آيات من القرآن الكريم

مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢ

لا يَجوز لَهُ أن يقول: قام بأخيك ولا قعد بأخيك إلا أن يُريد قام بِهِ غيره وقعد بِهِ.
وقوله: عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ [١٨] أي ذَلِكَ منا لِمن نريد.
وقوله: كُلًّا نُمِدُّ هؤُلاءِ أوقعت عليهما نُمد أي نُمدهم جَميعًا أي نرزق المؤمن والكافر من عطاء ربّك.
وقوله: وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا [٢٣] كقولك: أمر ربك وهي فِي قراءة عبد الله (وَأَوْصَى ربَك) وقال ابن عباس هي (وَوَصَّى) التصقت واوها. والعربُ تَقُولُ تركته يقضي أمور الناس أي يأمر فيها فينفذ أمره.
وقوله (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) معناهُ: وأوصى بالوالدين إحسانًا. والعرب تَقُولُ أوصيكَ بِهِ خيرًا، وآمرك بِهِ خيرًا. وَكَانَ معناهُ: آمرك أن تفعل بِهِ ثُمَّ تحذف (أنْ «١» ) فتوصل الخير بالوصية وبالأمر، قَالَ الشاعر:

عجبتُ من دَهْمَاء إذ تشكونا ومن أبي دهماء إذ يوصينا
خيرًا بِهَا كأننا جافونا
وقوله: (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ) فإنه ثنى «٢» لأن الوالدين قد ذكر قبله فصار الفعل عَلَى عددهما، ثُمَّ قَالَ (أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما) على الائتناف «٣» كقوله (ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا «٤» ) ثم استأنف فقال: (كَثِيرٌ مِنْهُمْ) وكذلك قوله (لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا «٥» النَّجْوَى) ثم استأنف فقال:
(الَّذِينَ ظَلَمُوا) وقد قرأها ناس كَثِير (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ) جعلت (يَبْلُغَنَّ) فعلًا لأحدهما. فكررت «٦» ب فكرت عَلَيْهِ كلاهما.
(١) يريد (أن) ومعمولها من الفعل
(٢) هى قراءة حمزة والكسائي وخلف.
(٣) كأن المراد أن يكون الكلام على تقدير فعل أي إن يبلغ أحدهما أو كلاهما كما جاء فى إعراب العكبري والمعروف أن (أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما) بدل من الضمير فى (يَبْلُغَنَّ)، وكذا ما بعده مما جعله على الائتناف هو يدل من الضمير فى الفعل قبله عند الكثير، وعند الفراء فاعل لفعل مقدر.
(٤) الآية ٧١ سورة المائدة [.....]
(٥) الآية ٣ سورة الأنبياء
(٦) يريد: عطفت. وفى ا، ش: «فكرت»

صفحة رقم 120

وقوله (فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ) قرأها عَاصِم بن أبي النجود والأعمش (أُفِّ) خفضًا بغير نون. وقرأ العوامّ (أفّ) فالذين خفضوا ونوَّنوا ذهبوا إلى أنها صوت لا يُعرف معناهُ إلا بالنطق بِهِ فخفضوه كما تُخفض الأصوات. من ذَلِكَ قول العرب: سمعت طاقٍ طاقٍ لصوت الضرب، ويقولون:
سمعت تغٍ تغٍ لصوت الضحك. والذين لَمْ ينونوا وخفضوا قالوا: أفّ عَلَى ثلاثة أحرف، وأكثر الأصوات إنما يكون عَلَى حرفين مثل صَهْ ومثل يغ ومَهْ، فذلك الَّذِي يُخفض ويُنَوَّن فِيهِ لأنه متحرك الأول. ولسنا بمضطرين إلى حركة الثاني من الأدوات وأشباهِها فيُخْفَض «١» فخفض بالنون:
وشبهت أفَّ بقولك مُدَّ ورُدَّ إذ كانت عَلَى ثلاثة أحرف. ويدل عَلَى ذَلِكَ أن بعض العرب قد رفعها فيقول أفُّ لك. ومثله قول الراجز:
سألتُها الوصلَ فقالت مِضِّ... وحَرَّكت لي رأسها بالنَغْض «٢»
كقول «٣» القائل (لا) يقولها بأضراسه. ويُقال: ما علّمك أهلك إلا (مضِّ «٤» ومِضُّ) وبعضهم:
إلا مِضّا يوقع عليها الفعل. وقد قَالَ بعضُ العرب: لا تقولن له أُفا ولا تُفّا يجعل كالاسم فيصيبه الخفض والرفع [والنصب] ثبت فِي ب والنصب «٥» بلا نون يَجوز كما قالوا رُدّ. والعربُ تَقُولُ: جعل يتأفف من ريح وجدها، معناهُ يقول: أفِّ أفِّ. وقد قَالَ الشاعر «٦» فيما نُوّن:
وقفنا فقلنا إِيهِ عَن أمّ سالِمٍ... وَمَا بال تكليم الديار البلاقع

(١) فى الأصول: «فخفض» والمناسب ما أثبت. ويريد بالأدوات نحو ليت
(٢) النغض تحريك الرأس
(٣) فى اللسان (مضض) فى نقل عبارة الفراء: «مض كقول القائل... » وهى ظاهرة.
(٤) فى ا: «مض» وفى ش، ب «إض ومض» وما أثبت من اللسان فى (مضض)
(٥) ا، ش: «إحنا» وما أثبت من اللسان فى الموضع السابق
(٦) هو هو ذو الرمة، وإيه استزادة فى الحديث وأصلها التنوين. ولذلك يقول الفراء: «فيما نون». وانظر الديوان ٣٥٦.

صفحة رقم 121
معاني القرآن للفراء
عرض الكتاب
المؤلف
أبو زكريا يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور الديلمي الفراء
تحقيق
أحمد يوسف نجاتي
الناشر
دار المصرية للتأليف والترجمة - مصر
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
ألفاظ القرآن
اللغة
العربية