آيات من القرآن الكريم

مَنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ۚ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۗ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا
ﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭ

لانه يكفى المدعى ما أهمه وتذكيره على ان الحساب والشهادة مما يتولاه الرجال- كانه قيل كفى بنفسك اليوم رجلا حسيبا- او على تأويل النفس بالشخص اخرج البيهقي عن انس رضى الله عنه عن النبي ﷺ قال الكتب كلها تحت العرش فاذا كان الموقف بعث الله تعالى ريحا فتطير بالايمان والشمائل- واخرج ابن جرير عن قتادة قال سيقرأ يومئذ من لم يكن قاريا فى الدنيا- وقال البغوي قال الحسن لقد عدل عليك من جعلك حسيب نفسك واخرج ابن المبارك عن الحسن قال كل اوتى فى عنقه قلادة فيها نسخة عملها فاذا طويت قلدها وإذا بعث نشرت له- وقيل له اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً- واخرج أصبهاني عن ابى امامة قال قال رسول الله ﷺ ان الرجل ليؤتى كتابه منشورا فيقول يا رب فاين حسنات كذا وكذا عملتها ليست فى صحيفتى فيقول محوت باغتيابك للناس-.
مَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ لها ثوابها لا ينجى اهتداؤه غيره وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها عليها عقابه لا يردى ضلاله سواه والله اعلم اخرج ابن عبد البر بسند ضعيف عن عائشة قالت سالت خديجة رسول الله ﷺ عن أولاد المشركين قال هم من ابائهم- ثم سالته بعد ذلك فقال الله اعلم بما كانوا عاملين- ثم سالته بعد ما استحكم الإسلام فنزلت وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى اى لا تحمل حاملة حمل نفس اخرى اى ثقلها من الآثام بل انما تحمل وزر نفسها وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (١٥) يبيّن الحجج ويمهد الشرائع فيلزمهم الحجة- قال الشافعي فى هذه الاية دليل على انه لا وجوب قبل البعثة بالعقل- فلا يعذب من لم يبلغه الدعوة على الشرك ولا على شيء من المعاصي وقال ابو حنيفة رحمه الله الحاكم هو الله تعالى لكن العقل قد يدرك بعض ما وجب عليه- وهو التوحيد والتنزيهات والإقرار بالنبوة بعد مشاهدة المعجزات- فهذه الأمور غير متوقفة على الشرع وإلا لزم الدور لان الشرع يتوقف عليها- فيجب على الإنسان إتيان هذه الأمور قبل بعثت الرسل ويعذب المشرك وان لم يبلغه الدعوة- ويؤيد هذا القول

صفحة رقم 421

ما فى الصحيحين عن ابى سعيد الخدري عن النبي ﷺ قال يقول الله يا آدم فيقول لبيك وسعديك والخير فى يديك- قال اخرج بعث النار- قال وما بعث النار- قال من كل الف تسعمائة وتسعة وتسعين فعنده يشيّب الصغير وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى وَلكِنَّ عَذابَ اللَّهِ شَدِيدٌ
- قالوا يا رسول الله ايّنا ذلك الواحد قال ابشروا فان منكم رجلا ومن يأجوج ومأجوج الف الحديث- وجه الاستدلال ان يأجوج ومأجوج رجال وراء السد لم يبعث فيهم رسول- فلولا التعذيب على الشرك قبل بعثة...
الرسل لما عذبت يأجوج ومأجوج- وقد ورد فى اهل الفترة ومن لم يبلغه الدعوة من الأمم أحاديث تدل على انهم يمتحنون يوم القيامة- منها ما اخرج البزار عن ثوبان ان النبي ﷺ قال إذا كان يوم القيامة جاءت اهل الجاهلية يحملون أوزارهم على ظهورهم- فيسئلهم ربهم- فيقولون «١» ربنا لم ترسل إلينا رسولا ولم يأتنا امر لك- ولو أرسلت إلينا رسولا لكنّا أطوع عبادك- فيقول لهم ربهم ارايتم ان أمرتكم بامر تطيعونى فيأخذ على ذلك مواثيقهم- فقال اعمدوا لها فادخلوها اى النار فينطلقون حتّى إذا راوها فرقوا فرجعوا فقالوا ربنا فرقنا منها فلا نستطيع ان ندخلها- فيقول ادخلوها داخرين فقال النبي ﷺ لو دخلوها أول مرة كانت عليهم بردا وسلاما- وما اخرج احمد وابن راهويه فى مسنديهما والبيهقي فى كتاب الاعتقاد وصححه عن الأسود بن سريغ رضى الله عنه ان النبي ﷺ قال اربعة يحتجون يوم القيامة رجل أصم لا يسمع شيئا- ورجل أحمق- ورجل هرم- ورجل مات فى فترة فاما الأصم فيقول رب جاء الإسلام وما اسمع شيئا- واما الأحمق فيقول يا رب جاء الإسلام والصبيان يخذفوننى بالبعر- واما الهرم فيقول لقد جاء الإسلام وما اعقل شيئا- واما الّذي مات فى فترة فيقول يا رب ما أتاني لك رسول- فاخذ مواثيقهم ليطيعنّه فيرسل إليهم ان ادخلوا النار فو الّذي نفس محمّد بيده لو دخلوها لكانت عليهم بردا وما اخرج الثلاثة ايضا من حديث ابى هريرة مرفوعا مثله غير انه كان فى آخره فمن دخلها كانت عليه بردا وسلاما- ومن لم يدخلها يسحب إليها- واخرج ابن المبارك عن مسلم بن يسار قال لى انه يبعث

(١) وفى الأصل فيقول-

صفحة رقم 422

يوم القيامة عبد كان فى الدنيا أعمى أصم ابكم كذلك لم يسمع شيئا قط ولم يبصر شيئا قط ولم يتكلم شيئا- فيقول الله تعالى ما عملت فيما وليت وفيما أمرت به فيقول اى رب والله ما جعلت لى بصرا ابصر به الناس فاقتدى بهم- وما جعلت لى سمعا فاسمع به ما أمرت به ونهيت عنه- وما جعلت لى لسانا فاتكلم بخير او بشر- وما كنت الا كالخشبة فيقول الله عز وجل تطيعنى الان فيما أمرك به قال نعم فيقول قع فى النار فيأبى فيدفع فيها- قلت على ما قالت الحنفية ان المشرك يعذب ان كان عاقلا قبل ان تبلغه الدعوة كما يدل عليه قوله تعالى إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ فانه يعم اصحاب الفترة- تحمل هذه الأحاديث على ان بعض المشركين من اهل الفترة لعلّهم يجادلون الله تعالى ويعتذرون بالجهل فيلزمهم الله تعالى الحجة بالامتحان- كما ان المشركين لما ينكرون شركهم ويقولون وَاللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ ويطلبون على أنفسهم شهودا- فحينئذ يشهد عليهم جوارحهم فيلزمهم الحجة ولله الحجة البالغة- لا ينصب نفسا شاء ان يعذبها الا عذبها- وهو عادل فيه هذا فى التوحيد- واما سائر الشرائع فالعقل غير كاف فى إدراكها- فلا تجب على الإنسان إتيانها قبل البعثة- لقوله تعالى ما كانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ- وبناء على مذهب الحنفية قال صاحب المدارك فى تفسير هذه الاية ما صح منا ان نعذب قوما عذاب استيصال فى الدنيا الا بعد ان نبعث إليهم رسولا فنلزمهم الحجة- قلت وهذا التأويل بعيد جدّا- لان قوله تعالى ما كُنَّا مُعَذِّبِينَ يدل على عموم نفى التعذيب لوقوع النكرة فى سياق النفي- ولا وجه للتخصيص بالتعذيب فى الدنيا ولا بتعذيب الاستيصال- كيف وعدم التعذيب فى الدنيا من غير إتمام الحجة يقتضى عدم التعذيب فى الاخرة بالطريق الاولى- فالاولى ان يقال ان عدم التعذيب قبل البعثة مخصوص بالمعاصي دون الشرك حيث قال الله تعالى إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ فالتقدير ما كنّا معذّبين على المعاصي حتّى نبعث رسولا يبين لهم ما يتقون- وقيل المراد بالرسول أعم من البشر والعقل فان العقل ايضا رسول من الله يدرك به الخير والشر- فما يدركه العقل ويكفى فى إدراكه من الواجبات يعذب الله العاقل عليها على عدم إتيانها-

صفحة رقم 423

(فصل) هذه الاية تدل على عدم تعذيب الصغار والمجانين وان كانوا من ذرارى المشركين حيث لم يبلغهم دعوة رسول بشرا كان او عقلا- كما يدل عليه سياق الاية حيث قال الله تعالى وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى - ومن الأحاديث ما رواه احمد بسند حسن عن خنساء بن معاوية بن مريم قال حدثنى عمى قال قلت يا رسول الله من فى الجنة قال النبي فى الجنة والشهيد فى الجنة والمولود فى الجنة والوئيد فى الجنة- وما رواه البخاري عن سمرة ابن جندب فى حديث المنام الطويل انه ﷺ مر على شيخ تحت شجرة وحوله ولدان فقال له جبرئيل هذا ابراهيم وهؤلاء أولاد المسلمين وأولاد المشركين قالوا يا رسول الله وأولاد المشركين قال نعم وأولاد المشركين- فقيل أولاد المشركين خدم اهل الجنة لما روى الطيالسي عن انس انه سئل عن أطفال المشركين فقال قال رسول الله ﷺ لم يكن لهم سيئات فيكونوا «١» من اهل النار ولم يكن لهم حسنات فيجازوا بها فيكونوا من مملوك «٢» اهل الجنة هم خدم اهل الجنة- وما اخرج ابن جرير عن سمرة قال سالنا رسول الله ﷺ عن أطفال المشركين فقال هم خدم اهل الجنة- واخرج مثله عن ابن مسعود موقوفا- فان قيل فى الصحيح ما يدل على عدم الجزم بذلك- اخرج الشيخان فى الصحيحين عن ابى هريرة عن النبي ﷺ انه سئل عن أطفال المشركين- فقال الله اعلم بما كانوا عاملين- واخرج مثله من حديث ابن عباس قلنا هذا الحكم اعنى عدم الجزم بكونهم فى الجنة الّذي دل عليه هذان «٣» الحديثان منسوخ كان قبل نزول اية الفتح الناسخة لقوله تعالى وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ- فانه ﷺ كان قبل ذلك يردّ بها على من شهد لاحد بعينه بالجنة- ورد بها على من شهدت لعثمان بن مظعون كما فى الصحيح فلما نزلت اية الفتح سرّ بها
كثيرا وشهد بعدها لجماعة بأعيانهم بالجنة- وهذا هو الجواب لحديث رواه مسلم عن عائشة قالت دعى رسول الله ﷺ الى جنازة صبى من الأنصار فقالت يا رسول الله طوبى له عصفور من عصافير الجنة لم يعمل السوء ولم يدرك فقال او غير ذلك يا عائشة ان الله خلق الجنة وخلق لها أهلا وهم فى أصلاب ابائهم وخلق النار وخلق لها أهلا وهم فى أصلاب ابائهم فان هذا الحديث يدل على التوقف فى أطفال المسلمين

(١) وفى الأصل فيكونون
(٢) وفى الأصل ملوك-
(٣) وفى الأصل هذين الحديثين-

صفحة رقم 424

ايضا وقد انعقد الإجماع على كونهم فى الجنة- نقله الامام احمد وابن ابى زيد وابو يعلى من الفراء وغيرهم ونصوص الكتاب والأحاديث صريحة فى ذلك كذا قال النووي والسيوطي- وهو الجواب عما رواه ابن حبان فى صحيحه والبزار عن ابن عباس قال قال رسول الله ﷺ لا يزال امر هذه الامة متقاربا ما لم يتكلموا فى القدر والولدان- قال ابن حبان يعنى أطفال المشركين فانا نحمل هذا الحديث ايضا على كونه قبل اية الفتح وقبل ان يعلم رسول الله ﷺ كونهم فى الجنة- فان قيل بعض الأحاديث يدل على كون أطفال المشركين فى النار- منها ما اخرج ابو يعلى عن البراء رضى الله عنه قال سئل رسول الله ﷺ عن أطفال المسلمين فقال هم مع ابائهم وسئل عن أطفال المشركين فقال هم مع ابائهم- وما روى ابو داؤد عن عائشة قالت قلت يا رسول الله ذرارى المؤمنين قال من ابائهم فقلت يا رسول الله بلا عمل قال الله اعلم بما كانوا عاملين- قلت فذرارى المشركين قال من ابائهم قلت بلا عمل قال الله اعلم بما كانوا يعملون- واخرج احمد عن عائشة بسند ضعيف جدا انها ذكرت لرسول الله ﷺ أطفال المشركين فقال ان شئت أسمعتك تصاعدهم فى النار- واخرج عبد الله بن احمد فى زوائد المسند بسند فيه مجهول وانقطاع وابن ابى حاتم فى السنة عن علىّ قال سألت خديجة رسول الله ﷺ عن ولدين ماتا فى الجاهلية فقال هما فى النار فلما راى الكراهية فى وجهها قال لها ولو رايت مكانهما لابغضتهما قالت فولدى منك قال ان المؤمنين وأولادهم فى الجنة وان المشركين وأولادهم فى النار- ثم تلا وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ- واخرج ابو داؤد عن ابن مسعود بسند حسن قال قال رسول الله ﷺ الوائدة والموءودة فى النار- واخرج ايضا بسند حسن عن سلمة بن قيس الأشجعي قال أتيت انا وأخي النبي ﷺ فقلنا ان امّنا ماتت فى الجاهلية وكانت تقرى الضيف وتصل الرحم وانها وادت اختالها فى الجاهلية لم تبلغ فقال الوائدة والموءودة فى النار الا ان تدرك الوائدة

صفحة رقم 425

الإسلام فتسلم- قلنا اما الموءودة الواردة فى الحديث فالمراد بها الموءودة لها يعنى الام- والوائدة هى القابلة دفعا للتعارض- واما الأحاديث المذكورة فى كون أطفال المشركين فى النار فليس شيء منها يقوى قوة الأحاديث المتقدمة فسقطت بالأحاديث الصحيحة فضلا عن مصادمة القران- والقول يكون تلك الأحاديث منسوخة لا يجوز لان الاخبار لا يحتمل النسخ- اللهم الا ان يقال ان الله رفع عنهم العذاب بعد ما كتب عليهم بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم- يدل عليه حديث ابن ابى شيبة عن انس قال قال رسول الله ﷺ سالت ربى اللاهين من ذرية البشر ان لا يعذبهم فاعطانيهم- قال ابن عبد البر هم الأطفال لان أعمالهم كاللهو واللعب من غير عقل ولا عزم- قال السيوطي اختلف الناس قديما وحديثا فى أطفال المشركين على اقوال أحدها انهم فى النار للاحاديث المذكورة الّتي دلت على ذلك لكنها ضعيفة لا تقوم بها حجة- والثاني انهم فى الجنة والثالث انهم خدم اهل الجنة- (قلت لا تعارض بين هذين القولين فان خدم اهل الجنة فى الجنة) والرابع انهم فى مشية الله لا يحكم عليهم وهذا ما نقل عن الحمادين وابن المبارك وابن راهويه والشافعي ونقله النسفي عن ابى حنيفة (قلت ومبنى هذا القول على الاحتياط والصحيح ان هذا الحكم منسوخ كما ذكرنا) والخامس انهم يمتحنون فى الاخرة كما يمتحن اصحاب الفترة- لما اخرج البزار وابو يعلى عن انس قال قال رسول الله ﷺ يؤتى باربعة يوم القيامة بالمولود والمعتوه ومن مات فى الفترة والشيخ الفاني كلهم يتكلم بحجته فيقول الرب تبارك وتعالى لعنق من النار أبرز ويقول انى كنت ابعث الى عبادى رسلا من أنفسهم وانى رسول نفسى إليكم ادخلوا هذه فيقول من كتب عليه الشقاء يا رب اندخلها ومنها كنا نفر ومن كتب عليه السعادة يمضى فيقتحم فيها مسرعا فيقول الله تعالى أنتم كنتم لرسلى أشد تكذيبا ومعصية فيدخل هؤلاء الى الجنة وهؤلاء الى
النار- واخرج البزار ومحمّد بن يحيى الذهبي عن ابى سعيد الخدري قال قال رسول الله ﷺ يحتج الهالك فى الفترة والمعتوه

صفحة رقم 426

والمولود يقول الهالك فى الفترة رب لم يأتينى كتاب ويقول المعتوه رب لم تجعل لى عقلا اعقل به خيرا ولا شرا ويقول المولود رب لم أدرك العقل فترتفع لهم نار فيقول ردوها فيردها من كان فى علم الله سعيدا لو أدرك العمل ويمسك عنها من كان فى علم الله شقيّا لو أدرك العمل فيقول إياي عصيتم فكيف لو رسلى أتتكم- واخرج الطبراني وابو نعيم عن معاذ بن جبل عن النبي ﷺ قال يؤتى يوم القيامة بالممسوح عقلا وبالهالك فترة وبالهالك صغيرا فيقول الممسوح عقلا رب لو أتيتني عقلا ما كان من أتيته عقلا بأسعد منى وذكر فى الهالك فى الفترة والصغير نحو ذلك فيقول الرب تبارك وتعالى انى أمركم بامرى فتطيعونى فيقولون نعم فيقول اذهبوا فادخلوا النار- قال لو دخلوها ما ضرتهم فيخرج عليهم فرائض فيظنون انها قد أهلك ما خلق الله من شيء فيرجعون سراعا ثم يأمر الثانية فيرجعون ذلك فيقول الرب تعالى قبل ان خلقتكم علمت ما أنتم عاملون- قلت وهذا القول الخامس لا يلائم ضروريات الدين قال رسول الله ﷺ رفع القلم عن ثلاثة عن المجنون المغلوب على عقله حتّى يبرا- وعن النائم حتّى يستيقظ- وعن الصبى حتّى يكبر رواه احمد وابو داود والحاكم عن عائشة بسند صحيح وعن على وعمر بسند صحيح- وفى لفظ اخر رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتّى يستيقظ وعن المبتلى حتّى يبرا وعن الصبى حتّى يكبر رواه احمد وابو داؤد والنسائي وابن ماجة والحاكم عن عائشة بسند صحيح- وقد ثبت بالحديث انه من همّ بسيئة لا يؤاخذ بها ما لم يعملها- فكيف بمن لم يهمّ بها ولم يعقلها- وقال الله تعالى لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها
وقال الله تعالى لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ-... وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى - واجمع الامة على ان مناط التكليف العقل والبلوغ- فلعل لفظ المولود والمجنون فى هذه الأحاديث من وهم الرواة او المولود والمجنون يمتثلون امر الله ويدخلون النار عند الامتحان فينجون بخلاف المشركين من اهل الفترة- قال السيوطي وقيل فى أطفال المشركين انهم يكونون فى برزخ بين الجنة والنار- وقيل يصيرون ترابا- ولا دليل على ذلك واما أولاد المسلمين فلم يجر فيهم خلاف بل الإجماع انهم فى الجنة والله اعلم.

صفحة رقم 427
التفسير المظهري
عرض الكتاب
المؤلف
القاضي مولوي محمد ثناء الله الهندي الفاني فتي النقشبندى الحنفي العثماني المظهري
تحقيق
غلام نبي تونسي
الناشر
مكتبة الرشدية - الباكستان
سنة النشر
1412
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية