
٣- ذهب بعض المتأخرين من النحاة الى قياس إذا الظرفية على إذ في إلحاق التنوين بها و «إذا» ذا حذفت الجملة التي تضاف هي إليها عوض عنها التنوين كقوله تعالى «وإذا لآتيناهم» و «إذا لأمسكتم» و «إذا لأذقناك» و «إذا لا يلبثون» و «إنكم إذا لمن المقربين» قالوا وليست إذا في هذه الأمثلة الناصبة للمضارع لأن تلك تختص به ولذا عملت فيه ولا يعمل إلا ما يختص وهذه لا تختص به بل تدخل على الماضي وعلى الاسم وممن ذكر هذا الكافجي وأبو حيان في تذكرته والزركشي في البرهان وما نحسبه بعيدا قالوا «وتقول لمن قال أنا آتيك إذا أكرمك» بالرفع على معنى إذا أتيتني أكرمتك فحذف أتيتني وعوض التنوين من الجملة فسقطت الألف لالتقاء الساكنين.
[سورة الإسراء (١٧) : الآيات ١٠١ الى ١٠٤]
وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ فَسْئَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ إِذْ جاءَهُمْ فَقالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا مُوسى مَسْحُوراً (١٠١) قالَ لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلاَّ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ بَصائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً (١٠٢) فَأَرادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْناهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعاً (١٠٣) وَقُلْنا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنا بِكُمْ لَفِيفاً (١٠٤)

اللغة:
(بَصائِرَ) : عبر وبينات جمع بصيرة قال قس بن ساعدة الإيادي:
في الذاهبين الأولين | من القرون لنا بصائر |
ورأوا عليك ومنك في المهد النهى ذات البصائر (مَثْبُوراً) هالكا أو مصروفا عن الخير وفي المصباح: «وثبر الله الكافر ثبورا من باب قعد أهلكه وثبر هو يتعدى ويلزم».
(لَفِيفاً) : قيل هو مصدر لف يلف لفيفا نحو النذير والنكير من لف الشيء يلفه لفا والألف المتداني الفخذين أو عظيم البطن وقيل هو اسم جمع لا واحد له من لفظه والمعنى جئنا بكم جميعا.
الإعراب:
(وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ) الواو استئنافية واللام جواب للقسم المحذوف وقد حرف تحقيق وآتينا فعل وفاعل وموسى مفعول به أول وتسع آيات مفعول به ثان وبينات صفة للعدد فهي منصوبة أو صفة للمعدود فهي مجرورة وقد تقدم ذكر هذه الآيات وما فيها من خلاف ونوجزها هنا في رواية ابن عباس قال: هي العصا واليد والجراد والقمل والضفادع والدم والحجر والبحر والطور الذي نتقه على بني إسرائيل وعن الحسن صفحة رقم 510

هي الطوفان والسنون ونقص الثمرات مكان الحجر والبحر والطور وقيل غير ذلك ممالا علاقه له بكتابنا هذا. (فَسْئَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ إِذْ جاءَهُمْ فَقالَ لَهُ فِرْعَوْنُ: إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا مُوسى مَسْحُوراً) الفاء الفصيحة إذا كان الخطاب لمحمد ﷺ وقيل الخطاب لموسى فتكون عاطفة على قول محذوف أي فقلنا له اسأل بني إسرائيل أي اسأل فرعون، وبني إسرائيل مفعول ثان وإذ ظرف لما مضى متعلق بآتينا على الأول وبالقول المقدر على الثاني وجملة جاءهم مضافة إليها الظرف فقال له عطف على مقدر أي إذ جاءهم وبلغهم الرسالة، فقال له فرعون فعل وفاعل وله متعلقان بقال، وإني ان واسمها واللام المزحلقة وأظنك فعل مضارع وفاعل مستتر تقديره أنا ومفعول به ويا موسى يا حرف نداء وموسى منادى مفرد علم ومسحورا مفعول به ثان أي سحرت فخولط عقلك واختل كلامك. (قالَ لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ بَصائِرَ) قال فعل ماض وفاعله مستتر أي موسى واللام جواب للقسم المحذوف وعلمت فعل وفاعل وما نافية وأنزل فعل ماض وهؤلاء مفعول به أي الآيات التي جئت بها وإلا أداة حصر ورب السموات والأرض فاعل وبصائر حال أي أنزلها بصائر وإنما احتجنا الى هذا التقدير لأن ما بعد إلا لا يكون معمولا لما قبلها وأجازه بعضهم فهي حال من هؤلاء. (وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً) الواو عاطفة وان واسمها واللام المزحلقة وجملة أظنك خبر إن ويا فرعون نداء ومثبورا مفعول ثان لأظنك. (فَأَرادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ) الفاء عاطفة وأراد فعل وفاعل مستتر أي فرعون وأن وما في حيزها مصدر مؤول مفعول أراد ومن الأرض متعلقان بيستفزهم. (فَأَغْرَقْناهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعاً) الفاء عاطفة وأغرقناه فعل وفاعل ومفعول به ومن الواو واو المعية ومن مفعول معه ويجوز عطفه على الهاء وسيأتي تفصيل ذلك في باب الفوائد ومعه
صفحة رقم 511
ظرف مكان صلة من وجميعا حال. (وَقُلْنا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرائِيلَ) وقلنا عطف على ما تقدم ومن بعده حال ولبني إسرائيل متعلقان بقلنا.
(اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنا بِكُمْ لَفِيفاً) جملة اسكنوا مقول القول والأرض مفعول به على السعة وقد تقدم تفصيل ذلك فإذا الفاء عاطفة وإذا ظرف مستقبل وجاء وعد الآخرة فعل وفاعل وجملة جئنا لا محل لها وبكم متعلقان بجئنا ولفيفا حال.
الفوائد:
حالات المفعول معه:
للمفعول معه خمس حالات:
١- وجوب العطف نحو: كل رجل وعمله ونحو اشترك زيد وعمرو لأن الاشتراك لا يتأتى الا من اثنين.
٢- ترجيح العطف نحو: جاء زيد وعمرو، لأنه الأصل.
٣- وجوب المفعول معه نحو: مالك وزيدا، لامتناع العطف، ونحو: مات زيد وطلوع الشمس لأن العطف يقتضي التشريك وهو باطل هنا.
٤- ترجيح المفعول معه نحو قوله:
فكونوا أنتم وبني أبيكم | مكان الكليتين من الطحال |