من الدال وتنقل إلى اللام، فيقال: لدن، مثل: عضد، وفي كلا الوجهين يجتمع في الكلمة ساكنان: الدال المنقول عنها الحركة، والمحذوفة منها مع النون. فأما قراءة عاصم: (من لَدْنِهِ) (٢) فالكسرة في النون ليست بجر، إنما هي كسرة للتقاء الساكنين، وذلك أن الدال أسكنت كما أسكنت في سبُعٍ، والنون ساكنة، فلما التقى ساكنان كسر الثاني منهما وأشمت (٣) الدال الضمة، لتدل على أنها كانت متحركة بها، كما قالوا: أنت تَغْزُين. وقولهم: قُيل، أشمت الكسرةُ فيهما الضمة، لتدل على أن الأصل فيهما التحريك بالضم، وإن كان إشمام عاصم ليس بحركة خرجت إلى اللفظ، وإنما هو تهيئة العضو لإخراج الضمة، ولو كانت حركة لم يلتق ساكنان ولم تكسر النون لاجتماعهما) (٤). وليس يحتمل هذا الموضع من الكلام في لدن أكثر مما ذكرنا، وما بقي نذكره عند قوله: ﴿قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا﴾ [الكهف: ٧٦]، إن شاء الله.

(١) في نسخة (س): (أن تخفف)، وهو تصحيف.
(٢) من طريق شعبة عن عاصم.
انظر: "السبعة" (٣٨٨)، و"الحجة للقراء السبعة" ٥/ ١٢٤، و"التبصرة" (٢٤٧)، و"الكشف عن وجوه القراءات" ٢/ ٥٤.
(٣) الإشمام: إطباقك الشفين بعد الإسكان وتدع بينهما انفراجًا ليخرج النفس بغير صوت، وذلك إشارة للحركة التي ختصت بها الكلمة، ويكون في المرفوع والمضموم، ولا يعرف ذلك الأعمى؛ لأنه لرؤية العين. انظر: "التحديد في الإتقان والتجويد" ص ٩٨، و"البرهان في تجويد القرآن" ص ٦٦.
(٤) "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ١٢٤، و"البحر المحيط" ٦/ ٩٦، و"الدر المصون" ٧/ ٤٣٨.

صفحة رقم 522
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية