آيات من القرآن الكريم

ذَٰلِكَ جَزَاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا
ﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈ ﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔ ﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡ ﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞ ﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮ ﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽ ﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯ ﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾ ﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗ ﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧ

وآخر ما تفقدون الصلاة والمصلين قوم لا دين لهم، وإن هذا القرآن تصبحون يوما وما معكم منه شيء، فقال رجل: كيف يكون ذلك يا أبا عبد الرحمن وقد أثبتناه في قلوبنا وأثبتناه في مصاحفنا نعلمه أبناءنا ويعلمه أبناؤنا أبناءهم إلى يوم القيامة.
قال: يسري به في ليلة فيذهب بما في المصاحف ما في القلوب [فتصبح الناس كالبهائم] ثمّ قرأ عبد الله وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ الآية «١».
وروى موسى بن عبيدة عن صفوان بن سليم عن ناجية بن عبد الله بن عتبة عن أبيه عن عبد الله قال: أكثروا الطواف بالبيت قبل أن يرفع وينسى الناس مكانه وأكثروا تلاوة القرآن قبل أن يرفع؟ قالوا: هذه المصاحف يرفع فكيف بما في صدور الرجال.
قال: يسري عليه ليلا يصبحون منه فقراء [وينسون] قول لا إله إلّا الله فيتبعون في قول أهل الجاهلية وإشعارهم فذلك حين يقع عليهم القول.
وعن عبد الله بن عمرو قال: لا يقوم الساعة حتّى يرفع القرآن من حيث نزل له دوي كدوي النحل فيقول الله تعالى: ما بالك، فيقول: منك خرجت وإليك أعود أتلي ولا يعمل فيّ.
قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ لا يقدرون على ذلك.
قال السدي: لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ لأنه غير مخلوق ولو كان مخلوقا لأتوا بمثله.
وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً عونا.
نزلت هذه الآية حين قال الكفار: لو شئنا لَقُلْنا مِثْلَ هذا فأكذبهم الله تعالى وَلَقَدْ صَرَّفْنا لِلنَّاسِ إلى قوله إِلَّا كُفُوراً جحودا.
[سورة الإسراء (١٧) : الآيات ٩٠ الى ١٠٠]
وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً (٩٠) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِيراً (٩١) أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً (٩٢) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلاَّ بَشَراً رَسُولاً (٩٣) وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى إِلاَّ أَنْ قالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَراً رَسُولاً (٩٤)
قُلْ لَوْ كانَ فِي الْأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً رَسُولاً (٩٥) قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً (٩٦) وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً (٩٧) ذلِكَ جَزاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآياتِنا وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً (٩٨) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ قادِرٌ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لا رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلاَّ كُفُوراً (٩٩)
قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ وَكانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً (١٠٠)

(١) راجع تفسير القرطبي: ١٠/ ٣٢٥.

صفحة رقم 132

وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً.
عكرمة عن ابن عبّاس أن عتبة وشيبة ابني ربيعة وأبا سفيان بن حرب والنضر بن الحرث وأبا البحتري بن هشام، والأسود بن المطلب وزمعة ابن الأسود والوليد بن المغيرة وأبا جهل بن هشام وعبد الله بن أبي أمية وأمية بن خلف والعاص بن وائل ونبيها ومنبها ابني الحجاج اجتمعوا- أو من اجتمع منهم- بعد غروب الشمس عند ظهر الكعبة.
فقال بعضهم لبعض: ابعثوا إلى محمّد وكلموه وخاصموه حتّى تعذروا فيه، فبعث إليه أن أشراف قومك قد اجتمعوا لك ليكلموك فجاءهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سريعا وهو [يظن بأنه] بدا لهم في أمره بداء، وكان عليهم حريصا يحب رشدهم ويعز عليه عنتهم.
فقالوا: يا محمّد إنا قد بعثنا إليك لنعذر فيك وإنا والله لا نعلم رجلا من العرب أدخل على قومه ما أدخلت على قومك، لقد شتمت الآباء وعنّت الدين وسفهت الأحلام وشتمت الآلهة وفرقت الجماعة فما بقي أمر قبيح إلّا وقد جئته فيما بيننا [وبينك]، وإن كنت إنما جئت بهذا الحدث تطلب به مالا حظنا لك من أموالنا حتّى تكون أكثرنا مالا وإن كنت إنما تطلب الشرف فينا سوّدناك علينا، وإن كنت تريد ملكا ملكناك علينا، وإن كان هذا الذي يأتيك به رأي قد غلب عليك- فكانوا يسمون من الجن من يأتي الإنسان بالخير والشر فربما كان ذلك- بذلنا أموالنا في طلب الطب لك حتّى نبرئك منه أو نعذر فيك.
فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما بي ما تقولون، ما جئتكم بما جئتكم أطلب به أموالكم ولا الشرف فيكم ولا الملك عليكم ولكن الله بعثني إليكم رسولا وأنزل عليّ كتابا وأمرني أن أكون لكم بشيرا ونذيرا فبلغتكم رِسالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فأن تقبلوا مني ما جئتكم فهو حظكم في الدنيا والآخرة وأن تردوه عليّ أصبر لأمر الله حتّى يحكم الله بيني وبينكم» [٥٤] «١».
فقالوا: يا محمّد وإن كنت غير قابل منا ما عرضنا عليك فقد علمت إنه ليس من الناس أحد أضيق بلادا ولا أقل مالا ولا أشد عيشا منا، فسل لنا ربك الذي بعثك بما بعثك به فليسيّر عنا هذه الجبال التي قد ضيقت علينا وليبسط لنا بلادنا وليجر فيها أنهارا كأنهار الشام والعراق

(١) خلق أفعال العباد للبخاري: ٨١، وأسباب النزول للواحدي: ١٩٨.

صفحة رقم 133

وليبعث لنا من مضى من آبائنا، وليكن ممن يبعث لنا فيهم قصي بن كلاب فإنه كان شيخا صدوقا فنسألهم عما تقول أحق هو أم باطل فإن صنعت ما سألناك وصدقوك صدقناك وعرفنا به منزلتك عند الله وأنه بعثك رسولا كما تقول.
فقال لهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما بهذا بعثت إنما جئتكم من عند الله بما بعثني به فقد بلغتكم ما أرسلت به فإن تقبلوه فهو حظكم في الدنيا والآخرة، وإن تردوه عليّ أصبر لأمر الله حتّى يحكم الله بيني وبينكم» [٥٥] «١».
قالوا: فإن لم تفعل هذا فخذ لنفسك فسل ربك أن يبعث ملكا يصدقك وسله فيجعل لك تيجان وكنوزا وقصورا من ذهب وفضة ويغنيك بها عما نراك فإذن نراك تقوم بالأسواق وتلتمس المعاش كما نلتمسه.
فقال لهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: « [ما أنا بفاعل] ما أنا بالذي يسأل ربه هذا وما بعثت إليكم بهذا، ولكن الله بعثني بَشِيراً وَنَذِيراً» [٥٦].
قالوا: فأسقط السماء [عَلَيْنا كِسَفاً] كما زعمت أن ربك [إن] شاء فعل.
فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ذلك إلى الله إن شاء فعل بكم ذلك» [٥٧].
قالوا: قد بلغنا إنه إنما يعلمك هذا رجل باليمامة يقال له الرحمن، وإنّا والله لا نؤمن بالرحمن أبدا فقد أعذرنا إليك يا محمّد أما والله لا نتركك وما بلغت منا حتّى نهلكك أو تهلكنا.
وقال قائل منهم لن نؤمن لك حتّى تأتينا بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلًا.
فلما قالوا ذلك قام النبي صلّى الله عليه وسلّم، وقام معه عبد الله بن أبي أمية بن المغيرة ابن عبد الله بن عمرو بن محروم وهو ابن عمته عاتكة بنت عبد المطلب فقال له: يا محمّد عرض عليك ما عرضوا فلم تقبل منهم ثمّ سألوك لأنفسهم أمرا فليعرفوا بها منزلتك من الله فلم تفعل ذلك، ثمّ سألوك أن تعجل ما تخوفهم به من العذاب فلم تفعل، فوالله لا أومن بك أبدا حتّى تتخذ إلى السماء سلما ثمّ ترقى فيه وأنا أنظر حتّى تأتيها وتأتي بنسخة مصورة معك ونفر من الملائكة يشهدون لك أنك كما تقول، وأيم الله لو فعلت ذلك لظننت ألّا أصدقك، ثمّ انصرف وانصرف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
فقال: أبو جهل، حين قام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: يا معشر قريش إن محمّد قد أتى إلا ما ترون من عيب ديننا وشتم آلهتنا وسفه أحلامنا وسبّ آباءنا فإني أعاهد الله لأجلسنّ له عند الحجر قدر ما أطيق حمله وإذا سجد في صلاته رضخت به رأسه.

(١) تفسير الطبري: ١٥/ ٢٠٦، وتفسير الدر المنثور: ٤/ ٢٠٢.

