
﴿قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي﴾ التي لا تنفذ ولا تبيد. ﴿إِذًا لأمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإنْفَاقِ﴾ أي: خشية أن ينفد ما تنفقون منه، مع أنه من المحال أن تنفد خزائن الله، ولكن الإنسان مطبوع على الشح والبخل.
-[٤٦٨]-
﴿١٠١-١٠٤﴾ ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لأظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا * قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلاءِ إِلا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لأظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا * فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الأرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا * وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الأرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا﴾.
أي: لست أيها الرسول المؤيد بالآيات، أول رسول كذبه الناس، فلقد أرسلنا قبلك موسى ابن عمران الكليم، إلى فرعون وقومه، وآتيناه ﴿تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ﴾ كل واحدة منها تكفي لمن قصده اتباع الحق، كالحية، والعصا، والطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم، والرجز، وفلق البحر.
فإن شككت في شيء من ذلك ﴿فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ﴾ مع هذه الآيات ﴿إِنِّي لأظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا﴾.
فـ ﴿قَالَ﴾ له موسى ﴿لَقَدْ عَلِمْتَ﴾ يا فرعون ﴿مَا أَنزلَ هَؤُلاءِ﴾ الآيات ﴿إِلا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ بَصَائِرَ﴾ منه لعباده، فليس قولك هذا بالحقيقة، وإنما قلت ذلك ترويجًا على قومك، واستخفافًا لهم.
﴿وَإِنِّي لأظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا﴾ أي: ممقوتًا، ملقى في العذاب، لك الويل والذم واللعنة.
﴿فَأَرَادَ﴾ فرعون ﴿أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الأرْضِ﴾ أن: يجليهم ويخرجهم منها. ﴿فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا﴾ وأورثنا بني إسرائيل أرضهم وديارهم.
ولهذا قال: ﴿وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الأرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا﴾ أي: جميعًا ليجازى كل عامل بعمله.