آيات من القرآن الكريم

وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ ۚ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ۚ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا
ﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃ

قال الطبري: حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا عبد الصمد، قال: ثنا شعبة، عن أبي رجاء قال: سمعت الحسن يقول: أحاط بالناس، عصمك من الناس. ا. هـ.
ورجاله ثقات، وإسناده صحيح وعبد الصمد بن عبد الوارث بن سعيد، وأبو رجاء محمد بن سيف الأزدي.
وأخرج الطبري بسنده الصحيح عن قتادة قوله (وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس)، قال: منعك من الناس.
وأخرج آدم بن أبي إياس والطبري بالسند الصحيح عن مجاهد (أحاط بالناس) قال: فهم في قبضته.
أخرج البخاري بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما (وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس) قال: هي رؤيا عين أريها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ليلة أسري به، والشجرة الملعونة في القرآن قال: شجرة الزقوم.
(الصحيح- التفسير، ب (وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس) رقم ٤٧١٦).
وأخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة في قوله تعالى والشجرة الملعونة في القرآن، قال: الزقوم. قال: وذلك أن المشركين قالوا: يخبرنا محمد أن في النار شجرة، والنار تأكل الشجر ولا تدع منه شيئاً، فذلك فتنة لهم. ا. هـ.
قال ابن حجر بعد أن ذكر قول قتادة: وقال السهيلي الزقوم فعول من الزقم وهو اللقم الشديد وفي لغة تميمة: كل طعام يتقيأ منه يقال له زقوم، وقيل: هو كل طعام ثقيل. (فتح الباري ٨/٣٩٩).
قال الشيخ الشنقيطي: التحقيق في معنى هذه الآية الكريمة: أن جل وعلا جعل ما أراه نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الغرائب والعجائب ليلة الإسراء والمعراج فتنة للناس لأن عقول بعضهم ضاقت على قبول بعض ذلك معتقدة أنه لا يمكن أن يكون حقاً قالوا: كيف يصلي ببيت المقدس ويخترق السبع الطباق ويرى ما رأى في ليلة واحدة ويصبح في محله بمكة هذا محال فكان هذا الأمر فتنة لهم لعدم تصديقهم به واعتقادهم أنه لا يمكن وأنه جل وعلا جعل الشجرة الملعونة في القرآن التي هي شجرة الزقوم فتنة للناس لأنهم لما سمعوه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقرأ (إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم) قالوا: ظهر كذبه لأن الشجر لا ينبت في الأرض اليابسة فكيف ينبت في أصل النار فصار ذلك فتنة وبين أن هذا هو المراد من كون الشجرة المذكورة

صفحة رقم 265

فتنة لهم في قوله (أذلك خيرا نزلا أم شجرة الزقوم إنا جعلناها فتنة للظالمين إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم) الآية... أشار في موضع آخر إلى الرؤيا التي جعلها فتنة لهم وهو قوله (أفتمارونه على ما يرى ولقد رآه نزلة أخرى).
وانظر سورة آل عمران آية (١٠٢) حديث الترمذي عن ابن عباس وفيه: "لو أن قطرة من الزقوم قطرت في دار الدنيا لأفسدت على أهل الدنيا معايشهم... ".
قوله تعالى (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس قال أأسجد لمن خلقت طينا)
قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى في هذه الآية عن إبليس (أأسجد لمن خلقت طينا) يدل فيه إنكار إبليس للسجود بهمزة الإنكار على إبائه واستكباره عن السجود لمخلوق من طين وصرح بهذا الإباء والاستكبار في مواضع أخر فصرح بهما معا في سورة البقرة في قوله (إلا إبليس أبي واستكبر وكان من الكافرين) وصرح بإبائه في سورة الحجر بقوله (إلا إبليس أبي أن يكون من الساجدين) وباستكباره في سورة ص، بقوله (إلا إبليس استكبر وكان من الكافرين) وبين سبب استكباره بقوله (أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين) كما تقدم إيضاحه في سورة البقرة.
قوله تعالى (قال أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلاً)
أخرج الطبري بسنده الحسن من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله (لأحتنكن ذريته إلا قليلاً) يقول لأستولين.
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد في قوله (لأحتنكن ذريته إلا قليلاً) يعني: لأحتوين.
قال الشيخ الشنقيطي: وهذا الذي ذكر جل وعلا عن إبليس في هذه الآية من قوله (لأحتنكن ذريته) الآية، بينه أيضاً في مواضع أخر من كتابه كقوله (لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (١٦) ثُمَّ لَآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ

صفحة رقم 266
الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور
عرض الكتاب
المؤلف
حكمت بشير ياسين
الناشر
دار المآثر للنشر والتوزيع والطباعة- المدينة النبوية
سنة النشر
1420 - 1999
الطبعة
الأولى ، 1420 ه - 1999 م
عدد الأجزاء
4
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية