
﴿وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إلى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ البسط﴾ تمثيلان لمنع الشحيحِ وإسرافِ المبذِّرِ زجراً لهما عنهما وحملاً على ما بينهما من الاقتصاد [كلا طرفي قصد الأمور ذميمُ] وحيث كان قبحُ الشحِّ مقارِناً له معلوماً من أول الأمر رُوعيَ ذلك في التصوير بأقبح الصور ولمّا كان غائلةُ الإسراف في آخره بُيِّن قبحُه في أثره فقيل ﴿فَتَقْعُدَ مَلُومًا﴾ أي فتصيرَ ملوما عند الله وعند الناسِ وعند نفسك إذا احتجتَ وندِمْت على ما فعلت ﴿مَّحْسُوراً﴾ نادماً أو منقطعاً بك لا شيءَ عندك من حسَره السفرُ إذا بلغ منه وما قيل من أنَّه
صفحة رقم 168
الإسراء ٣٠ ٣٢ رُويَ عنْ جابرٌ رضيَ الله عْنهُ أنه قال بينا رسول الله ﷺ قاعدٌ إذ أتاه صبيٌّ فقال إن أمي تستكْسيك درعا فقال ﷺ من ساعة إلى ساعة فَعُد إلينا فذهب إلى أمه فقالت له قل إن أمي تستكسيك الدرعَ الذي عليك فدخل ﷺ داره ونزَع قميصه وأعطاه وقعد عُرْياناً وأذّن بلالٌ وانتظروا فلم يخرُجْ للصلاة فنزلت فيأباه أن السورة مكيةٌ خلا آياتٍ في آخرها كذا ما قيل إنه ﷺ أعطى الأقرعَ بنَ حابس مائة من الإبل وكذا عيينةَ بنَ حصنٍ الفزاريَّ فجاء عباس بن مرداس فأنشأ يقول
أتجعل نهي ونهبَ العُبَي
د بَيْنَ عُيَيْنَةَ والأَقْرَعِ | وما كان حِصْنٌ ولا حابس |
يفوقان مِرداسَ في مجمع | وما كنت دون امرئ منهما |
فقال ﷺ يا أبا بكر اقطعْ لسانه عنّي أعطه مائةً من الإبل وكانوا جميعاً من المؤلفة القلوب فنزلت صفحة رقم 169