صفحة رقم 134

وانصرف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى أهله حزينا لما فاته من متابعة قومه ولما رأى من مباعدتهم فأنزل الله تعالى وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ «١» «٢».
قال أهل الكوفة: (تَفْجُرَ) خفيفة بفتح التاء وضم الجيم، واختاره أبو حاتم لأن الينبوع واحد.
[قرأ] الباقون بالتشديد على التفعيل، واختاره أبو عبيد ولم يختلفوا في الثانية أنها مشددة لأجل الأنهار لأنها جمع، والتشديد يدل على التكثير من الأرض يعني أرض مكة يَنْبُوعاً يعني عيونا هو مفعول من نبع الماء.
أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها وسطها تَفْجِيراً [رقيقا] أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً قرأ أكثر قراء العراق: بسكون السين أي قطعة أجمع كسفه وهو جمع الكثير، مثل تمرة وتمر وسدرة وسدر.
تقول العرب: أعطني كسفة من هذا الثوب أي قطعة، ويقال: منه جاءنا ببريد كسف أي قطع خبز، وقيل: أراد جاثيا.
وفتح الباقون السين، وهو القطع أيضا جمع القليل للكسفة.
أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلًا.
قال ابن عبّاس: كفيلا. الضحاك: ضامنا. مقاتل: شهيدا.
مجاهد: جمع القبيلة أيّ بأصناف الملائكة قبيلة قبيلة.
قتادة: عيانا. الفراء: هو من قول العرب: لقيت فلانا قبلا وقبلا أي معاينة.
أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ من ذهب وأصله الزينة.
مجاهد: كنت لا أدري ما الزخرف حتّى رأيته في قراءة ابن مسعود: بيت من ذهب.
أَوْ تَرْقى تصعد فِي السَّماءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ أيّ من أجل رقيك صعودك حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ أمرنا فيه باتباعك قُلْ يا محمّد سُبْحانَ رَبِّي.
وقرأ أهل مكة والشام: قال سبحان ربي يعني محمد صلّى الله عليه وسلّم هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولًا وليس ما سألتم في طوق البشر ولا قدرة الرسل وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى إِلَّا أَنْ قالُوا أَبَعَثَ جهلا منهم أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَراً رَسُولًا وإن الأولى في محل النصب والثانية في

(١) بطوله في تفسير الطبري: ١٥/ ٢٠٦، ٢٠٥.
(٢) زاد المسير لابن الجوزي: ٥/ ٦١. [.....]

صفحة رقم 135

محل الرفع وفي الآية اختصار فتأويلها هلّا بعث الله ملكا رسولا فأجابهم الله تعالى قُلْ لَوْ كانَ فِي الْأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ مستوطنين مقيمين لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً رَسُولًا لأن الملائكة إنما تبعث إلى الملائكة ويراهم الملائكة قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إنه رسوله إليكم إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً إلى قوله أَوْلِياءَ مِنْ دُونِهِ دونهم وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ.
شيبان عن قتادة عن أنس: إن رجلا قال: يا رسول الله كيف يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة؟ فقال نبي الله صلّى الله عليه وسلّم: «إن الذي أمشاه على رجاله قادر أن يمشيه على وجهه [في النار] » [٥٨] «١».
وروى حماد بن سلمة عن علي بن يزيد عن أوس بن خالد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «يحشر الناس يوم القيامة ثلاثة أصناف: صنفا مشاة وصنفا ركبان وصنفا يمشون على وجوههم».
قيل: يا رسول الله وكيف يمشون على وجوههم؟ قال: «إن الذي أمشاهم على أقدامهم قادر على أن يمشيهم على وجوههم إنهم يتقون بوجوههم كل حدب وشوك» [٥٩] «٢».
عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا إن قيل: وكيف وصف الله عزّ وجلّ هؤلاء يأتيهم يوم القيامة عمي وصم وبكم، وقال تعالى وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ «٣» فقال: سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً وقال دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً والجواب عنه ما قال ابن عبّاس: عُمْياً لا يرون شيئا يسرهم، بُكْماً لا ينطقون بحجة، صُمًّا لا يسمعون شيئا يسرهم.
وقال الحسن: هذا حين [جاءتهم] الملائكة وحين يساقون إلى الموقف عمي العيون وزرقها سود الوجوه إلى أن يدخلوا النار.
مقاتل: هذا حين يقال لهم: اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ، فيصيرون بأجمعهم عميا بكما صما لا يرون ولا يسمعون ولا ينطقون بعد ذلك.
وقيل: عُمْياً لا يبصرون الهدى، وَبُكْماً لا ينطقون بخير، وَصُمًّا لا يسمعون الحق.
مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّما خَبَتْ قال ابن عبّاس: [سكنت] مجاهد: [طفيت] قتادة: لانت وضعفت.
زِدْناهُمْ سَعِيراً وقودا ذلِكَ جَزاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآياتِنا وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً

(١) مسند أحمد: ٣/ ٢٢٩، وصحيح ابن حبان: ١٦/ ٣١٦ ح ١٧٣٢١.
(٢) مسند أحمد: ٢/ ٣٦٣.
(٣) سورة الكهف: ٥٣.

صفحة رقم 136
الكشف والبيان عن تفسير القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي أو الثعالبي
راجعه
نظير الساعدي
الناشر
دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان
سنة النشر
1422 - 2002
الطبعة
الأولى 1422، ه - 2002 م
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية