آيات من القرآن الكريم

وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ۚ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ ۖ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا
ﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠ

منصورًا، وكل واحد من المقتول ظلمًا ومن ولي المقتول قد تقدم ذكره في قوله: ﴿وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا﴾ (١).
وقال أبو إسحاق في قوله: ﴿إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا﴾، أي: أن المقتول إذا قتل بغير حق فهو منصور في الدنيا والآخرة؛ فأما نصرته في الدنيا فقتل قاتله، وأما في الآخرة فإجزال الثواب له وتعذيب قاتله في النار (٢).
٣٤ - قوله تعالى: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ قال الكلبي: يعني بالقيام عليه وأن يُثَمِّر مالَ اليتيم بالأرباح (٣).
وقال ابن زيد: يعني الأكل بالمعروف؛ أن تأكل معه إذا احتجت إليه، كان أُبَيّ يقول ذلك (٤).
وروى مجاهد عن ابن عباس قال: إن احتاج أكل بالمعروف، (فإذا أَيْسَر قضاه، فإن لم يوسر فلا شيء عليه (٥).
وروى الحكم عن إبراهيم قال: يأكل بالمعروف) (٦) وإن أتى على آخره (٧).
وقال قتادة: هذه الآية كانت جَهْدًا عليهم؛ لا يخالطوهم، ثم أنزل

(١) ورد الوجهان في "الحجة للقراء" ٥/ ١٠٠، بنصه تقريبًا.
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٢٣٨ بتصرف يسير لكنه مهم؛ إذ غير عبارة الزجاج: ويخلَّد قاتله النار إلى: وتعذيب قاتله في النار، هربًا من قول الوعيدية.
(٣) انظر: "تنوير المقباس" ص ٢٩٩، بنحوه، وورد بنحوه غير منسوب في "تفسير السمرقندي" ٢/ ٢٦٨.
(٤) أخرجه "الطبري" ١٥/ ٨٤، بنصه.
(٥) انظر: "تفسير الفخر الرازي" ٢٠/ ٢٠٤، بنصه.
(٦) ما بين القوسين ساقط من (أ)، (د).
(٧) لم أقف عليه.

صفحة رقم 328

الله: ﴿وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٠]، فرُخِّص لهم أن يخالطوهم (١).
فمعني ﴿بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾: الحالة التي هي أحسن؛ وهو الكف عنه، وتثميره في قول بعضهم، وفي قول آخرين: الأكل بالمعروف عند الحاجة إليه، على ما ذكرنا، وهذه الآية ذكرنا تفسيرها في أواخر سورة الأنعام (٢).
وقوله تعالى: ﴿وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ﴾ قال أهل المعاني: كل عقد يُقَدَّم للتوثق من الأمر فهو عهد (٣)، فدخل في قوله: ﴿وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ﴾ كُلّ عقد من العقود بين المسلمين؛ كعقد النكاح وعقد الشركة وعقد البيع وعقد اليمين وعقد الصلح بين المسلمين والمشركين، وكل هذا مما يجب حفظه والوفاء به وترك الخيانة فيه.
وقال أبو إسحاق: كل ما أمر الله به ونهى عنه فهو من العهد (٤).
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا﴾ ذكر صاحب النظم وغيره في هذا وجهين (٥)؛ أحدهما: أن المعنى: كان مسئولًا عنه بالجزاء، فحذف الصلة، كقوله: ﴿وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ [النحل: ٥٠]، أي: يؤمرون به، وكقوله: ﴿بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ﴾ [النمل: ٦٠]، أي: يعدلون بالله.
والثاني: أن العهد يُسأل فيقال: لم (٦) نُقِضت، تبكيتًا للناقض؛ كما

(١) أخرجه "الطبري" ١٥/ ٨٤، بنحوه من طريقين.
(٢) آية [١٥٢].
(٣) ورد نحوه في "تفسير الطوسي" ٦/ ٤٧٦.
(٤) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٢٣٨، بمعناه.
(٥) ورد بنحوه في "تفسير الجصاص" ٣/ ٢٠٣، و"الماوردي" ٣/ ٢٤٢، و"الطوسي" ٦/ ٤٧٧، انظر: "الفريد في إعراب القرآن" ٣/ ٢٧٤، و"تفسير الألوسي" ١٥/ ٧١.
(٦) في (أ)، (د): (لهم)، والمثبت من (ش)، (ع). وهو الصحيح المنسجم مع السياق.

صفحة رقم 329
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية